الشهرة على إنستغرام منجم ذهب لأصحابها

تغير مفهوم المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي في تونس كما تغيرت طبيعتهم، فقبل عشر سنوات كان المعارضون السياسيون والمثقفون هم من يكتسبون شهرة في الفضاء الافتراضي أما اليوم فأصبح هذا الفضاء ملكا لآخرين يغيب الخوض في الشأن العام وفي المسائل الجدية من حساباتهم وتحل محله الدعاية والتسويق لمنتجات وماركات تجارية خاصة على شبكة إنستغرام في تطور لافت لكيفية التعامل مع الشبكات الاجتماعية وجعل النشاط الافتراضي مصدر رزق ومهنة.
تونس - جعلت البعض من الشابات التونسيات من التسويق التجاري عبر منصة إنستغرام مصدر رزق أساسيا ليتحول هذا النشاط مع تطوره إلى مهنة بالنسبة لهن خاصة بعد التعاقد مع كبرى الشركات والعلامات التجارية بهدف الدعاية لمنتجاتها مستفيدات من رصيدهن الضخم من المتابعين الأوفياء على شبكة تشارك الصور الأشهر حاليا.
وتعمل الانستغرامر(مستخدمة شبكة إنستغرام) على لفت انتباه العلامات التجارية إليها بتقديم ضمانات للربح التجاري من منطلق مدى قدرة الشابة على إقناع متابعيها باستهلاك منتجات تلك الشركة أو العلامة من العطور ومواد التجميل والملابس أو زيارة فندق أو مطعم أو ومقهى بعد مشاركة صور أو فيديوهات بشأنها مع المتابعين.
ويوفر هذا النشاط المال لممتهنيه إذ لا يحتاج سوى إلى امتلاك هاتف ذكي وعدد مهم من المتابعين إلى جانب جمال الوجه وفصاحة اللسان لجذب الجمهور.
وتقول الخبيرة في التسويق الرقمي آمنة القروي، في تصريح لـ”العرب”، “إن منصة إنستغرام عبارة عن معرض مصغر للسوق يحتوي على كل أنواع المنتجات لكن تغلب عليه المظاهر مما يتطلب بائعة أنيقة جدا تجذب إليها الناس”.
وتضيف أن المتابعين الافتراضيين يعمدون إلى تقليد الانستغرامر في المظهر وأسلوب الحياة، إذ يصل التأثر في بعض الأحيان إلى امتلاك قط جميل تقليدا وتشبها بإحدى الشخصيات المؤثرة على إنستغرام.
وجلب الظهور اليومي للبعض من مستخدمات إنستغرام وعرضهن لتفاصيل حياتهن اليومية شهرة، تتجاوز في البعض من الحالات النطاق المحلي لتكون شهرة إقليمية، حيث تلتقي رائدات الإنستغرام بالمتابعين والمعجبين في الفضاءات العامة في تونس.
وتنقل الشابات المؤثرات على إنستغرام أحداث حياتهن العادية حتى التي لا علاقة لها بالدعاية التجارية في محاولة منهن لترسيخ الروابط مع متابعيهن ما يمتن علاقة الصداقة بينهم.
وتشير القروي إلى أن النشاط على إنستغرام تحول إلى مهنة بفعل تطور منصة مشاركة الصور وعدد مستخدميها مما سهل عملية بيع كل شيء يعرض.
البعض يربط مفهوم الثراء بإنستغرام إذ يستعرض المستخدمون مظاهر الترف على حساباتهم من بينها مشاركة لحظات السفر وأغلى الملابس والمنتجات وارتياد الأماكن الفاخرة
وتؤكد أيضا أن الانستغرامر تشتغل في البداية على التسويق لنفسها وجذب المتابعين من خلال نشر محتويات معينة ما يساعدها في مرحلة لاحقة في عملية التأثير على المتابعين لاستهلاك منتجات معينة، وتبعا لذلك تنجح في إقناع أصحاب العلامات التجارية أو المسؤولين فيها بقدرتها على تسويق منتجاتهم دون عناء تكبد التكلفة العالية للدعاية على وسائل الإعلام التقليدية.
وساهم إنستغرام في التقليل من انفراد المحطات التلفزيونية والإذاعية بالدعاية التجارية، وهو ما أنتج فصلا جديدا في الاتصال مع الجمهور خارج دائرة وسائل الإعلام التقليدية.
وكشفت القروي أن تحقيق الأرباح عبر إنستغرام يختلف من مسوّقة على الشبكة إلى أخرى من خلال جودة المتابعين ومدى متابعتهم وتفاعلهم، مشيرة إلى أن محتوى مدته 10 ثوان فقط يقدر سعره بحوالي 70 دولارا.
وتشترط المسوّقة على صاحب الشركة ثمنا إضافيا في حال انتقلت إلى محل ثان للدعاية للمنتجات وتصل قيمة العقد بين الطرفين إلى 1300 دولار، وهو ما يعد ثمنا للصور وغيرها من المحتويات التي تنشر على حساب الانستغرامر.
وحسب خبراء في الاقتصاد فإن المنصات الرقمية تخلق فرص عمل جديدة في سياق عملية تطورها المستمرة، وهو ما من شأنه تحقيق أرباح طائلة للمؤثرين على الشبكات الاجتماعية.
وتحتدم المنافسة التجارية بين المسوّقات الافتراضيات فتحرص كل واحدة منهن على تقديم عروض خاصة تخفض خلالها أسعارها وقيمة عقودها في مناسبات مختلفة لجذب أصحاب الأعمال إليها.
وتقوم المنافسة على مقاييس عديدة، من بينها أساسا جودة العرض وطبيعة المتابعين وعددهم على إنستغرام ومدى التفاعل مع المحتوى على شبكة إنستغرام.
ويعزز التواصل عبر التعليق وعلامات الإعجاب والعرض المباشر علاقة الصداقة بين الانستغرامر ومتابعيها، حيث تجيب على تساؤلاتهم وتقدم مقترحاتها بخصوص المنتجات التي تعرضها.
وتعتبر آلية الفيديو المباشر إحدى ركائز عملية الدعاية حيث تقدم الانستغرامر المسوقة المنتج وتقلبه أمام أنظار الآلاف من المتابعين وتشرح طريقة استعماله وأهم مميزاته لإقناع المتلقي باقتنائه.
ولا تهمل العملية التسويقية في شكلها الرقمي المستجد في تونس الجانب الشكلي، إذ تكتسي طابعا أنيقا من حيث جودة الصورة والفيديو نظرا لحرص الانستغرامر على إنتاج المحتوى بهاتف ذكي ذي جودة عالية.ويربط الكثير من التونسيين مفهوم الثراء بموقع إنستغرام إذ يسعى عدد من المستخدمين إلى استعراض مظاهر الترف على حساباتهم، ومن بينها مشاركة لحظات السفر وشراء أغلى الملابس والمنتجات وارتياد المطاعم وأماكن الترفيه الفاخرة وركوب أغلى السيارات.
وكان تقرير نشره موقع صحيفة ديلي ميل البريطانية، منذ عامين، قد استند إلى صور منشورة على منصة إنستغرام للحديث عن “الثراء الفاحش” لأثرياء تونس مقارنا بين “الترف والبذخ اللذين يبدوان على أبناء الأغنياء وحقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في تونس”.