البيتكوين ثروة قذرة ببصمتها الكربونية

نسبة انبعاثات العملة المشفرة تقارب انبعاثات ستة ملايين سيارة كل سنة.
الأحد 2022/10/16
من الفحم إلى العملة المشفرة

تتضمن عملية تعدين البيتكوين نفس الخطوات المتبعة في اكتشاف الموارد المعدنية، حيث تتطلب كميات هائلة من الطاقة والوقت، ولها مخلفات كربونية حيث سلط تقرير حديث الضوء على الحالات التي أطال فيها عمال مناجم العملة المشفرة عمر محطات الوقود الأحفوري ورفعوا معدلات الكهرباء وأنهكوا شبكات الطاقة.

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) – أظهر تقرير صادر عن مجموعات بيئية ارتفاع البصمة الكربونية لصناعة البيتكوين في الولايات المتحدة بسرعة فائقة، وتكاد تصل الآن إلى نسبة انبعاثات ستة ملايين سيارة كل سنة.

وتتضمن عملية تعدين البيتكوين نفس الخطوات المتبعة في اكتشاف الموارد المعدنية، حيث تتطلب كميات هائلة من الطاقة والوقت، ويستخدم عمال مناجم البيتكوين أجهزة كمبيوتر قوية لاكتشاف كتل جديدة لإضافتها إلى سلسلة كتل البيتكوين.

وبحسب خبراء العملات المشفرة، تُعد المشاركة في شبكة تعدين للبيتكوين مشروعا مربحا للغاية، إلا أن متطلبات الكهرباء والأجهزة غالبًا ما تحد من ربحيّتها، خاصة بالنسبة إلى المعدنين ذوي الموارد المحدودة.

وحثت المجموعات الولايات الأميركية على النظر في حظر عمليات التعدين الجديدة للمساعدة في حماية الكوكب.

البصمة الكربونية للبيتكوين 27.4 مليون طن من منتصف 2021 حتى 2022، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف مصنع فحم

يذكر أن مناجم البيتكوين حولت وجهتها إلى الولايات المتحدة بعد أن فرضت عليها الصين حظرا وحذرت بشكل مستمر من التعامل بالعملات المشفرة.

وأظهرت البيانات الصادرة عن جامعة كامبريدج في سبتمبر 2021، أن الولايات المتحدة أصبحت الوجهة الأولى لعمال مناجم البيتكوين لتتفوق على الصين للمرة الأولى على الإطلاق.

وقال جيريمي فيشر محلل الطاقة في منظمة نادي سييراغير الربحية والمؤلف المشارك للتقرير، إن الانبعاثات من القطاع المتعطش للطاقة يمكن أن تقوض أهداف معالجة تغير المناخ.

وأضاف “نحن في نقطة انعطاف. نحاول إزالة الكربون بسرعة (…) لكن لتعدين البيتكوين القدرة على إلغاء بعض هذا التقدم”.

وقالت المجموعات إن البصمة الكربونية لهذه الصناعة كانت 27.4 مليون طن من منتصف 2021 حتى 2022، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف بصمة أكبر مصنع فحم أميركي أو ما يقرب من الانبعاثات السنوية لستة ملايين سيارة.

وينطوي تعدين البيتكوين على شبكة من أجهزة الكمبيوتر كثيفة الاستهلاك للطاقة والتي تتحقق من معاملات البيتكوين، وتتنافس فيما بينها للحصول على العملات.

ولم يكن سوى 3.5 في المئة من تعدين البيتكوين العالمي موجودا في الولايات المتحدة في 2020، لكنه يقترب الآن من 38 في المئة، وفقا لدراسة حديثة من البيت الأبيض.

وحثت المجموعات الولايات الأميركية على النظر في عرقلة عمليات التعدين الجديدة. وأقر المجلس التشريعي في نيويورك هذا العام قانونا لإيقاف أي عمليات جديدة في الولاية تعتمد في جوهرها على الوقود الأحفوري.

بيانات

وتقول مجموعات صناعة البيتكوين، إن قطاع العملات الرقمية أكثر اخضرارا من الصناعات الثقيلة الأخرى، ويستخدم كمية صغيرة نسبيا من الكهرباء، ما بين 0.09 في المئة و1.7 في المئة من إجمالي الطاقة الأميركية، وفقا لتقرير البيت الأبيض.

وأصدر مجلس تعدين البيتكوين، الذي يمثل بعض اللاعبين الرئيسيين في هذا القطاع، بيانات تظهر أن أكثر من نصف الطاقة المستخدمة في التعدين تأتي من مصادر متجددة. ولم يرد المجلس على طلب للتعليق.

وقال إليوت ديفيد من بروتوكول البيتكوين المستدام، وهي شركة تهدف إلى تعزيز استخدام الطاقة النظيفة إن “البيتكوين هي تقنية تتمتع بالكثير من الإمكانات المناخية الإيجابية والسلبية”.

وتابع “إنها مسألة منظور، إذا كنت ستقارنها بصناعات أخرى، مثل الإسمنت على سبيل المثال، فهي نظيفة نسبيا، لكن كل صناعة تحتاج إلى المشاركة في معالجة أزمة المناخ”.

ويدرس التقرير الذي شاركت في تأليفه منظمة إيرث جاستيس غير الربحية، الوثائق العامة وسجلات المرافق والملفات التنظيمية والإفصاحات المالية والتقارير الصحفية والشهادات من النشطاء في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وفي وقت سابق من السنة الحالية، أطلق ائتلاف من المجموعات الخضراء حملة للضغط على البيتكوين لتغيير برنامجها المعروف بـ”إثبات العمل” إلى طريقة أقل استهلاكا للطاقة تُعرف بـ”إثبات الحصة”.

وقالت ماندي ديروشي المحامية في إيرث جاستيس التي تمثل العملاء الذين يستكشفون كيفية تحدي عمليات التعدين المحلية “شهدنا زيادة كبيرة نسبيا في التعدين هنا في الولايات المتحدة بسرعة كبيرة منذ الحظر في الصين، ونحن قلقون بشأن الاتجاه الذي تسير فيه”.

وفرضت الصين في 2021 قيودا شديدة على تعدين البيتكوين، مما دفع العديد من الشركات للانتقال إلى الولايات المتحدة والتوسّع هناك.

وطلب المشرعون الديمقراطيون في وقت سابق من العام من شركات تعدين البيتكوين الكشف عن الطاقة التي تستخدمها.

وتقول المجموعات البيئية إن سجل الصناعة البيئي واستخدام الطاقة والتأثير طويل المدى على المجتمعات قد أخفِي عن التدقيق إلى حد كبير.

ويسلط تقرير صدر الأسبوع الماضي الضوء على الحالات التي أطال فيها عمال مناجم البيتكوين عمر محطات الوقود الأحفوري ورفعوا معدلات استهلاك الكهرباء وأنهكوا شبكات الطاقة وفشلوا في الوفاء بالوعود المقدمة للمجتمع المحلي.

يقول بعض عمال مناجم العملة المشفرة، إنهم يفيدون شبكات الطاقة من خلال توفير الاستقرار والتمويل لتوليد الطاقة المتجددة.

وأبرم بعضهم في تكساس صفقات مع مزودي الطاقة المتجددة، واشتركوا في الاستخدام المرن لتيسير الطلب.

ويصف آخرون أنفسهم بأنهم خضر، وتقول شركة كلين سبارك المتداولة إن طاقتها خالية من الكربون بنسبة تزيد عن 96 في المئة.

وقال رئيسها التنفيذي زاك برادفورد إن الأمر “لا يقتصر على أن العمال يمكن أن يكونوا أكثر كفاءة ويستخدمون الطاقة النظيفة لعملياتهم، لكن تعدين البيتكوين يمكن أن يسرّع انتقال الطاقة منخفضة الكربون”.

وتحرك تعدين البيتكوين في الاتجاه المعاكس في كنتاكي، كما قالت لين بولدمان المديرة التنفيذية للجنة كنتاكي للمحافظة على البيئة.

وتابعت “ستدعم الكثير من هذه العمليات مشاريع طاقة غير نظيفة، وهذا بالضبط ما حدث هنا”.

كما يفحص التقرير ما يقول إنه ادعاءات الصناعة البيئية التي لا أساس لها من الصحة.

وتشمل تلك الأساليب الاعتماد على أرصدة الكربون أو “تعويضات” الطاقة المتجددة، وهي تكتيكات قال جيريمي فيشر إنها تهدف إلى إخفاء التأثير الحقيقي لتعدين العملات المشفرة على المناخ. وأضاف أن “هناك الكثير من عمليات الغسيل الأخضر المستمرة”.

15