السفر الافتراضي رحلة سياحية دون عناء التنقل

تسهم الابتكارات الجديدة في مجال تكنولوجيا السفر في إحداث ثورة في قطاع السياحة، حيث تتغير العادات الاستهلاكية واستراتيجيات التسويق على المدى القصير والمتوسط باستمرار، بفضل التقنيات والمفاهيم الجديدة مثل جوازات السفر السحابية، وتجربة السفر الشخصية، والواقع الافتراضي والتطبيقات الإلكترونية، ويعمل العلماء اليوم على توفير رحلة سياحية إلى أكثر الوجهات شهرة في العالم دون السفر إليها.
لندن – يسافر المرء في الأحلام حين لا تسعفه الإمكانيات المادية والوقت في الواقع، فينتقل بين العواصم الكبيرة كباريس ولندن وطوكيو والمدن التاريخية الشهيرة دون أن يعرف تفاصيل شوارعها ولا قصورها الشامخة في الزمن، قد يبحر في إسبانيا ويستمتع بشواطئ المغرب وتونس وهو سابح بعينيه في سقف غرفته.
هذه الأحلام اقتربت اليوم من تحقيقها في الواقع بعد التقدم التكنولوجي المتراكم، إذ يحاول العلماء والمطورون اليوم ابتكار أنواع جديدة من السفر الافتراضي بعد أن نجحوا في الألعاب الافتراضية، والسفر الجديد يمكن أن ينقل الإنسان إلى أي دولة في العالم لزيارة معالمها وأماكنها الشهيرة في أقل وقت وبتكلفة محدودة.
وقد نجحت اليابان في تجربة أولية حيث ربط مجموعة من الركاب أحزمة السفر واسترخوا على مقاعد الدرجة الأولى، في رحلة متجهة لباريس دون أن تقلع بهم الطائرة ودون أن يتكبدوا عناء السفر.
وزار السياح معالم باريس ومتاحفها لمدّة استغرقت ساعتين من الزمن، دون الحاجة إلى دفع مصاريف باهظة الثمن لقاء الرحلة الحقيقية.
وقال تاكاشي ساكانو (39 عاما) في أول رحلاته الافتراضية “القيام برحلة حقيقية أمر مزعج في تحضيراته وباهظ التكلفة ويستهلك الوقت. لذلك أعتقد أن من الجيد أن نتمكن من الاستمتاع بكل ذلك دون إزعاج”، وأضاف أنه يود أن “يسافر افتراضيا في المرة القادمة إلى روما”.
وبدأت الشركة اليابانية، فيرست إيرلاينز، العمل على هذا المشروع عام 2016، وتمّ حجز المقاعد الإلكترونية للشركة بشكل كامل، وتسير الشركة رحلاتها الافتراضية إلى باريس وروما وهاواي ونيويورك.
وقال مدير الشركة، هيرواكي آبي، “لدينا الكثير من الزبائن المسنين الذين يريدون السفر لكن حالتهم الجسمانية لا تسمح لهم”، مشيرا إلى أن أغلب المقبلين على هذه الرحلات هم كبار السن من مختلف أنحاء البلاد.
وأضاف أن الشركة تسير رحلاتها الافتراضية إلى باريس وروما وهاواي ونيويورك، وقريبا ستضيف رحلات داخلية لأنحاء اليابان، في حين ستقدم خلال تلك الرحلات الافتراضية وجبات من الأطباق المميزة لكل منطقة.
يقول الخبراء إن قطاع السفر يتكيف مع حياتنا الرقمية كما هو الحال في شتى الجوانب، وهذا ما يوفر فرصا هائلة للمبتكرين لإيجاد حلول جديدة، ما يسهم في ترسيخ معايير جديدة في هذه الصناعة.
ويعمل العلماء، خلال الفترة الحالية، على تعزيز تقنية «النقل الرقمي عن بُعد»، وهي تجمع بين الواقع الافتراضي المباشر، واستخدام الطائرات دون طيار، مع دعم من الشبكات اللاسلكية السريعة، وذلك بهدف السماح للناس باستكشاف المواقع البعيدة وأماكن السفر المكلفة أو التي يصعب عليهم الوصول إليها في ثوان معدودة.
ويمكن للإنسان خوض تجربة السفر الافتراضي من خلال استخدام سماعة رأس رفيعة ومريحة، ثم التعامل مع عناصر التحكم المختلفة للانتقال من مكان إلى آخر، والضغط على زر الإيقاف، حينما يشعر بأنه زار معالم الدولة كلها بالفعل.
أما الطائرات المسيرة فسيكون دورها رصد تفاصيل شوارع المدينة السياحية كلها، ونقل الصورة من خلال استخدام نظارات واقية للمسافر السياحي، بحيث يرى المسافر وهو في مكانه عن طريق الطائرة مناظر حية ودقيقة وواقعية بزاوية 360 درجة، للشوارع والمنازل والغابات والمعالم السياحية المختلفة.
ووفقا للقائمين على ابتكار تقنية السفر الافتراضي، فعندما تنظر إلى الأسفل وأنت ترتدي النظارة الواقية سترى ما يوجد أسفل الطائرة المسيرة. فأنت في الأساس، ستنتقل عن بعد رقميا إلى جميع الأماكن الطبيعية.
وتتيح تجربة تكنولوجية أخرى محاكية للطيران للمسافر استكشاف المدن والوجهات السياحية حول العالم من الأعلى.
ويشعر المسافر وهو مثبت بحزام الطيران بالاندماج في محيطه، وذلك من خلال مقاطع الفيديو والصور ثلاثية الأبعاد المصمّمة لتتناسق مع تحركاته.
ويمكنه الإقلاع والإسراع والتوقف للاستمتاع بالمنظر، وكذلك الاستدارة والتحرك جانبيا والتوجه إلى الأسفل لإلقاء نظرة عن قرب على المعالم السياحية الشهيرة.
ويزداد الإقبال على تقنيات السفر الافتراضي التي استخدمت أول مرة مع الأشخاص المسنين في دور العجزة ممن لا يستطيعون السفر على متن الطائرات سواء لأسباب مادية أو لعدم قدرتهم على الحركة.
وأثبتت التقنية أن المستخدمين يتمتعون بمناظر خلابة تساعدهم على تغيير واقعهم المرير.
يذكر أن شركة الطيران الهولندية أنتجت تطبيقا يمكن المسافر أثناء الانتظار داخل المطار من التفاعل مع شخصيات متحركة ومشاهدة المناظر الطبيعية من وجهات مختلفة باستخدام كاميرات الهواتف الذكية وفيسبوك.
وتركز آخر إصدارات الواقع الافتراضي التي أنتجتها شركة الطيران الهولندية والتي تحمل عنوان “الوجهة الأخيرة” على حلقات تحمل مغامرات افتراضية للسباحة مع أسماك القرش في هاواي.
ويمكن لأي شخص لديه جهاز كمبيوتر مكتبي أو هاتف ذكي مشاهدة مقاطع الفيديو بنطاق 360 درجة، أما الأشخاص الذين لديهم نظارات عكس الواقع الافتراضي فيمكنهم الحصول على تجربة أكثر متعة.
تجارب السفر الافتراضي تجذب إليها العديد من المستخدمين بالرغم من أنها لا تزال في مرحلتها التجريبية مقارنة بتجارب الواقع الافتراضي الخاصة بالألعاب، على سبيل المثال.