التكنولوجيا المنقذ من مفاجآت تغير المناخ

تتعالى الأصوات في الآونة الأخيرة منادية بضرورة التوعية بمخاطر الصمت الدولي والتغاضي عن التغيرات المناخية القاسية التي تنذر بمستقبل عالمي قاتم، ويعتقد الخبراء أنه بالإمكان الاستفادة من التكنولوجيا للتخفيف من تداعيات تغير المناخ، وهو ما يراهن عليه المغرب الذي اقتنى كمبيوترا عملاقا يسمى “أمطار” وهو الأول من نوعه في أفريقيا، وذلك في إطار خطته لرصد التغيرات المناخية.
الرباط – مع توسع دائرة التحذيرات الأممية من انتشار “واسع وسريع ومكثف” للتغيرات المناخية في الكرة الأرضية يتساءل خبراء ومتابعون عن دور التكنولوجيا في رصد هذه التغيرات ومدى القدرة على الاستفادة من تقنياتها للتخفيف من تداعيات التغير المناخي الوخيمة على مستقبل البشرية والعالم.
ويعتقد المتابعون أنه بالإمكان الاعتماد على التكنولوجيا وما تشمله من تقنيات حديثة وتطبيقات لمواجهة تحدي التغير المناخي والكوارث البيئية المحتملة.
ولجأت العديد من الدول إلى تقنية الاستمطار وتلقيح السحب لمواجهة الجفاف ونقص المياه الناجم عن التغيرات المناخية، ومن بين هذه الدول المغرب الذي اختار الاستفادة من التكنولوجيا في مكافحة تداعيات التغير المناخي من خلال تقنية الاستمطار واقتنائه كمبيوترا عملاقا لرصد التغيرات المناخية.
وأمام ارتفاع درجات الحرارة وتأخر هطول الأمطار اختار المغرب اللجوء إلى الاستمطار الصناعي وتطعيم السحب، وتتمثل هذه العملية في تلقيح أو تخصيب السحب بمواد كيميائية. ويوضح خبراء أن عمليات الاستمطار تبدأ من خلال التنبؤ بالحالة الجوية قبل حدوثها بأيام عدة، وتتم الاستعانة بنظام الأقمار الاصطناعية لتحديد أماكن تشكل السحب والرطوبة، فيما يتم الاعتماد على منظومة الرادار في تحديد كميات المياه الموجودة داخل السحابة بعد تكونها؛ وعلى ضوء ذلك التنبؤ تتم تهيئة الطائرات وإعداد جدول الرحلات لها وتنظيم جدول الطيارين والعمل قدر المستطاع على تغطية جميع مناطق تواجد السحب الممطرة مهما طالت المدة.
وفي خطوة غير مسبوقة بكامل القارة الأفريقية، ووعيا من المغرب بضرورة التصدي لتداعيات التغير المناخي، اقتنت المديرية العامة للأرصاد الجوية (حكومية) كمبيوترا عملاقا أطلقت عليه اسم “أمطار”، ويعد من أقوى الكمبيوترات وأكبرها على مستوى مراكز الأرصاد الجوية في أفريقيا.
وكشف عبدالقادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، عن معطيات بشأن الكمبيوتر العملاق الذي اقتناه المغرب.
وقال الوزير في تدوينة على صفحته الرسمية في فيسبوك إن “أمطار AMTAR هو الاسم الذي أطلقته وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء على الكمبيوتر العملاق الذي اقتنته المديرية العامة للأرصاد الجوية حيث ستشرع في تشغيله النهائي قريبا، بعد عمليات اختبار ونقل للتطبيقات والمعطيات الرصدية امتدت منذ شهر أبريل الماضي”.
وتابع اعمارة “يشتغل هذا الكمبيوتر بقوة حاسوبية تصل إلى مليون مليار عملية في الثانية، أسرع بأكثر من 100 مرة من الكمبيوتر الحالي. كما يتوفر هذا الكمبيوتر على ذاكرة مركزية بحجم 384 جيجابايت ووحدات تخزين بحجم 520 تيرابايت، مما يجعل منه أقوى كمبيوتر عملاق على مستوى مراكز الأرصاد الجوية الأفريقية”.
وحسب الوزير ستسمح هذه القوة الحاسوبية بـ”تحسين الدقة المجالية للنماذج العددية للتوقعات الرصدية لتصل إلى 1.5 كيلومتر مما سيمكن المديرية العامة للأرصاد الجوية تدريجيا من إصدار إنذارات أتوماتيكية بالظواهر الرصدية القصوى كالأمطار الغزيرة والعواصف الرعدية العنيفة أو موجات الحرارة أو البرد على مستوى الجماعة بدل الإقليم كما هو عليه الحال الآن”.
ويلفت المسؤول الحكومي إلى أن الجهاز سيتيح لأول مرة تشغيل نماذج جديدة لإنتاج “تنبؤات مجموعاتية أو تنبؤات احتمالية ووضع عدة سيناريوهات مع معدل احتمال وقوعها وكذلك أوجه عدم اليقين أو الاختلافات”.
كما سيمكن هذا الكمبيوتر من تشغيل نماذج مناخية عالية الدقة لدراسة التغيرات المناخية في المملكة وتقديم معلومات أدق حول آثارها على مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.
ووفقا للخبراء سيفيد كمبيوتر “أمطار” دول الجوار أيضا؛ إذ سيمكن الجهاز من تطوير تغطية تشمل منطقة شمال أفريقيا بشكل خاص، إضافة إلى أنه سيشكل امتدادا لمراكز البحث العالمية.
وفضلا عن تكنولوجيا الاستمطار ورصد التغيرات المناخية يؤكد الخبراء أن التطبيقات بوسعها التنبؤ بالكوارث الطبيعية وتلعب دورا هاما في مقاومة هذا الخطر.
وفي الوقت الذي يعاني فيه العالم من ارتفاع نسبة التلوث يعتقد الخبراء أن التطبيقات لعبت دورًا هامًا في تجنب التلوث الناتج عن الحرائق، وفي تقدير هؤلاء يعد ذلك أمرا طبيعيا لأن الأجهزة لا تفارق مستخدميها.
وتساعد هذه التطبيقات مستخدميها على معرفة مستوى تلوث الهواء في مناطق معيّنة، وبالطبع يهتم المستخدمون بمعرفة مستويات التلوث في مناطق سكنهم وسكن ذويهم أو مناطق عملهم.
وتعتمد تلك التطبيقات على بيانات تأتي من أقمار صناعية تشغلها الدول، ومن محطات متخصصة لقياس جودة الهواء، إلى جانب مستشعرات تشغلها شركات القطاع الخاص العاملة في مجالات متعلقة بالتلوث الجوي بشكل تطوعي غالبًا.
والتطبيقات الأكثر انتشارًا ونجاحًا في هذا المجال هي المتاحة على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية بنظام أندرويد إلى جانب ساعة أبل الذكية.
كما تساهم الهواتف الذكية في تجنب أخطار الزلازل والكوارث البيئية القاتلة، وحسب رأي الخبراء تعتبر الهواتف الذكية أداة ممتازة لهذه المهمة، نظرًا للتطور التقني الذي باتت تتميز به، ولأنها بحوزتنا في كل مكان.
الهواتف الذكية العاملة بنظام التشغيل أندرويد التابع لشركة غوغل بدأت بالكشف عن الزلازل في جميع أنحاء العالم
وقد بُذلت جهود كبيرة في السنوات الأخيرة لمقاومة الزلازل بمساعدة الهواتف الذكية.
ومن بين أبرز هذه الجهود الإعلان عن تطبيق MyShake من طرف باحثين من جامعة كاليفورنيا. وهو تطبيق مجاني متاح للتحميل على أندرويد.
ويستخدم هذا التطبيق مستشعر التسارع على الهاتف الذكي مع الاعتماد على بيانات الموقع لقياس مدى الاهتزازات الأرضية التي تحدث في المنطقة المحيطة بك. وهذه المميزات جعلت الهاتف الذكي قادرا على أن يعمل كمستشعر للزلازل.
وإذا استشعر التطبيق حدوث زلزال في المنطقة المحيطة بك يقوم بإرسال المعلومات إلى الخوادم الخاصة به. وفي هذه المرحلة إذا تم إرسال نفس الاستشعار من هواتف أخرى في نفس المحيط الجغرافي فهذا يعني أن هناك زلزالا على وشك الحدوث.
وكانت شركة غوغل قد أعلنت مؤخرا أن الهواتف الذكية العاملة بنظام التشغيل أندرويد التابع لها بدأت بالكشف عن الزلازل في جميع أنحاء العالم، وذلك بهدف توفير البيانات التي يمكن أن تمنح في النهاية مليارات المستخدمين ثواني ثمينة تمثل لهم هامشا زمنيا يستعدون فيه للتوقي من حدوث هزة قريبة، ويتزامن ذلك مع إطلاق ميزة التنبيه مبدئيًا في ولاية كاليفورنيا الأميركية.
وتستخدم اليابان والمكسيك وكاليفورنيا بالفعل أجهزة استشعار أرضية لتوليد التحذيرات، وذلك بهدف الحد من الإصابات والأضرار التي تلحق بالممتلكات من خلال إبعاد الناس عن مركز الزلزال قبل بدء الاهتزاز بثوانٍ.
وأوضح خبراء علم الزلازل الذين استشارتهم غوغل أن تحويل الهواتف الذكية إلى أجهزة قياس صغيرة للزلازل يمثل تقدمًا كبيرًا، رغم التنبيهات الخاطئة الناتجة عن عملٍ لا يزال قيد التطوير والاعتماد على خوارزميات شركة خاصة للسلامة العامة. ويعمل أكثر من 2.5 مليار جهاز -ويشمل ذلك بعض الأجهزة اللوحية- بنظام التشغيل أندرويد من غوغل.
وأردف ريتشارد ألين، مدير مختبر الزلازل بجامعة كاليفورنيا بيركلي، وأعضاء هيئة التدريس الزائرين في غوغل خلال العام الماضي بالقول “نحن في طريقنا إلى تقديم تنبيهات بشأن الزلازل أينما وُجدت الهواتف الذكية”.