الذكاء الاصطناعي يقتحم الرسوم المتحركة اليابانية

صور تم إنشاؤها بواسطة البرنامج لـ"أوبن إيه آي" تفتح نقاشا حول حدوث انتهاك محتمل لحقوق الملكية الفكرية.
الأحد 2025/04/06
فرادة لمسة الإبداع البشري

طوكيو - قد يتولى الذكاء الاصطناعي وظائف فناني الرسوم المتحركة اليابانيين، لكن لا شيء يمكن أن يحل محل موهبة هاياو ميازاكي، العقل الإبداعي لأستوديو "غيبلي" الياباني، على ما قال ابنه غورو. فبعد إصدار النسخة المحدثة من "تشات جي بي تي" (جي بي تي 4 أو)، شهدت الصفحات الإلكترونية سيلا من الصور والميمات التي أُنشئت بأسلوب أستوديو الرسوم المتحركة الشهير، المعروف بتنفيذه أفلاما شهيرة بينها "ماي نيبر توتورو" و"بوركو روسو" و"برنسس مونونوكي."

ويبدي غورو ميازاكي اعتقاده بأن الذكاء الاصطناعي قد "يحل محل" صنّاع المحتوى يوما ما، قائلا "لن يكون مفاجئا إذا تم إنتاج فيلم  رسوم متحركة  بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي خلال عامين." كما فتحت هذه الموجة من الصور واسعة الانتشار التي تم إنشاؤها بواسطة البرنامج التابع لشركة "أوبن إيه آي"، نقاشا حول حدوث انتهاك محتمل لحقوق الملكية الفكرية واستخدام المحتوى لتطوير هذا البرنامج.

لكن خلال مقابلة أجريت في نهاية مارس في مقر أستوديو غيبلي في غرب طوكيو، تساءل غورو ميازاكي عما إذا كان الجمهور سيكون مستعدا لمشاهدة فيلم رسوم متحركة يتم إنشاؤه بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي. ويقر المخرج البالغ 58 عاما، مع ذلك، بأن التقنيات الجديدة توفر "إمكانات كبيرة لظهور مواهب غير متوقعة."

وتواجه اليابان نقصا في رسامي الرسوم المتحركة المؤهلين، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن معظمهم يعتاشون من وظائف منخفضة الأجر لسنوات قبل أن يتعلموا أساسيات المهنة. وبالنسبة إلى ابن ميازاكي، فإن "الجيل زي" (وهم الأشخاص المولودون بين نهاية تسعينات القرن العشرين وبداية العقد الثاني من القرن الحالي)، والذي يتمتع بقدر كبير من الوعي بالتقنيات الرقمية، قد يرفض أيضا العمل اليدوي تدريجيا.

ويضيف "في هذه الأيام، أصبح العالم مليئا بالفرص لمشاهدة أي شيء، في أي وقت، وفي أي مكان،" ما يجعل من الصعب على الأجيال الشابة تصور كسب العيش من الرسم. وأسس والد غورو أستوديو غيبلي مع إيساو تاكاهاتا في عام 1985، بعد عام من إخراج فيلم الرسوم المتحركة "ناوسيكا أميرة وادي الرياح" الذي تدور أحداثه ما بعد نهاية العالم.

◙ اليابان تواجه نقصا في رسامي الرسوم المتحركة المؤهلين، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن معظمهم يعتاشون من وظائف منخفضة الأجر

بعد وفاة تاكاهاتا في عام 2018، واصل هاياو ميازاكي الذي يبلغ حاليا 84 عاما، صناعة أفلام الرسوم المتحركة مع المنتج توشيو سوزوكي، البالغ 76 عاما. ويقول غورو ميازاكي، ردا على سؤال عن مستقبل أستوديو غيبلي "إذا لم يعد هذان الشخصان قادرين على الحركة أو التحرك، فماذا سيحدث؟"، مضيفا "ليس من الممكن استبدالهما."

وعلى الرغم من كبر سنّه، فاز هاياو ميازاكي بجائزة الأوسكار الثانية في مسيرته العام الماضي عن فيلم "الفتى ومالك الحزين"، والذي من المرجح أن يكون آخر أفلامه الروائية الطويلة. وعادة ما تستهدف الرسوم المتحركة الأطفال، لكنّ تاكاهاتا وهاياو اللذين ينتميان إلى "الجيل الذي شهد الحرب"، أضافا عناصر أكثر قتامة تناسب البالغين، بحسب غورو ميازاكي.

ويصف غورو "رائحة الموت" التي تعبق بها هذه الأفلام، قائلا "ليست هناك حلاوة فحسب، بل مرارة أيضا وأشياء أخرى متشابكة بشكل جميل في العمل،” و”هذا ما يعطي هذا العمل عمقه." وبالنسبة إلى الشباب الذين نشأوا في زمن السلم، "من المستحيل أن يخلقوا شيئا يحمل القدر نفسه من المعنى والنهج والموقف مثل جيل والدي،" كما يقول غورو ميازاكي.

ومع انتشار الصور المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي على غرار صور أستوديو غيبلي عبر الإنترنت، ظهر مقطع فيديو يعود لعام 2016 لهاياو ميازاكي رأى فيه البعض إشارة إلى نفوره من التكنولوجيا. وقال المؤسس المشارك لأستوديو غيبلي في فيلم وثائقي على قناة التلفزيون العامة اليابانية "أعتقد بصدق أن هذا الأمر يشكل إهانة للحياة نفسها."

وكان يتفاعل مع رسوم متحركة أنشئت بمساعدة الذكاء الاصطناعي لمخلوق يشبه الزومبي، وصفه بأنه “مقيت للغاية”. وانضم ابن هاياو ميازاكي إلى أستوديو غيبلي في عام 1998 وأخرج فيلمين للرسوم المتحركة. كما أشرف على تطوير متحف غيبلي في منطقة كيتشيجوجي في طوكيو ومتنزه غيبلي الذي افتُتح في نوفمبر 2022 في منطقة آيتشي (وسط اليابان).

وقد أحب غورو ميازاكي الرسم منذ الطفولة. ويقول إنه تعلم الكثير من مشاهدة أعمال والده وتاكاهاتا، على الرغم من أنه “لم يعتقد أنه يمكن أن يصبح رساما” للأعمال الكرتونية بما يضاهي موهبتهما. ويقول المخرج "والدتي، التي كانت تعمل رسامة للرسوم المتحركة، حثتني أيضا على عدم متابعة هذه المهنة لأنها صعبة وتتطلب الكثير من الجهد،" مضيفا أن والده هاياو نادرا ما كان يتواجد في المنزل. ويضيف "لكنني كنت أرغب دائما في القيام بشيء إبداعي.. وأعتقد أن كوني مخرجا يناسبني."

13