السعودية لا تهزها رياح الحملات المشبوهة

في ظل انشغال الإقليم والعالم بتداعيات حرب الإبادة في قطاع غزة وارتداداتها المستمرة، والتي أصبح من المؤكد اتساع رقعتها عسكريًا بعد ولادة ميتة لجولة المفاوضات الدائرة حاليًا، تبين عدم قدرة الأطراف على الوصول إلى اتفاق، بل ميل هذه الأطراف وحلفائها إلى استمرار هروبهم من استحقاقات اليوم التالي لنهايتها.
منذ إعلان استبدال الرئيس الأميركي جو بايدن بنائبته كامالا هاريس لخوض الترشح في الانتخابات الرئاسية أمام دونالد ترامب ذي الحظوظ المرتفعة بالعودة إلى البيت الأبيض في نهاية هذا العام، بدأت تطفو حملات سياسية وإعلامية ممنهجة تحاول النيل من صورة وسمعة المملكة العربية السعودية وابتزاز قيادتها. القيادة التي قادت جهود السداسية العربية من أجل إرساء قواعد التهدئة في المنطقة بحلول عنوانها الرئيسي ربط مستقبل التطبيع مع دولة إسرائيل بأفق سياسي محدد الإطار الزمني يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967.
◄ في كل وقت تستعر وتنشط الحملات ضد السعودية، تتضح الصورة جليًا داخل أروقة الحكم في المملكة، التي تعتمد في وأدها على وعي المجتمع السعودي والشعوب العربية
كرس عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز مصالح المملكة، خاصة خلال فترة إدارة الرئيس بايدن، من خلال مبدأ التعامل بالندية السياسية؛ كانعكاس لسلسلة التحولات في دور الرياض الإقليمي وتفاعلاتها مع القوى الكبرى، بهامش أكبر من التنوع في الشراكات والتحالفات من جهة، وتوازن العلاقات الدولية من جهة أخرى. فإقامة أطر التعاون مع روسيا في العديد من المجالات، والتوغل في قارة أفريقيا لبناء امتداد وعمق جيوسياسي، وترسيخ العلاقات مع الصين، التي قادت التوسط بين الرياض وطهران لإعادة تطبيع العلاقات، كلها أسهمت في حلحلة عُقد بعض الملفات الإقليمية، مثل أزمة اليمن، واستقرار العراق، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، والحرب في السودان.
ما سبق جعل المملكة هدفًا لقوى دولية تسعى لتطويع سياساتها لمصالحها، وهو ما ظهر جليًا في الاتفاقية الدفاعية المراد توقيعها بين السعودية والولايات المتحدة. فمازالت محاولات إدارة الرئيس بايدن تسعى للدفع نحو عقد الاتفاقية لكسب نقاط انتخابية من خلالها، بينما اجتنبت الرياض منح إدارة بايدن هدايا سياسية تسهم في عبور ظلالها الديمقراطية لفترة رئاسية جديدة، من خلال المماطلة وكسب الوقت، انتظارًا لمسارات المنطقة السياسية، وهو ما أعلنه مستشار الأمن القومي الأميركي جون كيربي، بأن توقيت إتمام الاتفاق الأميركي السعودي غير محدد.
إدارة الرياض لملفاتها السياسية والاقتصادية والأمنية من منظور مصالحها ومصالح المنطقة، جعلتها تتعرض لحملات ممنهجة ومدفوعة بهدف إضعاف عهد الملك سلمان، دون إدراك لطبيعة اعتبارات الحكم داخل المملكة ومقوماته الثابتة لدى مختلف شرائح المجتمع السعودي. لذلك يلجأ القائمون على هذه الحملات – خاصة الأميركية منها – إلى ذات المناهج والأساليب المعتادة، إما باختلاق رواية محرفة لا صحة لها؛ كتصريح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لوفد الكونغرس الأميركي، أو تسليط الضوء على ما يسمى معارض (كومبارس) ليسرد قصصًا لا وزن لها ولا تصدق عن مؤامرات ودسائس قصور الرياض.
في كل وقت تستعر وتنشط الحملات ضد السعودية، تتضح الصورة جليًا داخل أروقة الحكم في المملكة، التي تعتمد في وأدها على وعي المجتمع السعودي والشعوب العربية.