الضفادع.. وجبة الفرنسيين الشهية التي يصعب التزود بها

الفرنسيون يلتهمون ما يقرب من أربعة آلاف طن من أرجل الضفادع سنويا وهو يُستهلك تقليديا في المناطق التي تنتشر فيها البرك والمستنقعات.
الاثنين 2020/10/12
لذيذة عند شعوب مقززة عند آخرين

بيارلات (فرنسا)- يزوّد باتريس فرنسوا الرائد في تربية الضفادع في فرنسا، موائد كثيرة حول البلاد، لكن رغم وجود مئة ألف من هذه الحيوانات في مزرعته جنوب شرق فرنسا، يواجه أصحاب المطاعم صعوبة في التزود بما يكفي من الضفادع المستخدمة كمصدر غذائي محبب في البلاد.

ويوضح رئيس شركة “فرنسوا برودوكسيون”، “ثمة حفنة من مزارع تربية (الضفادع) في فرنسا”، وذلك وسط العشرات من الأحواض التي تعج بالضفادع تحت 2500 متر مربع من الخيم الزراعية في أجواء حارة.

ويقول الرجل الخمسيني الذي أقام هذا الموقع الفرنسي الأول سنة 2010 في بيارلات بمنطقة دوم “بدأنا نحقق نتائج جيدة لكني لا أعتاش من ذلك”. وهو يبيع أيضا الأسماك في منطقة لوار على بعد 300 كيلومتر من مزرعة الضفادع هذه.

وقد حذا قليل من المبادرين المقدامين حذوه في هذا النشاط مذاك في فرنسا. وهو يقول “99 في المئة من الضفادع المستهلكة في فرنسا مصدرها بلدان شرق أوروبا أو تركيا لطازجة منها، ومن آسيا لتلك المجلّدة”.

ويلتهم الفرنسيون ما يقرب من أربعة آلاف طن من أرجل الضفادع سنويا، وفق أرقام نشرتها وكالة سلامة الغذاء (أنسيس) سنة 2017.

كشفت السجلات التاريخية أن أقدام الضفادع كانت من الأغذية الشائعة جنوب الصين في وقت مبكر من القرن الأول الميلادي، ومن المعروف أنها كانت وجبة رئيسية لشعوب الأزتيك في الأميركيتين، لكن لم يذكرهم كتاب “أدب الطهي” الذي تركه الرومان، أو ضمن الكتب الأوروبية حتى مطلع القرن الثاني عشر، إلا أنهم ظهروا في سجلات الكنيسة الكاثوليكية بفرنسا.

الضفادع مصدر غذائي محبب في فرنسا
الضفادع مصدر غذائي محبب في فرنسا

وعن تناول الفرنسيين للضفادع،  تناولت صحيفة “الغارديان” البريطانية في وقت سابق، قصة قديمة، بأن الرهبان هناك أصيبوا بالسمنة، فأمرتهم الكنيسة بألا يأكلوا اللحوم في عدد معين من أيام السنة، فلجأوا إلى الضفادع وأدرجوها في قائمة الأسماك، واستثنوها من اللحوم، لتنتقل إلى الفلاحين الفرنسيين المتدينين الذين عانوا من الجوع، ليتم الإعلان عن ميلاد طبق وطني تشتهر به فرنسا.

وصُنفت الضفادع أجناسا محمية منذ 2007، ويُمنع سحب أي كميات منها من الطبيعة لغايات تجارية. ويشير مسؤولو الصيد والحياة البرية في فرنسا إلى أنهم لا يمنعون السكان من الحصول على وجبة شهية من الضفادع يبلغ متوسط عدد الضفادع فيها 30 ضفدعاً، غير أن أي شخص يرغب باصطياد 500 ضفدع، على سبيل المثال، يقع تحت طائلة العقاب، ويتعرض لغرامة مالية كبيرة.

ومن بين المؤسسات التي نجح باتريس فرنسوا في استقطابها أخيرا، مطعم بوكوز العريق الحائز على نجمتين في دليل ميشلان الشهير للمطاعم، في منطقة كولون أو مون دور قرب ليون، والذي بات يستعين بضفادع من مزرعته لاستخدامها في أطباق مقدمة ضمن قائمة الطعام لموسم الخريف.

ويقول المربي مفاخرا “هم الذين اتصلوا بي، في بادرة تقدير لطيفة”. ويشيد جيل راينهارت الذي يعمل طاهيا في مطعم بوكوز منذ 22 عاما، بهذا الخيار قائلا “قبلا، وبسبب عدم توافر بدائل، كنا نتزود من الخارج. لكن هذه الضفادع الفرنسية الطازجة للغاية أمر مختلف تماما. الزبائن يعشقونها”.

ويصف هذه الضفادع المحلية قائلا “جلدها أرق بكثير، والضفادع أكثر سماكة وتماسكا كما أنها مقرمشة مع حفاظها على سلاسة الطعم”.

ويوضح الطاهي أن شركة “فرنسوا برودوكسيون تزودنا بمئتي قطعة مرتين أسبوعين، أي 400 رجل ضفدع. كلها تباع رغم الوضع الحالي خلال (جائحة) كورونا والغياب شبه التام للزوار الأجانب”.

وفي المزرعة، كل مرحلة لها “أحواضها” الخاصة.. من التكاثر إلى فقس البيض مرورا بكل مراحل التحوّل الطبيعي التي تستمر سنة تقريبا حتى تصبح بالغة بوزن يراوح بين 50 غرام و100 قبل أن ينتهي بها المطاف في أطباق الفرنسيين.

ويوضح فرنسوا “نتحكم بكل السلسلة، من التكاثر إلى مرحلة القضاء عليها بعد تخديرها على البارد وتقطيعها وتوزيعها”. ويشير إلى أن ”هدفنا يكمن في أن تكون لدينا أحواض بأكبر قدر ممكن من التجانس تفاديا لافتراس الحيوانات الكبيرة لتلك الصغيرة”.

وتبيع المزرعة أيضا أرجل ضفادع طازجة للأفراد. ويشير المربي البالغ 56 عاما إلى أن “الضفادع البرية تقتات على الطرائد الحية والحشرات وكل ما يتحرك” أمامها. ويحصل التزاوج في أحواض التكاثر بين ديسمبر وأغسطس، مع موسم ذروة في الربيع.

ويغطي الذكر الأنثى لتحفيز الإباضة. وعندما تخرج الأنثى ما بين ألف بيضة و1500، يطلق الذكر بذرته للتخصيب. وتسجل هذه الإباضة الخارجية نجاحا متفاوتا، “من 0 في المئة إلى 100 في المئة” وفق المربي.

ويقول فرنسوا “لدينا، من أصل مليون بيضة، 100 ألف تتحول إلى ضفادع، أي ما نسبته 10 في المئة. أما في الطبيعة، نسبة الضفادع التي تصمد هي 2 من كل ألف، إذ تقع البقية ضحية افتراس حيوانات أخرى”.

هذا الحيوان البرمائي يشكّل أحد رموز المطعم الفرنسي، وهو يُستهلك تقليديا في المناطق التي تنتشر فيها البرك والمستنقعات. غير أن محبي تناول الضفادع في البلاد ينتشرون على رقعة أوسع بكثير.

20