الذكاء الاصطناعي يقترب أكثر من دماغ البشر

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - على مدى السنوات العشر الأخيرة عكف العلماء على تلقين أنظمة الذكاء الاصطناعي بمخزون ضخم من البيانات، من أجل “تدريب” الشبكة العصبية الاصطناعية على التمييز بشكل دقيق بين الأمور.
ويتطلب مثل هذا التدريب تصنيف البيانات من قبل البشر وهو أمر شاق، وغالبًا ما تتخذ الشبكات العصبية طرقًا مختصرة لتعلم ربط الأمور ببعضها بأقل قدر من المعلومات.
ويقول أليكسي إفروس، عالم الكمبيوتر في جامعة كاليفورنيا بيركلي، “إن أجهزة الكومبيوتر وبرامج الذكاء الاصطناعي لا تتعلم المادة الدراسية، لكنها تقوم بعمل جيد في الاختبار”.
وبالنسبة إلى الباحثين المهتمين بالتشابه بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي، قد يكون هذا “التعلم الخاضع للإشراف” محدودًا فيما يمكن أن يكشفه عن طبيعة عمل الأدمغة البيولوجية، إذ أن البشر والحيوانات عموما لا تستخدم مجموعات البيانات المصنفة كمصدر وحيد للتعلم، وإنما يعتمد الجزء الأكبر من خبراتها على استكشافها للبيئة بنفسها ما يجعلها تكتسب فهمًا ثريًا وقويًا للعالم.
خبراء علم الأعصاب الحاسوبي بدأوا في استكشاف الشبكات العصبية الآلية التي تم تدريبها باستخدام القليل من البيانات التي قام البشر بتصنيفها
واليوم، بدأ بعض خبراء علم الأعصاب الحاسوبي في استكشاف الشبكات العصبية الآلية التي تم تدريبها باستخدام القليل من البيانات التي قام البشر بتصنيفها، مركزين اهتمامهم على “التعلم الذاتي” الذي أثبت نجاحًا هائلاً في تعلم الآلة للّغات البشرية. وشهدنا ذلك في التعرف على الصور والتمييز بينها.
وفي دراسة حديثة، أظهرت النماذج الحسابية التي أنشئت لتكون قريبة من الأنظمة المرئية والسمعية للثدييات وتم تصميمها باستخدام نماذج التعلم تحت الإشراف الذاتي لبرامج الذكاء الاصطناعي، تطابقًا أوثق مع وظائف الدماغ مقارنة بنظرائهم من ذوي التعلم الخاضع للإشراف البشري.
ومن خلال التجارب المتكررة والنجاح والخطأ لبرامج الذكاء الاصطناعي والشبكات الآلية العصبية المتصلة، بدأ العلماء يرون نموذجاً فريداً للتعلم يقترب من الأسلوب البشري.
ويقول بليك ريتشاردز، عالم الأعصاب الحاسوبي بمعهد الذكاء الاصطناعي في كيبيك، “ليس هناك شك في أن 90 في المئة مما يفعله الدماغ هو التعلم بالإشراف الذاتي”.
والعقول البيولوجية تتنبأ باستمرار، على سبيل المثال، بالخطوة التالية للكائن أثناء تحركه، أو الكلمة التالية في الجملة، تمامًا كما تحاول خوارزمية التعلم ذاتية الإشراف للآلات التنبؤ بالفجوة في صورة أو جزء من النص. فالأدمغة تتعلم من أخطائها من تلقاء نفسها أيضًا، فقط جزء صغير من ردود فعل أدمغتنا تأتي من مصدر خارجي يخبرنا أن الإجابة خاطئة.
ويؤكد العلماء أن الدماغ البشري أو الحيواني مليء بوصلات ما يسمى التغذية الراجعة، في حين أن النماذج الحالية من الذكاء الاصطناعي لديها القليل للغاية من هذه الروابط التي تعد من أهم العوامل المميزة للدماغ البشري وفي مدى تطور برامج الذكاء الاصطناعي.