الثنائي ميسي ومبابي وجها لوجه في نهائي المونديال

يشهد نهائي بطولة كأس العالم لكرة القدم، المقامة حاليا في قطر، مواجهة من نوع خاص بين الساحر الأرجنتيني ليونيل ميسي والجناح الفرنسي الشاب كيليان مبابي، ثنائي فريق باريس سان جرمان الفرنسي، وذلك حينما يلتقي المنتخبان على ملعب لوسيل يوم الأحد المقبل.
الدوحة - يتطلع الأرجنتيني ميسي (35 عاما) إلى التتويج بكأس العالم للمرة الأولى في مسيرته الرياضية مع منتخب الأرجنتين في آخر مونديال له – على الأرجح – بينما سيحاول مبابي، الذي يصغره بـ12 عاما، قيادة منتخب فرنسا للاحتفاظ باللقب الذي توج به فريق المدرب ديدييه ديشامب في المونديال الماضي بروسيا عام 2018.
وألقت وكالة الأنباء البريطانية “بي أيه ميديا” الضوء على المبارزة الثنائية التي ستجرى بين ميسي ومبابي في المباراة النهائية. ويتقاسم ميسي ومبابي صدارة قائمة هدافي المونديال الحالي بقطر برصيد 5 أهداف لكل منهما، حيث يبتعدان بفارق هدف وحيد عن أقرب ملاحقهما أوليفييه جيرو، مهاجم منتخب فرنسا.
صام ميسي عن التسجيل في مباراة واحدة فقط في مبارياته الست التي خاضها في مسيرته بمونديال 2022، علما بأنه أحرز 3 أهداف من ركلات جزاء من بين أهدافه الخمسة في البطولة حتى الآن، فيما قدم 3 تمريرات حاسمة لزملائه.
أما مبابي، فأحرز ثنائية أمام الدنمارك بمرحلة المجموعات وبولندا في دور الـ16، بالإضافة إلى هدف في شباك أستراليا خلال اللقاء الافتتاحي لفرنسا بالبطولة، لكنه لم يتمكن من هز الشباك خلال لقاء المغرب في الدور قبل النهائي وكذلك أمام تونس في آخر مباريات الفريق في دور المجموعات، التي شهدت مشاركته في الدقيقة 73 قادما من مقاعد البدلاء.
إرث كأس العالم
انفرد ميسي بصدارة قائمة الهدافين التاريخيين لمنتخب الأرجنتين في كأس العالم، بعدما أحرز هدفه الحادي عشر في مسيرته بالمونديال، التي بدأت منذ نسخة البطولة عام 2006 بألمانيا، وذلك عقب تسجيله هدفا من ركلة جزاء خلال فوز منتخب (راقصو التانغو) 3 – 0 على كرواتيا في الدور قبل النهائي للبطولة. ويتفوق ميسي الآن بفارق هدف وحيد على أقرب ملاحقيه المهاجم السابق غابرييل باتيستوتا في قائمة هدافي الأرجنتين التاريخيين بكأس العالم.
وأصبح ميسي بحاجة إلى تسجيل هدف وحيد في النهائي، ليعادل عدد أهداف الأسطورة البرازيلي بيليه في كأس العالم، في حين سيشهد ظهوره الأخير يوم الأحد المقبل انفراده بالرقم القياسي كأكثر اللاعبين خوضا لمباريات كأس العالم، الذي يتقاسمه حاليا مع النجم الألماني المعتزل لوثر ماتيوس، بعدما لعب كل منهما 25 مباراة في المونديال.
في المقابل، أحرز مبابي 9 أهداف في مشواره بكأس العالم حتى الآن، بعدما سبق له تسجيل 4 أهداف في المونديال الماضي بروسيا ليتفوق على بيليه في عدد الأهداف التي أحرزها كل منهما قبل سن 24 عاما. وفي حال احتفاظ فرنسا بلقب المونديال، سيصبح مبابي أول لاعب بعد بيليه في عام 1962 يفوز بكأس العالم مرتين في سن 23 عاما. ويحتل مبابي المركز الثاني حاليا في قائمة هدافي منتخب فرنسا التاريخيين بكأس العالم، حيث يتأخر بفارق 4 أهداف عن جوست فونتين (المتصدر)، الذي أحرز 13 هدفا في المونديال، جاءت جميعها في نسخة المسابقة عام 1958 بالسويد.
ميسي أصبح في حاجة إلى تسجيل هدف وحيد في النهائي، ليعادل عدد أهداف الأسطورة البرازيلي بيليه في كأس العالم
كان ميسي منذ فترة طويلة بمثابة الأيقونة للأرجنتين بلا منازع، لكن الضغوط كانت هائلة عليه، حتى قبل الخسارة المفاجئة التي تلقاها الفريق في أولى مبارياته بمونديال قطر أمام المملكة العربية السعودية. وأحرز ميسي الهدف الافتتاحي للأرجنتين في 4 لقاءات، لكن هدفه المبكر في شباك السعودية من ركلة جزاء، لم يكن كافيا لتحقيق فريقه الفوز.
وقدم ميسي تمريرتين حاسمتين مذهلتين عززتا أهميته في صفوف منتخب الأرجنتين، كانت إحداهما تمريرة ماكرة لناهويل مولينا ضد هولندا، والأخرى انطلاقة رائعة بالكرة من منتصف الملعب حتى وصل بها إلى منطقة الجزاء، قبل أن يرسل عرضية زاحفة لجوليان ألفاريز سجل من خلالها الهدف الثالث في شباك كرواتيا. في ظل غياب المهاجم المصاب كريم بنزيمة، كان هناك تركيز أكبر على مبابي، الذي قاد الفريق لتحقيق انتصار صعب على الدنمارك 2 – 1، مسجلا هدف الفوز في الدقيقة 86.
وفي ظل عدم حسم الأمور في لقاء بولندا بدور الـ16 رغم تقدم فرنسا بهدف نظيف في الشوط الأول، إلا أن الثنائية التي أحرزها مبابي في فريق المهاجم المخضرم روبرت ليفاندوفسكي، في آخر 16 دقيقة، كانت كافية لتأمين الانتصار للمنتخب الفرنسي. ومن خلال قيامه بتمريرتين حاسمتين لجيرو خلال البطولة من عرضية رائعة وتمريرة بينية ذكية برهن مبابي على قدراته الشاملة مع الفريق.
لم يظهر مبابي الفاعلية المطلوبة أمام المغرب في الدور قبل النهائي، رغم تقدم فرنسا بهدف مبكر في الدقيقة الخامسة، وذلك بسبب الرقابة اللصيقة التي فرضت عليه، لكنه في النهاية أوجد لنفسه المساحة الكافية للتسديد، ليساهم في الهدف الثاني الذي أحرزه زميله راندال كولو مواني. وتابع كولو مواني تسديدة مبابي من داخل منطقة الجزاء، التي انحرفت تجاهه ليحرز الهدف الثاني لفرنسا في الدقيقة 79 بعد لحظات من نزوله إلى أرض الملعب قادما من مقاعد البدلاء.
مسار شاق
من إحراز اللقب في موسكو قبل أكثر من أربعة أعوام إلى نهائي مونديال 2022 الأحد في الدوحة، عانى المنتخب الفرنسي من صدمات ومطبات واستدعاء غير متوقع لكريم بنزيمة وظهور جيل جديد محاط بمخضرمين مثل هوغو لوريس وأوليفييه جيرو. بعد الليلة المجنونة في 15 يوليو 2018 على ملعب “لوجنيكي” في موسكو، عاش المنتخب الفرنسي خريفا متضاربا ومن دون اهتمام حقيقي بمسابقة جديدة هي دوري الأمم الأوروبية التي خاضها “الديوك” بلا تجديد دماء باستثناء قدوم تانغي ندومبيليه، فرلان مندي أو ألحسن بليا. ارتقى الفرنسيون إلى حد ما إلى مكانتهم كأبطال عالم لكنهم عرفوا بعض المطبات مثل السقوط أمام هولندا في دوري الأمم وتركيا في تصفيات كأس أوروبا (بنتيجة واحدة 0 – 2) في نوفمبر 2018 ويونيو 2019.
بعد سلسلة من سبعة انتصارات متتالية، حصلت الانتكاسة خلال تجمع يونيو بسبب كثرة الإصابات التي تسببت في إنهاء رجال ديشامب الموسم بهزيمتين وتعادلين. في سبتمبر ووسط استمرار مشاكل الإصابات، سقط الفرنسيون مرة ثانية أمام الدنمارك 0 – 2 بعد الأولى 1 – 2 في يونيو، ما دفع ديشامب إلى التخلي عن خطة اللعب بثلاثة لاعبين في قلب الدفاع ضمن رؤيته لمونديال قطر. وكانت الاستعدادات لكأس العالم مصحوبة بالشكوك بسبب لعنة الإصابات التي حرمت “الديوك” من جهود بول بوغبا، نغولو كانتي، كريم بنزيمة، كريستوفر نكونكو، بريسنيل كيمبيمبي، ومايك مينيان.
ثم وفي أول مباراة في النهائيات انضم لوكا هرنانديز إلى اللائحة بعد إصابته في الفوز الافتتاحي على أستراليا (4 – 1) والذي أتبعه الفرنسيون بانتصار مقنع على الدنمارك (2 – 1)، قبل أن يريح ديشامب أساسييه ما تسبب في السقوط في الجولة الأخيرة أمام تونس (0 – 1).
وعاد الأساسيون إلى التشكيلة في ثمن النهائي ضد بولندا ليساهموا في فوز مريح 3 – 1، قبل المعاناة في ربع النهائي لتخطي إنجلترا 2 – 1 بفضل هاري كاين الذي أهدر ركلة جزاء كانت ستجر فرنسا إلى التمديد على أغلب الظن.
