الدولار يهز شباك الدينار العراقي

بالرغم من كل الإجراءات التي قامت بها حكومة السوداني في كبح جماح الدولار، وتقليص سيطرته وسطوته على السوق العراقية، وتحكمه بجشع تجار المال، إلا أنه ما زال رقما صعبا في المعادلة الرقمية والاقتصادية العراقية، وعلى الرغم من إدخال متطلبات الإفصاح عن المستفيدين من البنك المركزي العراقي لتحويلات الدولار عبر الحدود في نوفمبر الماضي ومنع تهريبه، إلا أن هذه الإجراءات أدت إلى استمرار تطابق العرض والطلب على الدولار، بالمقابل نما الطلب من خلال السوق الموازية والذي أثر كثيرا على سعر الصرف الرسمي للدولار مقابل الدينار العراقي بنسبة 13 في المئة والتي استقرت عندها في الأسابيع الأخيرة الماضية.
على الرغم من عدم انخفاض مبيعات الدولار في نافذة بيع العملات الأجنبية المعروفة باسم “مزاد العملة” في البنك المركزي العراقي بشكل واضح، إلا أن هناك إشارات ملموسة بأن ديناميكيات العرض والطلب لم تنخفض للدولار، بالإضافة إلى عدم تطابق العرض والطلب على الدولار، والزيادة في السعر الموازي ناتجة من الناحية الفنية عن متطلبات الإفصاح عن المستفيدين، إلى جانب حظر البنك المركزي العراقي على أربعة مصارف في نوفمبر الماضي وأربعة عشر مصرفا في يوليو الماضي، ما خلق فجوة ناتجة في الأساس من اختلاف هيكلية النظام الاقتصادي العراقي، والتي تستلزم أن يكون هناك دور مهم للمزاد كمورد للدولار لدفع واردات القطاع الخاص والقضايا التي تنشأ من طبيعة الاقتصاد غير الرسمي إلى حد كبير، والذي يستهلك فيه السلع والخدمات في الغالب عن طريق الواردات.
◙ يمكن للبنك المركزي العراقي أن يجد البديل من خلال اعتماد عملة ثالثة غير الدولار لتسوية معاملاته وتعاملاته الداخلية والخارجية، ولكن هذه الخطوات تشوبها المصاعب
تشكل واردات العراق من السلع المستوردة من إيران تحديدا أهمية قصوى لدى القطاع الخاص، بالإضافة إلى حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين الذي وصل إلى أكثر من 11 مليار دولار عام 2022، فضلا عن زيادة حجم السياحة المتبادلة بين البلدين والتي شكلّت 32 في المئة من إجمالي السياح إلى إيران للسنوات 2012 – 2021، إلى جانب وجود أكثر من 75 ألف طالب يدرسون في الجامعات الإيرانية وفي المعاهد الدينية لعام 2023، في حين تستمر العقوبات الاقتصادية الأميركية على طهران، لعزل النظام المصرفي الإيراني عن بقية العالم، وارتفاع تكلفة السعر الموازي، بالإضافة إلى الإجراءات المكثفة التي يتخذها البنك المركزي العراقي ضد واردات العراق من السلع والخدمات، إما ستنخفض ماديا وإما يتم العثور على طريق بديل.
يمكن للبنك المركزي العراقي أن يجد البديل من خلال اعتماد عملة ثالثة غير الدولار لتسوية معاملاته وتعاملاته الداخلية والخارجية، ولكن هذه الخطوات تشوبها المصاعب وطويلة الأمد سواء في تسديد ديون العراق، أو للخروج من دائرة العقوبات المفروضة على طهران، بالإضافة إلى ضرورة زيادة رأس مال وخزين البنك المركزي العراقي من العملة الأجنبية والذهب، وبما يعزز قوته ومكانته الاقتصادية ومن ثم اللجوء إلى تقوية الدينار العراقي داخلياً عبر التعامل به دون اللجوء إلى التعاملات بالدولار وجعله في دائرة التخزين ليس إلّا.