البرتغالي كريستيانو رونالدو يواصل التألق

ربما تكون مسيرة كريستيانو رونالدو قريبة من نهايتها، لكن متابعيه أصبحوا أكبر من أي وقت مضى حيث احتفل بعيد ميلاده الأربعين في موطنه الجديد المملكة العربية السعودية. وبدا أن النجم البرتغالي قد قرر الابتعاد عن ممارسة كرة القدم على أعلى مستوى حين انتقل إلى نادي النصر السعودي قبل عامين في صفقة قدرت بأكثر من 200 مليون يورو. لكن تأثير رونالدو الحقيقي اتضح حين تبعه كوكبة من اللاعبين الكبار، بما في ذلك الفرنسي كريم بنزيمة والبرازيلي نيمار، إلى الدوري السعودي.
الرياض - احتفل الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو، بعيد ميلاده 40، الأربعاء الماضي، بينما لا زال يمارس كرة القدم على المستوى الاحترافي دون رغبة في الاعتزال. وينشط رونالدو حاليا في النصر السعودي، الذي انضم إليه مجانا في شتاء 2023، بعد رحيله عن صفوف مانشستر يونايتد.
ورغم تقدمه في العمر وتراجع مستواه الفني بطبيعة الحال، فإن رونالدو لا زال لديه الكثير ليقدمه داخل أرض الملعب، وهو ما يثبته في كل مباراة مع النصر ومنتخب البرتغال حتى الآن. وبمناسبة كسره حاجز 40 عاما، تلقي وسائل الإعلام الضوء على مراحل تغير رونالدو في الملاعب على الصعيد الفني.
بعد بزوغه مع سبورتينغ لشبونة عام 2002، لفت رونالدو الأنظار إليه، وحاولت عدة أندية كبرى، التعاقد معه، وعلى رأسها يوفنتوس، برشلونة، ريال مدريد وأرسنال. لكن مانشستر يونايتد بقيادة مدربه التاريخي السير أليكس فيرغسون، كان سباقا، ونجح في جلب الموهبة البرتغالية إلى ملعب أولد ترافورد.
وما بين عامي 2003 و2009، استطاع رونالدو تقديم نفسه للعالم من خلال نسخة فنية، وصفها البعض بـ”لاعب السيرك”، نظرا إلى مهاراته الفذة، والتي اعتمدت على الألعاب الخادعة، التي يتخللها بعض الحركات الاستعراضية التي تُمتع الجمهور في المدرجات وأمام الشاشات.
ولم يكن رونالدو في تلك الفترة، مكترثا بتسجيل الأهداف، بل كان يلعب وكأنه يريد إمتاع نفسه والجماهير بمراوغاته وانطلاقاته الجنونية فوق العشب الأخضر، قبل أن يتطور مع مرور الوقت ويصبح مؤثرا أكثر على المرمى في آخر عامين بقميص الشياطين الحمر.
انتقال رونالدو إلى ريال مدريد في صفقة تاريخية عام 2009، جاء بعد تتويجه بجوائز الأفضل في العالم، لتُعقد عليه آمال إعادة الملكي إلى سابق عهده بعد سنوات من التخبط على الصعيد القاري. وأكمل رونالدو في سنواته الأولى، ما أنهى به مسيرته مع المان يونايتد، حيث حافظ على فاعليته أمام المرمى، مع احتفاظه أيضا بأسلوبه الساحر الذي اعتاد عليه في مانشستر يونايتد لسنوات.
وبلغ رونالدو، مرحلة الكمال الكروي بين عامي 2009 و2014، بالجمع بين تعدد المهارات والقدرة على الحسم، سواء بالتسجيل أو الصناعة، فضلا عن ارتفاع معدله التهديفي مقارنة بسنواته السابقة في مسرح الأحلام.
وفي تلك الفترة، كان رونالدو نموذجا للاعب كرة القدم المثالي، الذي يمتلك القوة البدنية، السرعة، القدرة على المراوغة، الانطلاقات الجنونية، التسجيل من مختلف المواقع، سواء بتصويبات بعيدة من اللعب المفتوح أو الركلات الحرة.
الوحش الآلي
مع نهاية عام 2014، بدأ رونالدو يتغير تدريجيا، خاصة بعد الإصابة التي تعرّض لها في نهاية موسم 2013 – 2014، ودفعته للمشاركة في كأس العالم آنذاك دون أن يكون جاهزا بنسبة 100 في المئة.
لكن بدا أن تلك الإصابة، قد ألقت بظلالها على جسد رونالدو، سواء بطريقته غير المألوفة في الركض، أو انخفاض سرعته ومعدل مراوغاته مع مرور الوقت، فضلا عن انهيار معدله التهديفي من الركلات الحرة، التي تحولت إلى مشكلة واضحة بالنسبة إليه بعدما كان معتادا على التسجيل من خلالها بسهولة.
هنا أدرك رونالدو أن جسده لم يعد كما كان، فقرر توظيفه بطريقة مختلفة على أرض الملعب، عبر التخلي طواعية عن محاولة استعادة نسخته السابقة، ليضع كامل تركيزه على تسجيل الأهداف قبل أيّ شيء آخر. وبالفعل، تحول رونالدو ما بين عامي 2014 و2020 إلى ماكينة أهداف لا تتوقف من مركز الجناح، ليُنسي الكثيرين من خلالها، نسختيه السابقتين بحُلة جديدة.
◙ رونالدو تحول ما بين عامي 2014 و2020 إلى ماكينة أهداف لا تتوقف من مركز الجناح، ليُنسي الكثيرين من خلالها نسختيه السابقتين بحُلة جديدة
مع اعتياد الجماهير على رؤية رونالدو بالقرب من المرمى في السنوات الماضية، قرر مدربو يوفنتوس، الاستفادة من هذه الميزة، عبر تثبيت “الدون” في مركز المهاجم الصريح بدلا من الجناح.
واصطدم ماوريسيو ساري مدرب اليوفي، في البداية مع رونالدو بسبب هذا القرار، حيث قال له اللاعب “سجلت 700 هدف من الجناح، فلماذا تغير مركزي؟” لكن مع وصول أندريا بيرلو في صيف 2020، اقتنع الهداف التاريخي لكرة القدم بمركزه الجديد.
وتحول يوفنتوس في تلك الفترة إلى طريقة (4 – 4 – 2)، حيث عول بيرلو على رونالدو بجوار ألفارو موراتا في خط الهجوم، ليتحول صاحب 40 عاما إلى مهاجم كلاسيكي منذ ذلك الوقت.
وحتى بعد عودته إلى المان يونايتد، لم يشغل رونالدو مركز الجناح الأيسر كما اعتاد في سنواته الأولى، بل عوّل عليه مدربوه السابقين كرأس حربة كلاسيكي، وهو ما استمر عليه عند انتقاله إلى النصر حتى الآن، خاصة مع صعوبة إظهار مهاراته السابقة في الجناح، في ظل تقدمه في السن.
وحصلت السعودية على استضافة كأس العالم 2034 في ديسمبر الماضي، في خطوة توجت إستراتيجية المملكة لتلطيف صورتها النمطية من خلال الاستثمار في الرياضة والسياحة والثقافة. وكان رونالدو، سفير كأس العالم في السعودية والظاهرة حاليا على الإنترنت، مع أكثر من مليار متابع عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة به، يقود هذه المهمة.
وحين أطلق رونالدو قناته على يوتيوب في أغسطس، اكتسب مليون مشترك في 90 دقيقة و20 مليونا في غضون 24 ساعة. ولديه حاليا 73.5 مليون مشترك. وفي حين يستغل رونالدو جسده الممشوق في عروضه الترويجية للمنتجات، فإنه يظل نشطًا بنفس القدر على أرض الملعب.
فقبل بلوغه الأربعين بيومين، سجل هدفين لصالح النصر في دوري أبطال آسيا للنخبة، من ضمنهما هدف بضربة رأس مميزة، في مباراة حماسية شهدت تشجيعه لزملائه في الفريق بحماس كما لو كان لا يزال يلعب الكلاسيكو مع ريال مدريد.
بقاء أو رحيل
ورغم أن مجد الفوز بكأس العالم أفلت منه، على عكس غريمه الأرجنتيني ليونيل ميسي، لا يزال تحطيم الأرقام القياسية متاحا أمام الفائز بجائزة الكرة الذهبية ودوري أبطال أوروبا خمس مرات. ففي سبتمبر، تجاوز 900 هدف في مسيرته الاحترافية، وهو إنجاز لا مثيل له في المباريات الرسمية.
والآن بعد أن سجل 923 هدفًا، ومع تسجيله 35 هدفًا في الدوري السعودي للمحترفين الموسم الماضي، في رقم قياسي في موسم واحد، فإن هدفه الألف ليس بعيدا جدا.
وعلى الرغم من هذا المستوى الرائع، لم يفز رونالدو بعد ببطولة سعودية أو قارية رسميا مع النصر، وكان كأس العرب للأندية الأبطال 2023 غير الرسمي انتصاره الوحيد بقميص النصر.
مع اقتراب وقت نهاية عقده في يونيو تثار تكهنات حول مستقبل رونالدو، دون تأكيد ما إذا كان سيمدد فترة وجوده في السعودية
ومع اقتراب وقت نهاية عقده في يونيو تثار تكهنات حول مستقبله، دون تأكيد ما إذا كان سيمدد فترة وجوده في السعودية. وسواء بقي أو رحل أو اعتزل، فقد غيّر كرة القدم في المملكة الخليجية بشكل لا يمكن إنكاره.
وقال رونالدو إنه حلمه هو امتلاك العديد من الأندية في المستقبل. وذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا) أن النجم البرتغالي لم يقدم أيّ إشارة إلى اعتزاله حتى الآن، ويواصل تمثيل بلاده بالإضافة إلى اللعب مع نادي النصر في الدوري السعودي للمحترفين. ولكنه، كشف أنه لا يرى نفسه في مجال التدريب أو الإدارة، ولكنه يفضل أن يمتلك مجموعة من الأندية.
وسيتبع رونالدو خطوات اللاعب البرازيلي الذي يحمل نفس اسمه، والذي يمتلك حصة أغلبية في نادي بلد الوليد الإسباني. ومن بين الأسماء الكبرى أيضا التي تمتلك أندية هو ديفيد بيكهام، الذي يشارك في ملكية نادي إنتر ميامي. وقام كيليان مبابي، نجم ريال مدريد، بشراء حصة أغلبية في نادي كان الفرنسي في الصيف الماضي.
محطم الأرقام القياسية
رونالدو هو أكثر لاعب سجل أهدافا دولية في تاريخ كرة القدم برصيد 135 هدفا. وتخطى الإيراني علي دائي، حامل الرقم القياسي السابق برصيد 108 أهداف، في عام 2021. ويعد رونالدو أكثر لاعب شارك في مباريات دولية حيث شارك في 217 مباراة دولية، بعد أن تخطى رقم الكويتي بدر المطوع، الذي شارك في 196 مباراة دولية، في مارس 2023.
كما يعد رونالدو، والأرجنتيني ليونيل ميسي (112 هدفا) ودائي هم من سجلوا 100 هدف دولي، بينما وصل رونالدو فقط لـ200 مباراة دولية. أيضا يعد منتخب لوكسمبرغ هو المنافس المفضل لرونالدو، حيث سجل في شباكه 11 هدفا. وفي دوري أبطال أوروبا أيضا، يحمل رونالدو رقمين قياسيين حيث سجل 141 هدفا وشارك في 187 مباراة. وكان رونالدو أول لاعب يصل لـ100 هدف، قبل عام واحد فقط من منافسه ميسي، رغم أن ميسي حقق هذا الرقم في 123 مباراة مقابل 137 لرونالدو.
◙ رغم أن مجد الفوز بكأس العالم أفلت منه، على عكس غريمه ليونيل ميسي، لا يزال تحطيم الأرقام القياسية متاحا أمام رونالدو
ورونالدو هو اللاعب الوحيد الذي سجل في ثلاث مباريات نهائية بدوري أبطال أوروبا، كما أنه يحمل الرقم القياسي من حيث عدد تسجيل الأهداف في موسم واحد بالبطولة حيث سجل 17 هدفا في موسم 2013 – 2014 ، وسجل في 11 مباراة متتالية. وسجل رونالدو 10 أهداف في مرمى يوفنتوس، وهو أكبر عدد من الأهداف يسجله أيّ لاعب في مرمى منافس واحد. ولدى ميسي 129 هدفا ووصل روبرت ليفاندوفسكي إلى 103 أهداف هذا الموسم، ليصبحا برفقة رونالدو من سجلوا مئة هدف أو أكثر في البطولة.
رونالدو هو الهداف التاريخي لفريق ريال مدريد برصيد 450 هدفا، تقريبا بفارق 100 هدف عن صاحب المركز الثاني كريم بنزيمة (354 هدفا). وسجل هذه الأهداف في 438 مباراة فقط مع الفريق، مما يمنحه معدلا أفضل من هدف في كل مباراة، بمتوسط 50 هدفا في كل موسم من مواسمه التسعة. كما سجل رونالدو 61 هدفا في كل المسابقات في موسم 2014 – 2015 وأقل بهدف مما سجله في موسم 2011 – 2012.
وسجل رونالدو 118 هدفا في فترته الأولى مع مانشستر يونايتد، خلال الفترة التي شهدت انضمامه من سبورتينغ لشبونة في 2003 ورحيله إلى ريال مدريد في 2009 في أغلى صفقة وقتها حيث بلغت قيمة الصفقة 80 مليون جنيه إسترليني (100 مليون دولار).
وعاد إلى مانشستر بعد أكثر من عقد من الزمن في عام 2021، وسجل 24 هدفا في أول موسم له، وسجل ثلاثة أهداف بعدها قبل أن يتم إنهاء عقده في ديسمبر عام 2022. وجاء أبرز مواسم رونالدو مع مانشستر يونايتد في موسم 2007 – 2008، حيث فاز بجائزة الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي بعدما سجل 31 هدفا بالدوري و42 هدفا في كافة المسابقات.
ألقاب
توج رونالدو بخمسة ألقاب لدوري أبطال أوروبا، من بينها أربعة مع الريال، ولقب مع مانشستر يونايتد في عام 2008، حيث كان أول ألقابه. وفاز بجائزة الكرة الذهبية، التي تمنح لأفضل لاعب في العالم، خمس مرات، وهو عدد يتفوق عليه فقط نجم الأرجنتين ميسي الذي فاز بها ثماني مرات.
كما حصل على جائزة خاصة لإنجازاته المهنية المتميزة في جوائز الأفضل التابعة للاتحاد الدوري لكرة القدم (فيفا) لعام 2021. وتوج مع ريال مدريد بلقبين للدوري الإسباني، وكأس ملك إسبانيا وكأس السوبر الإسباني وكأس السوبر الأوروبي، مرتين، بالإضافة إلى ثلاثة ألقاب لكأس العالم للأندية.
ومع مانشستر يونايتد، توج رونالدو بثلاثة ألقاب للدوري الإنجليزي الممتاز، وكأس الاتحاد الإنجليزي، ولقبين لكأس الرابطة، وكأس الدرع الخيرية ولقب كأس العالم للأندية. كما توّج رونالدو بلقبين للدوري الإيطالي مع يوفنتوس، ليحصد سبعة ألقاب للدوري في مسابقات مختلفة.
كما فاز بكأس إيطاليا ولقبين لكأس السوبر الإيطالي. وتتضمن مسيرته أيضا تتويجه بلقب بطولة أمم أوروبا 2016 ودوري أمم أوروبا موسم 2018 – 2019 مع المنتخب البرتغالي، كما فاز بكأس السوبر البرتغالي مع سبورتينغ، وكأس العرب للأندية الأبطال مع النصر السعودي. وفاز رونالدو بالحذاء الذهبي الأوروبي أربع مرات، وكان هدافا ليورو 2020. وسجل 923 هدفا في مسيرته في 1263 مباراة خاضها.