الانتقادات تلاحق الإيطالي روبرتو مانشيني

تواصل الانتقادات ملاحقة الإيطالي روبرتو مانشيني، المدير الفني للمنتخب السعودي، منذ توليه المهمة الفنية للأخضر في أغسطس الماضي لعدة أسباب. ويعد مانشيني أحد أفضل المدربين في السنوات الماضية، نظرا للإنجازات التي حققها مع مانشستر سيتي الإنجليزي والتتويج بكأس الأمم الأوروبية مع إيطاليا، لكنه لم يتمكن من تقديم أوراق اعتماده مع المنتخب السعودي حتى الآن.
الرياض - ارتكب روبرتو مانشيني العديد من الأخطاء في قيادته للمنتخب السعودي، كما عانى من عدة أزمات وضعت مصيره على المحك. جاء مانشيني بضجة كبيرة إلى السعودية، فارتفعت آمال الجماهير وانتظرت مستويات خرافية، لكنها اصطدمت ببداية سيئة.
وفي أول 4 مباريات ودية، خسر من كوستاريكا وكوريا الجنوبية ومالي وتعادل مع نيجيريا، ففجر غضب الشارع الرياضي. وبدأت مشاعر الخوف تتسرب بسبب المستوي المتراجع، والاعتماد على طريقة لعب جديدة هي 5 – 3 – 2. يعتمد مانشيني على أسلوب دفاعي بحت، يكبح مهام الأجنحة، مقابل منح أدوار هجومية للأظهرة، بما لا يتناسب مع إمكانيات نجوم المنتخب السعودي.
دخل مانشيني بطولة آسيا 2023 بأزمة كبرى بعد تمرد عدد من النجوم الكبار، انتهت باستبعادهم جميعا من القائمة أبرزهم القائد المخضرم سلمان الفرج، وسلطان الغنام والحارس نواف العقيدي.
ومع بداية البطولة جاءت الصدمة: قدم الأخضر أداء محبطا، وودع المسابقة من ثمن النهائي بالخسارة أمام كوريا الجنوبية بركلات الترجيح، فانهالت عليه الانتقادات اللاذعة. ولم يصل مانشيني إلى مرحلة الإقناع، لاسيما أنه تمسك بأسلوبه، بجانب الزج بعدة عناصر شابة بشكل مفاجئ.
بعد كأس آسيا، نجح مانشيني في الفوز والتعادل مع طاجيكستان بنتيجة 1 – 0 ثم 1 – 1، وفاز على باكستان، ليضمن التأهل للتصفيات النهائيات المؤهلة لكأس العالم. لكنه عاد إلى المربع صفر بالخسارة من الأردن بالجولة الأخيرة 1 – 2، وفشل في حسم الصدارة، فتواصلت الانتقادات لاستمراره على طريقة واحدة غير ناجحة، لكنه رد هذه المرة بأنه حقق التأهل المطلوب. وأدى ذلك إلى تراجع التصنيف والسقوط في مجموعة نارية تضم اليابان وأستراليا والبحرين وإندونيسيا والصين.
بدأ مانشيني حربه مرة أخرى مع وسائل الإعلام والجماهير، بعد تعادله المخيب مع أضعف أطراف المجموعة وهو المنتخب الإندونيسي بنتيجة 1 – 1، في مستهل مشواره بالتصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم 2026. وتسبب ذلك في ترديد طلب واحد: التخلص من مانشيني في أقرب وقت ممكن.
وكالعادة برر مانشيني سوء المستوى بأن لاعبي المنتخب السعودي لا يشاركون بانتظام مع أنديتهم التي تعتمد بشكل كامل على المحترفين الأجانب، إضافة إلى ظاهرة إهدار الفرص. وأمام الصين لم يتغير المستوى كثيرا، وأفلت بفوز قاتل 2 – 1، برأسيتين من توقيع المدافع حسن كادش. وأنقذت رأس قادش “الذهبية” المدرب الإيطالي من الإقالة، في ظل الاحتقان الجماهيري والإعلامي.
◙ مانشيني سبق له أن اشتكى في عدة مناسبات من تأثير طفرة التعاقدات مع الأجانب على مستوى بعض اللاعبين المحليين
منذ تولي مانشيني القيادة الفنية، فقد اعتمد على عدة أسماء مختلفة في جميع مراكز الملعب، والتخلص من عناصر الخبرة مثل سلمان الفرج وياسر الشهراني وغيرهما من الأسماء اللامعة. واعتاد مانشيني على اختيار العناصر الشابة مثل عون السلولي وعيد المولد ومصعب الجوير وناصر الدوسري وحسان تمبكتي وغيرهم من المواهب المميزة في الكرة السعودية، وذلك من أجل بناء جيل ذهبي.
لكن الأخضر كان يحتاج إلى قائد حقيقي مثل سلمان الفرج من أجل قيادة العناصر الشابة والسيطرة على غرفة خلع الملابس. وأشارت تقارير إلى أن مانشيني بعيد كل البعد عن اللاعبين حتى وصل الأمر إلى عدم الصعود إلى حافلة النسور أثناء التوجه للتدريبات والمباريات. وسبق أن اشتكى مانشيني في عدة مناسبات من تأثير طفرة التعاقدات مع الأجانب في دوري روشن على مستوى بعض اللاعبين المحليين، بسبب عدم المشاركة بانتظام، وهي نقطة واضحة تؤكد معاناة المدرب الإيطالي.
فضلا عن بعض الظروف الصعبة التي عانى منها المدرب بسبب إصابات مستمرة ضربت القوام الأساسي وآخرها غياب متعب الحربي وعلي البليهي عن معركة الصين، فضلا عن طرد محمد كنو بعد أول ثلث ساعة. كما أن سوء تعامل المدرب مع اللاعبين في الوقت ذاته، تسبب في خروجهم عن أجواء المباريات وتحمل المسؤولية بالقدر الكافي وهي نقطة تحسب ضد مانشيني.
خطف الدوري السعودي الأنظار من جديد في فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة، بتعاقدات مميزة على مستوى نجوم بارزين، من أوروبا وأميركا اللاتينية. لاعبو الأندية الأوروبية استمروا في النزوح إلى الدوري السعودي للموسم الثاني على التوالي بعد صيف 2023، الذي شهد تعاقدات قياسية للعديد من الأندية. وسلطت شبكة “فوت ميركاتو” الضوء على التغيير الملموس في نهج الكرة السعودية، في ما يخص انتقالات اللاعبين هذا الصيف.
وأشارت الشبكة الفرنسية إلى أنه رغم استقدام لاعبين يتخطون الـ30 من عمرهم مثل جواو كانسيلو (30 عاما)، وبيير إيميريك أوباميانغ (35) وناتشو فيرنانديز (34) وجان ميشيل سيري (33)، وجياكومو بونافينتورا (34) إلا أن معدل الأعمار انخفض بشكل واضح. وأضاف التقرير أن صفقات مثل موسى ديابي (25 عاما) إلى الاتحاد، وستيفن برجوين (26) إلى نفس الفريق، ومعهما حسام عوار (26) وماريو ميتاي (21) تمثل نقلة نوعية في سوق الانتقالات السعودية. ولفت التقرير إلى أن هناك صفقات أصغر سنا مثل أنجيلو (21 عاما)، المنتقل للنصر، وجواو كوستا (19) الاتفاق، وويسلي (19) النصر أيضا، وروبرت رينان (20) الشباب، وماركوس ليوناردو (21) الهلال، تؤكد أن الأندية السعودية ماضية نحو استكمال مشروعها الطموح.
وبخلاف ذلك، فإن مانشيني ظهر بتناقضات عديدة طوال تجربته مع المنتخب السعودي، إذ اعتمد على بعض العناصر القوية التي أدت مستويات جيدة معه، ثم تجاهلها ولا يعتمد عليها حاليا بصورة أساسية مثل صالح الشهري وعبدالرحمن غريب، إضافة إلى عدم مشاركة سعود عبدالحميد ضد إندونيسيا من البداية ثم الزج به ضد الصين. كذلك، أشاد بمستوى مصعب الجوير ضد إندونيسيا ولكنه دفع به في الدقائق الأخيرة ضد الصين، بالإضافة إلى الاعتماد على عدة أسماء لا تشارك مع أنديتها مثل عبدالإله المالكي وفهد المولد ومحمد العويس وغيرهم من اللاعبين.