التواصل مع الفلسطينيين يمنح إسرائيل فرصة أفضل للتطبيع مع العرب

محادثات السلام ستمهّد الطريق لاتفاقات تطبيع جديدة.
الاثنين 2021/09/27
بايدن لن يقدم حوافز لاتفاقات تطبيع جديدة

يُرجح محللون مختصون في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي ومراكز الدراسات، أن يكون للعلاقات بين السلطتين الإسرائيلية والفلسطينية في الفترة المقبلة دور كبير في توسيع اتفاقات التطبيع الموقعة بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، في المقابل، قد تؤدي التوترات إلى إبعاد دول عربية، تقف قاب قوسين أو أدنى من تطبيع العلاقات، وتشعل صراعا كبيرا في المنطقة، لا يرغب أي طرف في وقوعه.

واشنطن - تتعرض إسرائيل لضغوط دولية للانخراط في عملية سلام جديدة مع الفلسطينيين يمكن أن تسهم في التطبيع مع دول الخليج العربي مثل قطر والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.

وأعلنت كل من الولايات المتحدة ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية علنا أنها تريد استئناف محادثات السلام، كما أعادت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التأكيد على التزام البيت الأبيض التقليدي بحل الدولتين بعد الإشارات المتضاربة من الرئيس السابق دونالد ترامب بشأن دولة فلسطينية مستقبلية.

وعلى الرغم من استبعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت لقيام دولة فلسطينية، إلا أنه لم يستبعد محادثات السلام بشكل قاطع. ويتعرض لضغوط داخلية من شركائه في التحالف، مثل وزير الدفاع بيني غانتس ووزير الخارجية يائير لابيد، للنظر في احتمال إجراء محادثات.

وعقدت مصر والأردن والسلطة الفلسطينية محادثات مطلع سبتمبر في مصر لبحث سبل إحياء عملية السلام. وفي 11 سبتمبر، أصبح بينيت أول زعيم إسرائيلي كبير يزور مصر منذ أكثر من عقد، حيث ناقش إمكانية العودة إلى محادثات السلام مع الفلسطينيين.

توتر العلاقات مع الفلسطينيين قد تؤدي إلى اندلاع صراع كبير آخر ودفع دول الخليج العربي بعيدا عن إسرائيل

وفي 29 أغسطس، أجرى غانتس حديثا مباشرا نادرا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في أول اتصال إسرائيلي رفيع المستوى مع السلطة منذ سنوات. وعرض غانتس على السلطة الفلسطينية قرضا ميسرا بقيمة 155 مليون دولار للمساعدة في تعزيز ميزانية السلطة، مع سداد القرض على شكل ضرائب تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة، وبالتالي منع تراكم الديون.

ومنذ حرب مايو 2021 في غزة، عادت إسرائيل إلى الأساليب القديمة لمنع اندلاع حرب إقليمية كبرى أخرى في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتقدم إسرائيل الدعم الاقتصادي للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وتطلق الضرائب للسلطة حتى تتمكن من دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية وتحاول تعزيز اقتصاد المنطقة وميزانية السلطة الفلسطينية للحد من البطالة.

وتقدم في غزة مساعدات مالية قطرية ثابتة ومواد إعادة الإعمار لثني المسلحين عن شن هجمات واسعة النطاق. وبينما كان الجيش الإسرائيلي أسرع في استخدام الضربات الجوية ردا على الاستفزازات مما كان عليه في الماضي، فقد خُطط للضربات بعناية لتجنب تصعيد أكبر. وربط غانتس قوة السلطة الفلسطينية باستراتيجية إسرائيل لعزل حماس، قائلا إنه “كلما كانت السلطة الفلسطينية أقوى ستكون حماس أضعف”.

ويقول مركز ستراتفور الأميركي إن وجود حزبين في الحكومة الإسرائيلية يعارضان التوسع الاستيطاني (حزب راعم الإسلامي، وميرتس اليساري) يشكل خطرا سياسيا على البناء الاستيطاني السريع، حيث سيتسبب خروج أي من الطرفين من الائتلاف في انهيار الحكومة.

الحياة والسلام ما يبحث عنه الإنسان
الحياة والسلام ما يبحث عنه الإنسان

وفي أغسطس، أجّلت المحكمة العليا الإسرائيلية عمليات إخلاء الفلسطينيين في حيّ الشيخ جرّاح والأحياء المضطربة في القدس الشرقية. وساعدت عمليات الإخلاء هذه في إشعال شرارة الاحتجاجات التي أدت إلى اندلاع صراع مايو في غزة.

كما شهدت الضفة الغربية تصاعدا في المشاعر المعادية لإسرائيل والسلطة الفلسطينية مدفوعة بوفاة ناقد السلطة نزار بنات بعد اعتقال قوات الأمن الفلسطينية له، وانهيار الاقتصاد بسبب القيود المفروضة للحماية من فايروس كورونا المستجد، وإلغاء الانتخابات، وحرب غزة. وقد أثر ذلك على استعداد إسرائيل لتقديم مساعدات اقتصادية للسلطة الفلسطينية.

وفي أحدث دلالات على تصاعد منسوب التوتر بين الطرفين، حذّرت الرئاسة الفلسطينية الأحد من أن استمرار إعدامات إسرائيل بحق الفلسطينيين سيؤدي لانفجار الأوضاع والمزيد من التوتر وعدم الاستقرار، وذلك تعليقا على مقتل أربعة فلسطينيين خلال تنفيذ الجيش الإسرائيلي عمليات اعتقال في الضفة الغربية.

ويوضح مركز ستراتفور للدراسات والأبحاث الجيوسياسية الاستراتيجية، أنه إذا انخرطت إسرائيل في محادثات سلام مع الفلسطينيين فسوف تعزز دعمها لتطبيع العلاقات مع دول عربية مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وقطر. ولكن إذا لم تحدث محادثات السلام، فقد تؤدي التوترات مع الفلسطينيين إلى اندلاع صراع كبير آخر ودفع دول الخليج العربي هذه بعيدا.

ويضغط مواطنو دول الخليج العربي على حكوماتهم ضد التطبيع مع إسرائيل لأسباب أهمها علاقات إسرائيل الضعيفة مع الفلسطينيين.

ويدعم العديد من مواطني دول الخليج العربي عملية تشبه مبادرة السلام العربية لسنة 2002 التي قدمت اعترافا كاملا بإسرائيل عبر العالم العربي مقابل دولة فلسطينية.

صراع لا ينتهي
صراع لا ينتهي

وفي حين أن قيام دولة فلسطينية لا يزال غير محتمل، سيتفاعل مواطنو دول الخليج بشكل إيجابي مع محادثات السلام التي تزيد من حقوق الفلسطينيين. ولكن بالنظر إلى أن الأحزاب المناهضة للدولة الفلسطينية تنتمي إلى الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك حزب رئيس الوزراء، فقد تعطل إسرائيل لأسباب سياسية داخلية محادثات السلام.

وإذا تُرك الفلسطينيون في مأزق دبلوماسي وسياسي، فستتفاقم التوترات حتما، مما يؤدي إلى حرب أخرى سيتفاعل معها عرب الخليج سلبا، مع تجميد التحركات نحو التطبيع.

ويستمر بناء العلاقات السرية بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وقطر من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، لكن الرأي العام في هذه الدول العربية لا يزال صريحا ضد المزيد من التطبيع مع إسرائيل.

وبينما كان الرأي العام معارضا بشكل عام للتطبيع أيضا، دفعت الحوافز التي قدمتها إدارة دونالد ترامب، مثل الموافقة على بيع طائرة إف – 35 المتقدمة للإمارات، بدول عربية إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ومن غير المرجح أن يقدم الرئيس الأميركي جو بايدن حوافز جديدة للتطبيع نظرا لأن قاعدته السياسية تعدّ أكثر انتقادا لسياسات إسرائيل الفلسطينية من قاعدة ترامب.

7