السخرية من الغريم أقسى من قتله

الأحد 2015/12/06

يعيش ريال مدريد فترات صعبة للغاية وظروفا استثنائية، ما في الأمر أي شك، فبعد السقوط برباعية ضد برشلونة وبعد فضيحة مهاجمه بنزيمة وبعد تواصل مسلسل الإصابات وأخيرا فضيحة الخروج من كأس أسبانيا بسبب هفوة إدارية، بات الأمر يدعو إلى القلق والانزعاج في البيت الملكي، لكنه بالتوازي مع ذلك فإن هذا الوضع بات مدعاة للسخرية والتندر، وربما التشفي أيضا في معسكر “الغريم”.

الأخبار الأخيرة كشفت عن وجود حالة من السعادة والانتشاء لدى بعض لاعبي برشلونة بعد تتالي سلسلة الهزات والكبوات والفضائح في المعسكر المدريدي، ولعل ما أقدم عليه المدافع المحوري للبارسا جيرارد بيكيه يؤكد هذا المعطى، إذ استغل هذا اللاعب السقوط الهزلي للريال في مسابقة كأس أسبانيا كي يبرز مدى سعادته بالتشفي من خصمه في كل مناسبة.

بيكيه أقدم عبر صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت على تدوين بعض الأيقونات التي تفيد بأنه يضحك كثيرا ويهزأ مما حصل للريال الذي خسر ضد نادي قادش ليس على الملعب، بل بسبب خطأ إداري “مضحك”.

وتواصل مسلسل الازدراء والسخرية من قبل نجوم برشلونة، وتحديدا مع اللاعب الدولي البرازيلي داني ألفيس الذي لم يتورع عن التصريح بأنه يتمنى أن تتواصل متاعب ريال مدريد مؤكدا “أتمنى أن يعانوا في المستقبل.. إذا كان خصمك ضعيفا عليك أن تكون أفضل لكي لا تعطيه فرصة، سيظل برشلونة أفضل من ريال مدريد”.

وأطلق ألفيس سهامه أيضا صوب كريستيانو رونالدو نجم نجوم ريال مدريد، حيث شدد على أنه لا يستحق بالمرة أن ينافس هذا العام على جائزة أفضل لاعب في العالم واصفا إياه بالشخص المغرور، قبل أن يمعن في التشفي فيه بقوله “عندما تفوز يضعك الناس في المقدمة، لكن عندما تخسر يجب عليك تجرع هذا الأمر”، في إشارة إلى كثرة خسائر رونالدو مع فريقه خلال الفترة الماضية.

ربما هي هكذا العلاقة الجدلية بين ريال مدريد وبرشلونة مادام في الأمر عداوة مشتركة ومنافسة لا يقتصر مداها على الملعب فقط، بل هو صراع نفوذ وتشفّ وسخرية لا تهدأ حتى وإن كانت مكلفة وتفقد البعض شعبيتهم.

والدليل على ذلك ما حصل لبيكيه الذي لم يكن تصرفه الأخير الأول له ضد الريال، حيث سبق له السخرية باستمرار على الفريق المدريدي كلما مرّ بأزمة، هذه التصرفات أفقدته شعبيته وجعلته “العدو الأول” لدى محبي الريال وأنصاره، ووصل الأمر إلى درجة من الكراهية المعلنة، ففي مباريات المنتخب الأسباني كانت بعض الجماهير تهتف ضد بيكيه كلما لمس الكرة، وفي مباراة الكلاسيكو الأخيرة التي كان خلالها الريال مضيفا، أطلقت الجماهير صافرات الاستهجان كلما كانت الكرة بحوزته.

أما داني ألفيس فإنه لا يحظى بأي عطف أو “احترام” من قبل جماهير الريال التي لن تغفر له أبدا تصريحاته النارية التي يطلقها بين الحين والآخر.

ولا يقتصر الأمر على اللاعبين فحسب، بل إن بعض أخبار ونتائج الفريقين تتحول بسرعة البرق إلى مادة دسمة تتلهى بها جماهير الفريقين في كل مناسبة، فمراوغة فاشلة من رونالدو تفتح بسببها منتديات على مواقع التواصل الاجتماعي وتصبح مادة للتندر والاستهزاء، وسقوط غير متوقع من ميسي يتحول إلى مادة للضحك والسخرية لدى شق كبير من أحباء الريال، وفشل أحد المدربين في قيادة الفريق للتتويجات يتحول إلى خبر رئيس للحديث بأسلوب ساخر ومضحك عن إنجازات الفريق المنافس.

أما الفضائح المتعلقة بالضرائب على غرار ما حصل لماسكيرانو وميسي فإنها تصبح لدى أحباء الفريق الأبيض موضوعا فيه الكثير من الاستهزاء والتشفي والنقد أيضا.

والأطرف من ذلك أن مواضيع السخرية والاستهزاء قد تشمل كل الأمور بما في ذلك تنفيذ رميات التماس أو إجراء التغييرات من حافة الملعب، ولعل ما حصل مع الريال منذ موسمين عندما تم تنفيذ رمية تماس من قبل لاعبين اثنين في الوقت نفسه أكبر دليل على هذا التشفي الذي أشعل ضحكات الجماهير الكتالونية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وربما لا يقتصر هذا الأمر على اللاعبين والأحباء فقط، بل يمتد الأمر إلى المدرّبين، فمنذ سنوات قليلة لم يتورع المدرب السابق لريال مدريد جوزيه مورينهو في التعليق والسخرية والاستخفاف بمنافسه في كل المناسبات والمنافسات، وحذا حذوه المدرب السابق لبرشلونة يوهان كرويف عندما أعلن صراحة أن ريال مدريد يدعو للسخرية بسبب اكتفائه بلقب وحيد على امتداد سبع سنوات كاملة.

العلاقة بين الطرفين هي دوما هكذا والتاريخ يشهد بذلك، فالسخرية من المنافس أقوى من “القتل”، والتشفي فيه يعد لدى البعض أهم من الفوز بحد ذاته حتى وإن كانت النتيجة ثقيلة، فالمهم هو إيجاد موضوع يستفز المنافس ويغيظه ويقلل من شأنه.

كاتب صحفي تونسي

23