التكنولوجيا تُغيّر استراتيجيات التسويق للشركات الكبرى

مواقع التواصل الاجتماعي فضاء تجاري واسع.
الأحد 2021/12/19
بضائع تقتحم عالم المستهلكين

وصول مواقع التواصل الاجتماعي إلى الملايين من المشتركين الذين أصبحوا يقضون معظم أوقاتهم في العالم الافتراضي دفع العلامات التجارية الكبرى إلى تغيير استراتيجياتها التسويقية والاعتماد على هذه المواقع للتفاعل مع أكثر عدد من المستهلكين، وذلك تحقيقاً للتسويق بصورة أوسع إلى جانب تحقيق مبيعات أكبر وأرباح أكثر.

لندن ـ أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا هاما في مجال التسويق التجاري وتوجيه الاستهلاك لدى الأفراد والمجموعات في عالم جديد تقوده التكنولوجيا، فدخلت العلامات التجارية إلى المنصات الإلكترونية لدعم عملية الترويج لسلعها وتوجيه المستهلك من خلال استخدام المفهوم المزدوج لقيمة الاستهلاك.

ويعني هذا المفهوم تحويل القيمة التي يدركها ويُكوّنها المستهلك حول منتج معين إلى قيمة يولّدها من منظور نقل الثقة ويقوم بنقلها وتداولها تلقائياً لآخرين؛ مما يُعزز من فرص تلك الشركات من التسويق لمنتجاتها، ومن ثم تحقيق المكسب.

وبحسب الخبراء، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي قناة اتصال تجارية أسهمت بصورة كبيرة في فتح مجال ترويج المنتجات والعلامات التجارية، حيث أوجدت نمطاً تجاريا يُعرف باسم “التجارة الاجتماعية”، والتي تستهدف تحقيق مزايا تنافسية للشركات التجارية وتسهم في زيادة المبيعات لها عبر التفاعلات البينية مع المستهلكين.

ويشير الخبراء إلى أن مجتمع العلامات التجارية يستخدم العلاقات الاجتماعية البينية والتفاعلات المختلفة بين المستهلكين على مواقع التواصل لدعم علامة تجارية بعينها، وذلك عبر تحويل اهتمامهم من الاستهلاك غير المنظم إلى التوجه لتسويق العلامة التجارية ذاتها.

وتسهم مواقع التواصل الاجتماعي في توسيع دائرة التواصل والانتشار للشركات التجارية المختلفة، وذلك من خلال منشوراتها التجارية وتفاعلات المستهلكين معها، أو من خلال التفاعلات المتداخلة بين المستهلكين وبعضهم البعض مما يساعد في نشر السلع والمنتجات الخاصة بالشركات العالمية، ومن ثمَّ يمكن القول إن مجتمعات العلامات التجارية تُشكل فرصة فريدة للشركات المالكة لها للتواصل مع المستهلكين وتعزيز الوعي بالعلامة التجارية، وبالتالي تحقيق زيادة في المبيعات.

التجارة الاجتماعية تستهدف تحقيق مزايا تنافسية للشركات التجارية وتسهم في زيادة المبيعات عبر التفاعلات البينية

وتستهدف مجتمعات العلامات التجارية الترويح للسلع والمنتجات الخاصة بها والتأثير على سلوك المستهلكين وذلك من خلال تحفيز ثلاث قيم وهي النفعية والسعادة والقيم الاجتماعية، والتي تُنتج من خلال المزج بين القيم المباشرة (أي نية الشراء)، وغير المباشرة التي تتولد لدى المستهلك عبر الحديث عن تلك العلامة التجارية.

وتؤدي الثقة دوراً مهماً في التجارة الاجتماعية لكونها العامل الرئيسي في خلق بيئة مناسبة وآمنة تدعم القيمة التي يولّدها المستهلك، فهي ترتبط بصورة إيجابية بالتوجهات التسويقية المختلفة، فالثقة في منتج أو خدمة بعينها، تكون حافزاً وراء توجه الفرد للتعامل مع الشركة مقدمة الخدمة.

هنا، يُعزز السياق والتفاعلات الاجتماعية عبر مواقع التواصل فكرة الثقة لدى المستهلكين مما يُسهّل عملية تبادل المعلومات حول المنتج، ليتعزز كسب ثقة المستهلك في العلامة التجارية ويحقق ذلك أيضاً انتشاراً واسعاً للعلامة بما يزيد من استهلاك المنتج الخاص بها.

ويذلك تصبح مواقع التواصل الاجتماعي بمنزلة طرق مهمة للشركات لخلق قيم لعملائها (أي القيمة التي يدركها المستهلك)، مع استخلاص القيم منها أيضاً (أي القيمة التي يولّدها المستهلك)؛ مما يعكس المفهوم المزدوج لقيمة المستهلك في المجتمع، لتصبح قيمة المستهلك  مفهوماً مزدوجاً ينتج عن ضخ الشركات منتجات وخدمات متعددة عبر منصات التواصل، والذي يبلور بدوره “قيمة” لدى المستهلك وفقاً لتقييمه لتلك المنتجات.

وتخضع عملية تقييم المستهلكين للمنتجات المختلفة وتفضيلها لأمرين، الأول الفوائد المتصور الحصول عليها نتيجة لشراء المنتج، والثاني التكاليف الخاصة بها.

ويرى الخبراء أن عملية تحديد توجهات الأفراد تجاه منتج معين تخضع لثلاثة أبعاد، هي القدرة على التنبؤ، أي أن قدرة الأفراد على توقع الاحتياجات المستقبلية تعتبر مصدراً لخلق ثقة لديهم تساعد بصورة كبيرة في بلورة توجهاتهم حول منتجات وسلع معينة، ومن ثمَّ تولد لديهم قيمة الشراء.

أما البعد الثاني فهو التنوع وتعدد البدائل، وذلك يعني أن تعزيز قيمة الشراء لدى المستهلكين على شبكات التواصل يأتي عبر التعددية والتنوع وحجم البدائل المعروضة من تلك السلع، فمن خلال الإلمام بهذا التنوع والبدائل تتشكل الخبرات المتنوعة للمستهلكين، لذا يمكن اعتبار أن التجارة الاجتماعية على تلك المنصات بمنزلة المظلة الشاملة لكافة السلع والخدمات.

Thumbnail

ويتمثل البعد الثالث في التفاعلات الداخلية، أي أن تبادل المعلومات بين الأفراد حول المنتجات المختلفة عبر المنشورات والرسائل والتعليقات المختلفة حولها، ما يساهم في تشكيل توجه المستهلك وتوليد قيمة الشراء ويجعل منصات التواصل الاجتماعي بيئة مناسبة وملائمة للتسوق عبر الإنترنت.

وتعد الثقة مرتكزاً مهماً في التجارة الاجتماعية؛ لكونها عاملاً مساعداً في تحويل القيمة التي يدركها المستهلك حول أهمية هذا المنتج إلى إجراء فعلي حيال ذلك المنتج، سواء بالشراء أو بنقل الخبرات حول ذلك المنتج، فمجتمع العلامات التجارية يساعد على توفير فرص متعددة أمام قرارات الشراء لدى مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي من خلال التسوق الإلكتروني، كما أنه يولّد قيماً أخرى كما هي الحال بالنسبة إلى قيمة السعادة والناجمة عن التعليق على المنتجات المختلفة لمساعدة الآخرين في اتخاذ قرار الشراء وذلك في ضوء تجاربهم المختلفة، أو ترشيح تلك المنتجات لآخرين عبر تعليقاتها، أو عمل مشاركة لبعض المنتجات، والتي تعكس تأييد الشخص أو المستهلك لذلك المنتج أو تلك السلعة.

بالتالي، تعد قيمة السعادة بعداً رئيسياً آخر للقيمة التي يدركها المستهلك والتي تفرزها الشركات في سياق مجتمع العلامة التجارية لمواقع التواصل الاجتماعي، ولعل القيمة أو المنفعة المزدوجة في تلك الجزئية تتمثل فيما تقدمه مواقع التواصل من تسهيل التفاعل الاجتماعي للمستخدمين عبر الإنترنت، ومن ثمَّ فهي تعزز الترابط الاجتماعي بين المستخدمين إلى جانب قيمة الشراء للمنتجات المختلفة.

انطلاقاً من ذلك، فإن الشركات يمكن أن تستنتج الرغبات لدى المستهلكين بصورة مباشرة وغير مباشرة من خلال استراتيجية “وورد أوف ماوث ماركتينغ”؛ والمقصود بها أيّ “اتصال شفهي وغير رسمي يحدث شخصياً أو عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني أو أيّ وسيلة اتصال أخرى، والتي تؤثر بشكل كبير على سلوك الآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يسهم في زيادة أرباح الشركات من خلال المعاملات التجارية المباشرة وغير المباشرة، خاصة أن تلك الآلية تُمثل قيمة وظيفية تؤثر على كثافة الاستخدام التي بدورها تؤثر على الانطباعات المختلفة تجاه العلامة التجارية، وهو الأمر الذي يخلق حالة من الثقة تجاه علامة تجارية معينة لدى المستهلكين قبل أن ينخرطوا في مجتمعات العلامات التجارية الموجودة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

15