الانتخابات العراقية وشراكة الأقوياء

الانتخابات ظاهرة حضارية ديمقراطية متطورة من أجل تجذير حكم الشعب والتداول السلمي على السلطة ديمقراطيا وعبر صناديق الاقتراع، والاختيار الديمقراطي من قبل الشعب للمرشح الأفضل والأكثر نزاهة وحرصاً على مصالح شعبه، والأكثر كفاءة لتمثيل الشعب في التنافس على خدمة المواطن، دون ضغط أو ترهيب أو إغراء، أو أي محاولة لإفراغ الانتخابات من مضمونها وأهدافها.
والانتخابات معيار حقيقي لممارسة الديمقراطية، وترسيخ مفاهيمها الوطنية والإنسانية، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، إذا ما توفرت فيها النزاهة والشفافية وحرية وسرية الاختيار، وهي حق دستوري وطني، شرعي وأخلاقي يمارسهُ الشعب بكافة مكوناته، لاختيار من يمثلهُ من المرشحين المتنافسين في مجالس المحافظات المشكلة من مختلف الأحزاب والكتل والقوى السياسية التي حظيت بثقة المواطن.
وبالتالي على المرشح المنتخب العمل بجد وتفان لتحقيق مطالب الشعب وتحقيق طموحاته وأمانيه في العيش بحرية وكرامة، في دولة مؤسساتية تقوم على الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية والثقافية والعلمية، وقادرة على مواجهة تحديات العصر، وتوفير الأمن والاستقرار والحياة الحرة الكريمة، وبناء مستقبل سعيد زاهر للشعب، والحفاظ على وحدة الوطن والدفاع عن حدوده.
أيها الساسة العراقيون كونوا ديمقراطيين، وعقلانيين، وحكماء، وتقبلوا النتائج الانتخابية بشفافية وبروح رياضية كأسلوب حضاري متمدن، وقولوا للفائز ألف مبروك وبكل رحابة صدر
وقد رأينا كيف زحف الشعب العراقي، وباندفاع قوي، من خلال شاشات التلفزيون المحلية إلى صناديق الاقتراع لاختيار الممثل الأكفأ والأخلص لخدمة الشعب والوطن من المرشحين، وكل حسب قناعاته الوطنية.
اليوم هناك إشادة بإرادة هذا الشعب العظيم، وتحديه قوى القتل والإرهاب والجريمة المنظمة التي رفعت شعار العداء للعراق وعموم الشعب العراقي.
إن ما يحدث في العراق اليوم والمتعلق بالانتخابات ونتائجها، وصراع القوى والأحزاب المتنافسة منها والمؤثرة، يدلُّ على أن العراق لا يزال بعيداً عن فهم وإدراك معنى الديمقراطية فكراً وممارسة.
وبكل تأكيد، وللأسف الشديد، فإن هذه القوى والأحزاب التي خاضت العملية الانتخابية تتشدق بالديمقراطية، ولكنها لم تكن فعلا ديمقراطية لأنها لم تقف إلى جانب الشعب العراقي في محنته ومعاناته، وفي تقديم الخدمة للمواطن العراقي، ولم تحترم خياراته التي عكستها صناديق الاقتراع.
ومن هذا المنطلق أقول لكل القوى والأحزاب السياسية العراقية، صغيرها وكبيرها، بضرورة التعقل والإيمان بمنطق الربح والخسارة بين الفرقاء المتنافسين، وإنه لا بد من غالب ومغلوب في أي عملية انتخابية ديمقراطية، وليكن الانتصار للشعب والوطن، وهو الأهم، وعليكم احترام خيارات الشعب العراقي وقراراته التي سطّرها عبر صناديق الاقتراع، ودفع ثمنها غالياً من دمائه الطاهرة الزكية يوم الانتخابات.
ولهذا، عليكم الابتعاد عن وهم اقتناعكم الشخصي بأن كل أحزابكم وائتلافاتكم المشاركة محبوبة ومقبولة من الشعب، وأن الشعب العراقي كله قد صوت لصالحكم جميعاً، وأنكم اكتسحتم كل شوارع ومدن العراق، وحزتم على ثقة الشارع العراقي وعموم العراق من شماله إلى جنوبه، وبالتالي سؤالي إن كنتم كلكم فائزين فمن الخاسر، وهل هناك منافسة في العالم وفي شتى مناحي الحياة السياسية والاجتماعية بلا خسائر، وعلى صعيد شعب قوامه الملايين؟
اليوم هناك إشادة بإرادة هذا الشعب العظيم، وتحديه قوى القتل والإرهاب والجريمة المنظمة التي رفعت شعار العداء للعراق وعموم الشعب العراقي
أيها الساسة العراقيون كونوا ديمقراطيين، وعقلانيين، وحكماء، وتقبلوا النتائج الانتخابية بشفافية وبروح رياضية كأسلوب حضاري متمدن، وقولوا للفائز ألف مبروك وبكل رحابة صدر، وبلا اتهامات ضيّقة غير متحضرة وبدون أدلة مادية تؤكد ظاهرة تزوير خطيرة قد تقلب موازين القوى الانتخابية لصالح هذه الكتلة أو ذاك الائتلاف.
أثبتوا للشعب العراقي وكل شعوب العالم أنكم واحة للديمقراطية في العراق الجديد، وأنكم فعلا ديمقراطيون وتؤمنون بالعملية الانتخابية، ولا تنسوا أن هناك صولات وجولات قادمة في مسيرة عراقنا الديمقراطي الجديد، ولتجربوا حظوظكم مرة أخرى، وإني على يقين أن القوائم الكبيرة لن تبقى كبيرة، والأحزاب الصغيرة سوف تكبر، وهذا يتأتى من خلال أعمالكم وجهودكم في المستقبل، والتي تصب في خدمة الناخب العراقي وخدمة الوطن وعموم الشعب العراقي، وبالتأكيد فإن الشعب العراقي سوف يلفظ من لا يستحق صوته الانتخابي، ولن يقبلهُ في المرة القادمة.
وكذلك لا يبخل عليكم الشعب العراقي بصوته، إن كنتم صادقين وأوفياء ومخلصين لعهودكم ومواثيقكم الانتخابية وتوجهاتكم الوطنية الديمقراطية، وليكن همنا الأكبر جميعاً مصلحة العراق وخدمة شعبه العظيم، ولننبذ الطائفية وسياسة التوافق اللاديمقراطية، والتي تسلب حقوق الآخرين، وابتعدوا عن الصراع من أجل التمسك بالسلطة والمناصب السيادية والخاصة، ونهب المال العام على حساب الشعب وحقوقه الوطنية العادلة.