الروائي العماني محمود الرحبي: بلدي مليء بالأسرار ودواعي السرد

ولادة القصة عسيرة ومفاجئة بينما الرواية تولد على جرعات.
الأربعاء 2022/12/21
لدي دائما رواية على الورق وقصة تدور في الرأس

يعرف الأدب العماني في العقود الأخيرة تطورا لافتا، إذ تمكن من أن يصنع له طريقا مختلفا عن أقرانه من التجارب الخليجية أو العربية، مستفيدا من إرثه الحضاري ومنفتحا خارج الأطر التقليدية، وهكذا ظهرت لنا العديد من الأسماء والتجارب التي نالت اهتماما كبيرا عربيا وحتى عالميا. “العرب” التقت الكاتب العماني محمود الرحبي حول تجربته ورؤاه للثقافة والأدب في سلطنة عمان.

عدن - يقف القاص والروائي العماني محمود الرحبي اليوم في طليعة كتاب السرد في الخليج والوطن العربي، من خلال رصيد بلغ أكثر من ثماني مجموعات قصصية وأربع روايات والعديد من الجوائز الأدبية التي حصدها، مثل جائزة دبي الثقافية وجائزة السلطان قابوس.

وفي هذا الحوار يحكي الرحبي لـ”العرب” جزءا من مسيرته الإبداعية كروائي عماني استطاع أن يترك بصمة في المشهد الثقافي العربي.

القصة والرواية

و

يقول الرحبي “بدأت مبكرا في كتابة القصة وكان تحولي حذرا نحو الرواية حيث بدأت برواية قصيرة حملت عنوان ‘خريطة الحالم’ صدرت في 2010 عن دار الجمل المعروفة. الإصدار الروائي الناضج عندي هو رواية ‘فراشات الروحاني’ عن دار فضاءات بالأردن ثم رواية ‘أوراق الغريب’ عن دار العين بجمهورية مصر العربية”.

ويضيف “في فراشات الروحاني حاولت مقاربة مجموعة من الأسئلة تعترض حياتنا من أهمها تيمة الحب الخالدة وهذه المرة بين ستيني بحريني وشابة لبنانية، بالإضافة إلى مساءلة ما كان يدور في تلك الفترة في ما عرف بانتشار المحاضرين الروحانيين أو من عرفوا بمدربي تطوير الذات.

في رواية ‘أوراق الغريب’ كانت حول الغربة في وطن عربي ولكن يعيش فيه المقيم غريب الوجه واليد واللسان وذلك مقيم مصري في عمان تتطور أحداث حياته في فخاخ الحياة”.

وعن رؤيته للمشهد الروائي في عمان وهل ثمة ملامح رواية عمانية تتشكل لها سمات خاصة، يقول الرحبي “في عمان المشهد الروائي مزدهر جدا وفي كل مرة ثمة مفاجأة جديدة، فبعد فوز جوخة الحارثي بالمان بوكر ها هي بشرى خلفان تحصد مركزا متقدما في جائزتين عربيتين للرواية واحدة في الإمارات والأخرى في قطر، وبعيدا عن سحر الجوائز هناك ازدهار حقيقي لهذا النوع الأدبي في عمان”.

التحديات الثقافية كثيرة في العالم العربي إلى حد يصعب إجمالها وتزداد تعقيدا يوما بعد آخر بسبب الفراغ

ويؤكد الرحبي أن المشهد الثقافي العماني يمر بمرحلة فتوة وعلى أكثر من نوع أدبي بما فيه الشعر الذي يشهد بروز جيل جديد من الشباب في ساحته، إلى جانب القصة القصيرة والنصوص المفتوحة ناهيك عن الدراسات التاريخية التي تشهد هي الأخرى ازدهارا ملحوظا.

وعن تأرجحه بين كتابة القصة والرواية وأين يجد ذاته الإبداعية، يقول “أنا دائما بين القصة والرواية كما تفضلت في سؤالك. لدي دائما رواية على الورق وقصة تدور في الرأس. تظل ولادة القصة عسيرة ومفاجئة بينما الرواية تولد على جرعات”.

فصل وفراغ

ز

وحول سبب تميز روايته بخصوصية الزمان والمكان في عمان، وإلى أي مدى حرص على تكريس الطابع المحلي في أعماله، يضيف الرحبي “بالنسبة إلي المنطقة العربية كلها فضاء للكتابة إن لم يكن العالم. ولكن يظل الوطن الأول عمان يحوز على النصيب الأوفر من ساحات التخييل لاسيما وأن عمان بلد مليء بالأسرار ودواعي السرد، أو أن أضيف كذلك الفضاء المغربي حيث قضيت ردحا من الزمن على المستوى الدراسي ثم العائلي. هناك كذلك سفراتي المتعددة التي هي الأخرى توفر فضاءات متنوعة للكتابة سواء الكتابة النصية الإبداعية أم على مستوى الكتابة الصحافية”.

نسأل الرحبي عن تأثره كدارس للإعلام وهل منحه الإعلام ميزة إضافية ساعدته على الانتشار والوصول إلى شريحة أكبر من القراء، فيجيبنا “أنا أفصل بين العمل الإبداعي والاشتغال الصحافي من مقالات أسبوعية ولقاءات وهناك كذلك الدراسات النقدية التي أزاولها بين الحين والآخر”.

أما أكبر التحديات التي تواجه الثقافة العربية اليوم، فيقول عنها “التحديات كثيرة يصعب إجمالها وتزداد تعقيدا يوما بعد آخر لأن هناك فصلا وفراغا بين الإنسان العربي وإصداراته الأدبية والفكرية، لم يكن هذا الفراغ واضحا في السابق ولكن الأمل دائما معقود على نشوء أجيال من القراء”.

المشهد الثقافي العماني يمر بمرحلة فتوة وعلى أكثر من نوع أدبي بما فيه الشعر الذي يشهد بروز جيل جديد

ويضيف “سيتحول كل ما نكتبه إلى تراث وسيأتي جيل يبحث عما خلفنا كما يحدث الآن مع القراءات المتجددة للتراث العربي واستعادته عبر أكثر من شكل، وإن كان ذلك محدودا. من المهم أن تكون حصة المكتبة في كل مدرسة حصة أساسية، بذلك سيتعرف الطفل على الكتب من بداية نشوئه”.

وعن مشاريعه الأدبية القادمة، يتابع الرحبي “أشتغل على أكثر من مشروع بالإضافة إلى المقالات المستمرة هناك عدة مخطوطات قيد النمو والتطور في الرواية والقصة والرحلة إلى جانب بحث أكاديمي طويل. لا ننسى القراءة هي كذلك مشروع أساسي وقد جئت من معرض الشارقة الأخير بحصيلة وافرة من الكتب تحتاج إلى تفرغ وانكباب لقراءتها، فالقراءة حياة موازية كما يقال وما أحوجنا إلى هذه الحياة، والكتاب بستان يمكن أن تحمله في حجرك كما عبر عن ذلك العاشق الكبير للكتب جدنا العظيم أبوعثمان الجاحظ”.

12