الرد الخافت لبايدن على الصراع في غزة يضاعف الاستياء

الإدارة الأميركية الجديدة لم تبد أي بادرة على التزحزح بشأن الصراع في غزة وجاءت ردودها متفقة مع نمط مألوف من رد الفعل.
الخميس 2021/05/20
صمت أميركي

واشنطن- برده الخافت على الصراع الدائر في غزة، يلتزم الرئيس الأميركي جو بايدن إلى حد كبير بالموقف الأميركي المعتاد رغم ضغوط الديمقراطيين التقدميين من أجل اتخاذ موقف أكثر تشدّدا مع إسرائيل وضغوط حلفاء الولايات المتحدة المطالبين بدور أنشط في إنهاء العنف.

وأتاح بايدن فعليا المزيد من الوقت للقوات الإسرائيلية لمواصلة هجومها على الفصائل الفلسطينية المسلحة، بإشارته إلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة وابل الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة الخاضع لحكم حركة حماس واكتفائه بوكزة فقط لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أجل وقف إطلاق النار.

وقالت متحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، إن الرئيس بايدن حث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء على خفض التوتر في صراع غزة تمهيدا لوقف إطلاق النار.

وقال نتنياهو في وقت سابق إنه لا يمكنه أن يحدد إطارا زمنيا لإنهاء القتال مع غزة، المستمر منذ عشرة أيام، في الوقت الذي شن فيه الجيش الإسرائيلي ضربات جوية على قطاع غزة وواصل المسلحون الفلسطينيون إطلاق الصواريخ عبر الحدود.

رشيدة طليب: لا بد من حماية الحقوق الفلسطينية وليس التفاوض عليها

وتقول مصادر مطلعة على مجريات الأمور، إن المسؤولين الأميركيين يأملون في أن يصل الجانبان إلى نقطة يصبحان فيها على استعداد لإنهاء الهجمات في الأيام المقبلة وأن تساعد الدبلوماسية الهادئة خلف الكواليس من أطراف إقليمية مثل مصر في تحقيق وقف للأعمال العدائية.

غير أن سعي بايدن لاجتياز الأزمة في قطاع غزة بكل حرص سيصبح موضع اختبار إذا ما زادت حدة القتال وارتفعت أعداد القتلى من المدنيين بشدة.

وقال آرون ديفيد ميلر مفاوض السلام في الشرق الأوسط سابقا في إدارات الديمقراطيين والجمهوريين “يوجد كتاب للقواعد يجري اتباعه”، لكنه استدرك “لكن هناك دائما مجال لما لا يمكن التنبؤ به”.

وكان بايدن أوضح عندما تولى منصبه في يناير أنه يريد التركيز على جائحة فايروس كورونا والركود الاقتصادي في الداخل وتحديات مثل الصين وروسيا وإيران في الخارج.

ولم يكن السعي إلى حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني الذي كان مصدر إزعاج للرؤساء الأميركيين على مدار العشرات من السنين يشكل أولوية لبايدن، رغم أنه وعد بمراجعة بعض سياسات سلفه دونالد ترامب التي اعتُبرت على نطاق واسع منحازة بشدة لإسرائيل وكانت سببا في استعداء الفلسطينيين.

ومرّت أسابيع قبل أن يتحدث الرئيس الجديد مع نتنياهو اليميني الذي ربطته صلات قوية بترامب.

وباغت تفجر العنف مؤخرا في غزة الإدارة الأميركية الجديدة وجاءت ردودها حتى الآن متفقة مع نمط مألوف من رد الفعل.

فقد بدأ بايدن، النصير القديم لإسرائيل خلال العشرات من السنين التي قضاها في مجلس الشيوخ وفي منصب نائب الرئيس، بدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة الهجمات الصاروخية وهو ما دأب الرؤساء المتعاقبون على قوله عن إسرائيل حليف واشنطن الرئيسي في الشرق الأوسط.

ويأتي ذلك في وقت سعت فيه إدارة بايدن دون جدوى تذكر لتهدئة مخاوف إسرائيل وهي تتفاوض على عودتها المحتملة إلى الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015.

ولم يتحرك بايدن لإبداء دعمه لوقف إطلاق النار إلا الاثنين بعد أن دمّرت إسرائيل مبنى في غزة يضم مكاتب وكالة أسوشييتد برس، غير أن البيت الأبيض أوضح أنه لا يطالب إسرائيل بالموافقة على وقف إطلاق النار حرصا منه فيما يبدو على عدم استعدائها.

ويعد القتال الحالي أخطر فصل في الصراع بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل منذ سنوات. وفي تطور جديد يختلف عن نوبات الصراع السابقة في غزة، ساهم القتال في تغذية العنف في مدن إسرائيلية بين اليهود والعرب.

وانطلاقا من الفارق الكبير في الخسائر البشرية يطالب بعض الديمقراطيين التقدميين بايدن باتخاذ موقف أكثر حزما مع إسرائيل. وكانت هذه الفئة من الديمقراطيين قد ساعدت بايدن في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي وفي الوصول إلى الرئاسة.

وقال النائب الأميركي رو خانا “نحن بحاجة للتوصل إلى وقف إطلاق النار. يجب أن يطالب به الرئيس وليس مجرد أن يقول إنه يؤيده”. ولم يبد بايدن حتى الآن أي بادرة على التزحزح عن موقفه وربما لا يكون الديمقراطيون من أصحاب الميول اليسارية على استعداد لمواجهة مباشرة معه.

وقد سعى الجمهوريون إلى استخدام الصراع في غزة في انتقاد بايدن والديمقراطيين. ويمثل الناخبون المؤيدون لإسرائيل نسبة رئيسية في قاعدة الناخبين الجمهوريين كما أن الكثيرين من مؤيدي إسرائيل أيضا من الديمقراطيين والمستقلين.

وأشار ميتش ماكونيل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ إلى أن كل من ينادي بوقف إطلاق النار “يقترح في الأساس وجود مساواة أخلاقية” بين إسرائيل وحركة حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة تنظيما إرهابيا. وقال “يوجد عدد كبير من الديمقراطيين الذين يريدون أن يغدروا بإسرائيل”.

جو بايدن، النصير القديم لإسرائيل، يدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة الهجمات الصاروخية
جو بايدن، النصير القديم لإسرائيل، يدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة الهجمات الصاروخية 

وفي الوقت نفسه وجدت إدارة بايدن نفسها معزولة في قضية غزة في الأمم المتحدة. فقد عرقلت الولايات المتحدة أي إجراء من جانب مجلس الأمن في ما يتعلق بالتطورات، وقالت إنه لن يسهم في تخفيف حدة الأزمة وإنها ستواصل الدبلوماسية المكثفة.

غير أن بايدن لم يعلن حتى الآن عن اسم سفيره لإسرائيل وأرسل إلى المنطقة مسؤولا من المستوى المتوسط هو هادي عمرو نائب مساعد وزير الخارجية بدلا من إرسال مبعوث أرفع.

وتودّ الإدارة السير في الأيام المقبلة في طريق يفضى إلى ما وصفه مصدر مطلع على الوضع بأنه استراحة إنسانية من العنف للسماح بتوصيل مساعدات إغاثة إلى غزة وتحقيق هدوء مستدام.

وواجه بايدن هذه القضية الثلاثاء خلال رحلة إلى ميشيغان حيث استقبلته النائبة الأميركية رشيدة طليب وهي أول أميركية من أصل فلسطيني تدخل الكونغرس وهي من الديمقراطيين التقدميين البارزين. وقالت طليب لبايدن إنه “لا بد من حماية الحقوق الفلسطينية وليس التفاوض عليها”، وذلك وفقا لما رواه أحد أنصارها.

7