السباق نحو الفضاء.. بكين تنافس واشنطن حول الريادة

واشنطن – أشار تقرير لوكالة أسوشيتد برس إلى محاولة الصين منافسة الولايات المتحدة في مجال الفضاء، ومساعيها للهبوط على القمر واستغلال موارده، حيث تعمل بكين جاهدة لانتزاع الريادة من واشنطن عبر برامج علنية وأخرى سريّة لأغراض عسكرية.
ويدفع الطموح الصيني جهود وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” للعودة إلى القمر قريبا، وإنشاء أولى القواعد هناك.
يأتي هذا التنافس في الوقت الذي تواكب الصين بسرعة إنجازات الفضاء المدنية والعسكرية للولايات المتحدة وتحقق إنجازات جديدة خاصة بها.
ويوضح قادة استخبارات وعسكريون وسياسيون أميركيون أنهم يرون مجموعة من التحديات الإستراتيجية للولايات المتحدة في مواجهة برنامج الفضاء الصيني، وذلك في صدى التنافس السابق إلى القمر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي خلال ستينات القرن الماضي.
فعلى الجانب العسكري، تتبادل الولايات المتحدة والصين الاتهامات بالتسابق نحو “تسليح الفضاء”، إذ يحذر كبار مسؤولي الدفاع الأميركيين من أن الصين وروسيا تبنيان قدرات منافسة لأنظمة الأقمار الاصطناعية التي تدعم المخابرات الأميركية والاتصالات العسكرية وشبكات الإنذار المبكر.
لكن هناك أيضا جانب مدني لسباق الفضاء، وفق ذات التقرير، حيث تشعر الولايات المتحدة بالقلق من أن تأخذ الصين زمام المبادرة في استكشاف الفضاء والاستغلال التجاري، وريادة التقدم التكنولوجي والعلمي الذي من شأنه أن يضع الصين في المقدمة.
وقال السناتور الجمهوري من ولاية أوكلاهوما جيم إينهوف الأسبوع الماضي خلال جلسة استماع للقوات المسلحة بمجلس الشيوخ “في عقد من الزمن، تحولت الولايات المتحدة من زعيمة لا جدال فيها في الفضاء إلى مجرد واحدة من اثنين من أقرانها في المنافسة”، ثم تابع محذرا “كل شيء يقوم به جيشنا يعتمد على الفضاء”.
وخلال جلسة استماع سابقة العام الماضي لوّح مدير ناسا بيل نيلسون بصورة نقلتها عربة جوالة صينية كانت قد حطت لتوها على سطح المريخ، وقال “الصينيون.. سوف ينزلون بشرا على القمر قريبا”.
وأطلقت ناسا صاروخها الضخم الجديد إلى القمر ضمن المهمة المعروفة باسم “أرتميس 1″، بعد محاولتين فاشلتين بسبب مشاكل فنية.
وبالمثل تعتزم الصين بناء أول قاعدة لها على سطح القمر بحلول عام 2028، قبل إنزال رواد فضاء هناك في السنوات التالية.
وقال وو وي رن كبير مصممي برنامج الاستكشاف القمري الصيني “من المرجح أن رواد الفضاء لدينا سوف يتمكنون من الذهاب إلى القمر خلال عشر سنوات”.
وأرسلت الصين مسابير إلى القمر، وشيدت محطة فضاء خاصة بها. وقد وضعتها هذه الخطط في منافسة مباشرة مع الولايات المتحدة.
ولدى وكالة ناسا مركبة جوالة “روفر” على الكوكب الأحمر، وهي تسعى لإعادة رواد الفضاء إلى القمر خلال العقد الجاري للمرة الأولى منذ برنامج أبولو في سبعينات القرن الماضي.
وتنوي واشنطن وبكين إنشاء قواعد لأطقمها على القطب الجنوبي للقمر.
وانضمت روسيا إلى برنامج القمر الصيني، في حين انضمت 21 دولة إلى الجهود التي أطلقتها الولايات المتحدة بهدف تقديم الإرشادات والنظام للاستكشاف المدني للفضاء وتطويره.
ويتحدث بعض الخبراء عن سباق فضاء جديد، مع اختلافات كبيرة هذه المرة، حيث ترى الولايات المتحدة والصين أن برامج القمر هي نقطة انطلاق لبرامج مرحلية نحو استكشاف الموارد وغيرها من الفرص الاقتصادية والإستراتيجية غير المستغلة التي يوفرها القمر والمريخ والفضاء بشكل عام.
وإلى جانب المكاسب في التكنولوجيا والعلوم والوظائف المصاحبة لبرامج الفضاء، يشير مروجو مهمة “أرتميس 1” إلى إمكانية أن تساهم هذه الجهود في استخدام القمر كقاعدة للتنقيب.
وبالنسبة إلى الفضاء على نطاق أوسع، يمتلك الأميركيون وحدهم عشرات الآلاف من الأقمار الصناعية فيما يوصف أنه اقتصاد فضائي عالمي بقيمة نصف تريليون دولار.
وتقوم الأقمار الصناعية بتوجيه نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.أس)، ومعالجة عمليات شراء بطاقات الائتمان، والمساعدة في استمرار البث التلفزيوني والراديو والهاتف الخلوي، والتنبؤ بالطقس.
كما تضمن قدرة المجتمع العسكري والاستخباراتي على تتبع التهديدات المتصورة.
وتشير برامج القمر إلى أن “الفضاء سيكون ميدانا للمنافسة، ودليلا على الخبرة التقنية المتقدمة، وأيضا على الجبهة العسكرية” على ما قال آرون بيتمان أستاذ التاريخ والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن لأسوشيتد برس.
وأضاف أن “الأشخاص الذين يدعمون أرتميس وأولئك الذين يرون أنها أداة للمنافسة، يريدون أن تكون الولايات المتحدة في الريادة في تشكيل مستقبل الاستكشاف الفضائي”.
في هذا الإطار حذرت أجهزة الاستخبارات الأميركية هذا العام في تقييمها السنوي للتهديدات من أن بكين تعمل لتجاوز القدرات الأميركية في الفضاء لكسب الفوائد العسكرية والاقتصادية والهيبة التي اكتسبتها واشنطن من قيادة الفضاء.
كما أكدت مجموعة دراسة بتكليف من البنتاغون الشهر الماضي أن “الصين تبدو في طريقها لتجاوز الولايات المتحدة كقوة فضائية مهيمنة بحلول عام 2045”.
وتهدف المهمة التجريبية لـ”أرتميس 1″ على مدى خمسة أسابيع لاختبار القدرة الأميركية مجددا على مدار القمر.
وتقول وكالة ناسا إن الدروس المستفادة من العودة إلى القمر ستساعد في الخطوة التالية في الرحلات المأهولة إلى المريخ.
وبينما تخلّف برنامج الفضاء الصيني الطموح عن الولايات المتحدة إلا أن برنامجها السري المرتبط بالجيش يتطور بسرعة ويخلق مهمات مميزة يمكن أن تضع بكين في مقدمة رحلات الفضاء، وفقا لتقرير أسوشيتد برس.