السلوكيات السيئة على الإنترنت تنتقل إلى عالم الميتافيرس

انتشرت السلوكيات السيئة من التنمر إلى التحرش والعنصرية على الإنترنت، ومع ظهور عالم الميتافيرس الذي كان يُنتظر منه أن يحض ضد هذه التصرفات، تبين أن شركة ميتا عاجزة عن صد التجاوزات التي انتشرت على المنصة الجديدة كما أكد ذلك الخبراء.
برلين – قال باحثون أمضوا وقتًا في عالم الميتافيرس والواقع الافتراضي إن مشاعر الكراهية والعنصرية لدى المستخدمين انتقلت إلى هذا العالم الجديد بسبب شركة فشلت في الحد من السلوك السيء على شبكتها الاجتماعية.
وبحسب دويتشه فيله، يشير التقرير إلى فشل شركة ميتا في التصدي للاغتصاب والتحرش الجنسي وفي الحد من العنصرية على منصتها الجديدة.
واستغرق الأمر أقل من ساعة واحدة من إحدى الباحثات التي كانت تدرس عالم الميتافيرس القائم على تقنية الواقع الافتراضي لتتعرض لعملية تحرش واغتصاب افتراضيين بعد ارتدائها نظارة الواقع الافتراضي لأول مرة.
وبعد أيام من مشاهدة وتجربة هذا العالم الذي يبدو أن نظرية المؤامرة والتحرش الجنسي والعنصرية ورهاب المثلية الجنسية تتفشى فيه، قال مؤلفو تقرير حديث إن عملاق التكنولوجيا ميتا غير مستعد تمامًا لتحقيق حلمه المتمثل في إنشاء مساحة تواصل مشتركة على الإنترنت للملايين من المستخدمين، بحسب ما نشر موقع جيزمودو التقني المتخصص.
ميتا تمضي قدما في تطوير عالم ميتافيرس مع عدم وجود خطة واضحة لكيفية الحد من المحتوى الضار والسلوك المشين
وأصدرت مجموعة من الشركات غير الربحية تقريرا وصفت فيه انتقال شركة ميتا المالكة لشبكة فيسبوك من الاهتمام والتركيز على وسائل التواصل الاجتماعي إلى شركة تحاول تحديد ما يعنيه أن تكون متصلاً بالإنترنت في بيئة غير واقعية.
ووثقت المجموعة أيضًا كيف أن منصات الواقع الافتراضي لشركة ميتا قد نمت إلى أكثر من 300 ألف مستخدم، حيث أن منتج ميتافيرس الرائد والمسمى “عوالم الأفق” قد أصبح يستضيف بالفعل أسوأ أنواع الرسوم الكاريكاتيرية العنصرية والمعادية للمرأة على الإنترنت.
وتضمن تقرير المجموعة أيضاً رابطًا لمقطع فيديو يصور عملية اعتداء جنسي عندما قاد المستخدمون إحدى الباحثات إلى غرفة وشرعوا في التحرش بها فيما قام آخر بتوزيع مشروب الفودكا عليهم.
وتقول مجموعة الشركات غير الربحية إن التقرير يشارك الكثير من الأدلة على مدى ضآلة الانضباط الأخلاقي داخل عالم هورايزون (عوالم الأفق) الافتراضي، وأفاد الباحثون أن تداول العقاقير المزيفة منتشر في هذا العالم إلى جانب أن المستخدمين ينادون بعضهم البعض باستمرار بالشتائم العنصرية والمعادية للمثليين.
وقال التقرير “ميتا تمضي قدماً في تطوير عالم ميتافيرس مع عدم وجود خطة واضحة لكيفية الحد من المحتوى الضار والسلوك المشين، والحد من انتشار المعلومات المضللة، ومواجهة خطاب الكراهية المتصاعد”، مضيفاً أن “الشركة يبدو أنها لا تعرف أن الإشراف على المحتوى يمثل مشكلة، ويبدو أنها ليس لديها خطة دقيقة لكيفية إصلاحها”.
واستشهد مؤلفو التقرير بمذكرة داخلية صدرت في شهر مارس الماضي نشرتها فاينانشال تايمز وصاغها نائب رئيس شركة ميتا للواقع الافتراضي أندرو بوسوورث، والذي قال إن “مراقبة العملاء على أي نطاق هي أمر مستحيل عمليًا”.
وكانت شركة ميتا قد وعدت بأن عالم ميتافيرس سيكون مساحة رقمية يتفاعل فيها الناس سوياً بشكل أقرب إلى الحقيقة. وعلى الرغم من أن التحرش على الإنترنت ليس شيئًا جديدًا، إلا أن هذا النوع من التصرفات يأخذ طابعًا أكثر عمقًا بمجرد ارتداء النظارات التي تهدف إلى جعلك تشعر وكأنك موجود بالفعل في عالم آخر.
وأشارت مجموعة المراقبة أيضًا إلى عدة أمثلة أخرى على السلوك السيء، حيث أبلغ المستخدمون أن صورهم الرمزية (الآفاتار) التي يستخدمونها داخل هذا العالم تعرضت للاعتداء الجنسي، إلى جانب ممارسات جنسية عنيفة أخرى تم تسجيل بعضها بالصوت وذلك على الرغم من تأكيد الشركة على تفعيل ميزة “الحدود الشخصية” والتي تمنع الصور الرمزية الأخرى من الاقتراب بشدة من جسم مستخدم آخر.
وأكد التقرير أيضاً أن غرف الدردشة الافتراضية الأخرى مثل “في.آر تشات” تضمنت بالفعل ميزات مماثلة للحفاظ على المساحات الآمنة، ولكن طُلب من الشخصيات الرمزية لباحث مجموعة الشركات غير الربحية باستمرار إزالة إعدادات الحدود الشخصية. وعندما يحاول مستخدم آخر لمسك أو التفاعل معك، تهتز وحدات التحكم في الواقع الافتراضي “مما يخلق تجربة جسدية مربكة للغاية وحتى مزعجة أثناء هجوم افتراضي”.
وقال متحدث باسم شركة ميتا لموقع إنسايدر، إن إعداد الحدود الشخصية قيد التشغيل افتراضيًا، ويوصي ببعدم إيقاف تشغيلها عند وجود غرباء، مضيفًا “نريد أن يتمتع كل شخص يستخدم منتجاتنا بتجربة جيدة والعثور بسهولة على الأدوات التي يمكن أن تساعد في المواقف مثل هذه، حتى نتمكن من التحقيق واتخاذ الإجراءات”.
ويقول الباحثون إن الشركة أكدت على أن العمر الأدنى للمشاركين في العالم الافتراضي لا يجب أن يقل عن 18 عاماً، لكنهم لاحظوا وجود أشخاص دون السن القانونية.
ويشير التقرير إلى أن نسخة ميتافيرس الحالية أظهرت مدى صعوبة كبح السلوك السيء للاعب، إذ كانت هناك أمثلة سابقة على صور رمزية “آفاتار” تعتدي جنسيًا على لاعبين آخرين لا تتجاوز أعمارهم 7 سنوات. ومن المفترض أن عالم هورايزون يتضمن مشرفين داخل اللعبة لتطبيق الإرشادات، لكن التقرير يقول إنه في المقابلات قال اللاعبون إنه لا يوجد عدد كافٍ منهم تقريبًا وأن الأمر لا يبدو أنه يشكل أزمة لمنصة ميتا.
وأفاد التقرير أن غرفة المحادثة “في.آر تشات” استضافت محتوى مزعجًا على منصة يمكن للأطفال الصغار الذين يعرفون كيفية التلاعب بتاريخ الميلاد الوصول إليه بسهولة ما يجعل مسألة تحديد المشاركين بحسب العمر ليست فعالة بما فيه الكفاية.
وقال مؤلفو التقرير “لقد أثبتت ميتا مرارًا وتكرارًا أنها غير قادرة على مراقبة المحتوى الضار سواء على فيسبوك أو إنستغرام أو واتساب أو الرد عليه بشكل مناسب، لذا فليس من المستغرب أن تكون قد فشلت بالفعل في عمل ذلك في علم ميتافيرس أيضًا”.
وفي جانب آخر، كتب نك كليغ رئيس الشؤون الدولية في شركة ميتا مؤخرًا أن مطالبة الشركة بتسجيل خطاب اللاعب من أجل تعديل المحتوى سيكون أمراً صعباً ويشمل نوعا من الوصاية الأبوية. وتريد الشركة بدلاً من ذلك التركيز على الأنظمة التي يحركها الذكاء الاصطناعي والتي تساعد في الاستجابة للتقارير والشكاوى التي يرفعها المستخدم. ويضيف “نحن في المرحلة الأولى من هذه الرحلة”.