الذكاء الاصطناعي يهدد الممارسات الديمقراطية

نيويورك - لا يتوقف الأمر عند مقاطع فيديو وصور مزيفة، باستطاعة الذكاء الاصطناعي أن يرسل رسائل بريد إلكتروني ومكالمات هاتفية ويشارك في عمليات سبر الآراء متنكرا بهيئة مداخلات لمواطنين. والوضع كما يقول الخبراء يزداد سوءا.
عندما تلقت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية تعليقات عامة حول حيادية الإنترنت، وجد المدعي العام في نيويورك لاحقا أن ما يقرب من 18 مليون تعليق من أصل 22 مليون تعليق ملفقة.
وفي دراسة أخرى أرسل الباحثون 32.398 رسالة بريد إلكتروني إلى المكاتب التشريعية بعضها كتبه مواطنون، والبعض الآخر تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي. وجدت الدراسة أن المكاتب التشريعية لم تستطع التمييز بين ما هو مزيف وما هو حقيقي.
وهو ما دفعهم للقول إن العالم يواجه بداية طوفان من المداخلات الكاذبة التي ستقوض ثقة الجمهور، وبالتالي تقوض الديمقراطية.
إلى وقت قريب كانت الوسائل المتاحة للمسؤولين الحكوميين للاستماع إلى الناس محدودة. يتلقى المسؤولون المنتخبون رسائل البريد الإلكتروني والرسائل والمكالمات الهاتفية والمدخلات في قاعات المدينة، وتطلب بعض الوكالات أحيانا تعليقات عامة على اللوائح المعقدة.
ولطالما عبر الأميركيون عن مستويات منخفضة للغاية من الثقة في أنهم يؤثرون على عملية صنع القرار السياسي، أو أن المسؤولين المنتخبين يفهمون آراء الناس، وهو ما قوض الثقة في العملية الديمقراطية.
واليوم مع التطورات التي يشهدها الذكاء الاصطناعي، يزداد هذا الوضع سوءا. يمكن للذكاء الاصطناعي توليد أعداد هائلة من الاتصالات المزيفة الموجهة لصانعي السياسات تتنكر على هيئة مشاركات مواطنين.
وهو ما دفع للقول إننا نشهد بداية ما سيصبح طوفانا من المشاركات الكاذبة التي تغرق المشاركات الحقيقية وتزيد من تقويض ثقة الشارع بالديمقراطية.
هل هناك ما يمكن عمله لوقف هذا التهديد؟ نعم، ولكن لن تكفي إصلاحات سطحية لحل نظام معيب، بل المطلوب هي حلول كبيرة تسوق الأساليب التقليدية.
الحل هو العودة للجامعات والمنظمات غير الربحية لاستشارة المواطنين بشكل مباشر بشأن قضايا السياسة المهمة. وتجند جهود التشاور العامة هذه عينات تمثيلية تعكس الجمهور ككل، مما يجعل من الممكن التوصل إلى توافق في الآراء. ويجب التحقق من أن أولئك الذين يشاركون هم، في الواقع، مواطنون حقيقيون يستخدمون التقنيات الحديثة، وليس التقنيات الحديثة المزيفة.
استرجاع ثقة المواطنين بالديمقراطية، سيحتاج أولا إلى إعلان فقدان الثقة بالذكاء الاصطناعي وفضح قدراته على تزييف استطلاعات الرأي، وإجراء حوارات تتجاوز استطلاعات الرأي، وتقتصر على مجموعة ضيقة من الموضوعات التي تهم الجمهور وتمتلك بالفعل معلومات كافية لتقديم مشاركات ذات مغزى.