الذكاء الاصطناعي يتعلم من النمل ويحقق توقعات كوب 28.. ولكن بأيّ كلفة؟

خبراء التكنولوجيا يؤكدون أن نقص البيانات وأدوات الذكاء الاصطناعي في الدول النامية تقوض دقة الخوارزميات.
الجمعة 2023/12/08
التكنولوجيا في خدمة العمل المناخي

دبي - عندما يغادر جحره بحثا عن الطعام يفرز النمل مادة الفيرومونات الكيميائية، للتواصل مع أفراد النمل الأخرى التي تعبر الرحلة نفسها.

ووفق مهندس الذكاء الاصطناعي تشيلدزي ماروالا الذي يشغل منصب العميد بجامعة الأمم المتحدة في طوكيو فإن الطريق الأقصر يحمل أقوى بصمة كيميائية، وهو ما يجعل النمل الآخر يختار استخدامه.

وتُعتمد الآن “الخوارزمية المستندة إلى النمل” وغيرها من أنظمة التعلم التي يطوّرها علماء البيانات للحد من أوجه القصور في عمليات التصنيع وخفض الانبعاثات المسببة للانحباس الحراري.

وفي لقاء معه خلال كوب 28 المنعقدة في دبي قال ماروالا “نتبع اليوم خوارزميات ذكاء اصطناعي تعتمد على ما تعلمناه من النمل، لأنها تقنيات فعالة”.

تشيلدزي ماروالا: نتبع خوارزميات تعتمد على ما تعلمناه من النمل
تشيلدزي ماروالا: نتبع خوارزميات تعتمد على ما تعلمناه من النمل

ويمكن لأدوات التعلم الآلي تسريع العمليات من تطوير الألواح الشمسية إلى التنبؤ بالطقس وتقليل انبعاثات الوقود الأحفوري ومواجهة تهديدات الكوارث.

ومع تزايد الدلائل التي تشير إلى سرعة ارتقاء الذكاء الاصطناعي أعلى جدول الأعمال السياسي، تعتبر قمة كوب 28 أول قمة مناخية للأمم المتحدة تنظّم مناقشات رفيعة المستوى حول استخدام التكنولوجيا في العمل المناخي.

وشهدت جلسات المؤتمر موجة من إطلاق تعهدات جديدة لخفض الانبعاثات. ووعدت 118 دولة يوم السبت الماضي بمضاعفة الطاقة المتجددة في العالم ثلاث مرات بحلول 2030.

وهنا يلعب الذكاء الاصطناعي دورا مهما ويمكن أن يساعد كما يقول ماروالا في إنجاز بعض هذه الأفكار.

وعل سبيل المثال يمكن دمج تكنولوجيا المعلومات في أنظمة الطاقة الشمسية لتحقيق أقصى قدر من الامتصاص، وذلك بتزويد الألواح بأنظمة لتحديد الموقع الأمثل لالتقاط أشعة الشمس، ويقلد العلماء في ذلك نفس التقنية التي يتبعها نبات عباد الشمس في تقفي الإشعاع.

كما يمكن أن يساعد التعلم الآلي على التنبؤ بالتأثيرات الناجمة عن المناخ مثل الفيضانات وحرائق الغابات، وتمديد نطاق اختبار أجهزة كمبيوتر للسيناريوهات المحتملة.

لكن خبراء التكنولوجيا يحذرون من أن نقص البيانات وأدوات الذكاء الاصطناعي في الدول النامية يمكن أن يقوض دقة الخوارزميات.

إلا أن المعلقة التكنولوجية وعالمة المستقبليات المقيمة في الولايات المتحدة سينيد بوفيل اعتبرت أن الافتقار إلى جمع البيانات الكافية في دول الجنوب يعني أن أنظمة التنبؤ بالطقس لن تكون دقيقة.

وأضافت “إذا كان الهدف يكمن في اعتماد الذكاء الاصطناعي في مكافحة تغير المناخ، فيجب أن يكون مشروعا جماعيا عالميا”.

47

مليار دولار استثمار أميركا في الذكاء الاصطناعي خلال 2022، أكثر من الدول الـ14 التالية مجتمعة

وأكّدت أن المحادثات رفيعة المستوى في القمة أظهرت إدراك القادة لكون الذكاء الاصطناعي “أداة حاسمة” في تحقيق أهداف المناخ العالمية. وتابعت “سنحتاج إلى تنفيذ بعض هذه التقنيات لتحقيق الأهداف التي نريدها في الوقت المناسب”.

أما المنحازون للتكنولوجيا الجديدة فيرون أن الذكاء الاصطناعي قد يكون أداة أساسية في تحقيق تعهدات جديدة بزيادة الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة استخدام الطاقة بحلول 2030.

ويتعاون الأستاذ المشارك في قسم الهندسة الميكانيكية والهندسة وعلوم المواد ماتيو كييزا والعديد من طلاب الدكتوراه بجامعة ترومسو (جامعة النرويج القطبية الشمالية) مع الشركات لدراسة سبل مكافحة تحديات نشر الكهرباء في مجتمعات القطب الشمالي النائية.

وأشار إلى أن خطوط الطاقة القريبة من نهاية اتصال الشبكة تكون أكثر عرضة للأخطاء، لكن البيانات المتعلقة بعوامل مثل طاقة الرياح واتجاهها، أو كيفية نقل الكهرباء، يمكن أن تمرّ عبر خوارزمية تحدّد نقاط الضعف بشكل استباقي.

ويرى كييزا، وهو أيضا أستاذ في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا بالإمارات العربية المتحدة، أن هذا يساعد في إدارة الموارد المتوفرة.

كما يُعتمد الذكاء الاصطناعي لتحسين توقعات العرض والطلب على الطاقة حتى تتمكن الشركات من خفض أسعار الموارد في غير أوقات الذروة وخفض الطلب خلالها.

سينيد بوفيل: الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون مشروعا جماعيا
سينيد بوفيل: الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون مشروعا جماعيا

كما أصبحت إدارة الطلب على الشبكات أكثر أهمية مع الزيادات العالمية في طاقة الرياح والطاقة الشمسية التي تختلف حسب الطقس، ومع نمو الطلب على الكهرباء مع انتشار تكنولوجيات جديدة مثل السيارات الكهربائية.

وتتركز أدوات الذكاء الاصطناعي وبياناته المرتبطة بالعمل المناخي في عدد صغير من الدول فقط. وتهيمن الولايات المتحدة والصين على هذا الاتجاه.

ووفقا لبيانات معهد الذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان في جامعة ستانفورد، بلغ الاستثمار الخاص في الذكاء الاصطناعي 47 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال 2022. وهذا المبلغ أكثر من الدول الـ14 التالية مجتمعة، بما في ذلك الصين التي أنفقت 13 مليار دولار.

وتشكّل الكميات الكبيرة من الطاقة التي يعتمدها الذكاء الاصطناعي والكميات الكبيرة من المياه اللازمة لتبريد مراكز البيانات مصدري قلق كبيرين.

ويُقال إن تدريب “أوبن إيه آي” لبرنامج تشات جي.بي.تي 3 استهلك بشكل مباشر 700 ألف لتر من المياه العذبة النظيفة، وفقا لتقدير نشرته جامعة كاليفورنيا – ريفرسايد في أبريل.

وقال ماروالا إن معالجة هذه القضايا ستتطلب اعتماد طرق أفضل لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، وضمان تشغيل الأنظمة بالطاقة المتجددة.

وتساءل “ما هي كمية الطاقة أو الكربون التي يجب على العالم أن يدفعها لنحصل على تلك النماذج؟”.

12