الشعر والحرية
كما هو الحال بالنسبة إلى العرب والشرقيين عموما، يبدو الشعر جزءا مهما من شخصية الإيرانيين. هذا ما لا يرفضه أحد. كثيرا ما ترى الشعب، هنا في حياته اليومية، يتداول أبياتا من الشعراء الكبار. إنهم يحفظون الشعر ويستمتعون بقراءته.
وهكذا وبشكل بارز دخل الشعر مجال السياسة والاعتراض في إيران، واستمر ذلك وصولا إلى عصر "نيما يوشيج" وهو الذي لم يلبث أن ظهر بعد المشروطة إلا أنه أنجز في شعره تحرراً كبيرا من الأطر والقوالب الكلاسيكية للشعر والمفاهيم الشعرية. وقد كتب نيما شعرا عن هموم الشعب لا يشبه شعر من سبقه، فأصبح رائد الشعر الحديث في إيران.
ومشى على نهجه كوكبة من الشعراء الحديثين الكبار من إيران من أمثال "مهدي أخوان ثالث"، و"فروغ فرخ زاد" و"شاملو". فكتب الأخير قصائد كثيرة ضد الاضطهاد السياسي في عهد الشاه، كما كتب عن شهداء التيار اليساري والمطالبين بالحقوق المدنية وما كان يرومه الشعب من حرية، فأخذ يتداول الشعب قصائده.
وقد ظهرت نبرة الاعتراض والاستياء في الشعر بإيران. وبعد ذلك، في ظل السبعينات والثمانينات، ظهر جيل ما بعد "الثورة الإسلامية" من الشعراء الذين عبر شعرهم عن قضايا اجتماعية وسياسية حادة، وسجلوا اعتراضهم بجرأة كبيرة، سببت لهم في كثير من الأحيان عقوبات شتى.
أما في أفغانستان، البلاد التي لا تعرف الهدوء، فقد ظهر هناك، أيضا، كثير من الشعراء الذين يكتبون شعرهم بالفارسية، ممن أنشدوا في شعرهم الحرية والسلام سواء خلال الحروب الأهلية في بلادهم أو بعد التدخل العسكري والسياسي الأميركي والغربي. ويتمتع شعرهم الاعتراضي ببساطة في التعبير عكست بساطة الشعب الأفغاني وشفافيته.
كتب الشعراء الأفاغنة كثيرا من الشعر الكلاسيكي، قوالب ومضموناً، حتى في السنوات الأخيرة، إلا أن الحياة الشعرية هناك أظهرت شعراء شبابا خاضوا تجارب حديثة جداً في الشعر وعبروا عن اعتراضهم، من خلال جديدهم الفني هذا، كما هو الحال في فنون الموسيقى والغناء الذي شاع عندهم. شعراء الفارسية الجدد، في البلدين، لطالما أنشدوا بجماع أرواحهم وخيالاتهم وأشواقهم لتلك الكلمة السحرية: الحرية.
شاعرة ومترجمة من إيران تكتب باللغتين الفارسية والعربية.