الاستقرار يتطلب إنهاء اليمين الفلسطيني واستبدال رأس اليمين الإسرائيلي

الإدارة الأميركية قادرة على تغيير رئيس وزراء إسرائيل وفقا لما تتطلبه المرحلة من مقومات سياسية تحتاجها "واشنطن ترامب" اليوم في ظل تطورات الحروب التجارية التي تخوضها مع دول العالم.
الأربعاء 2025/05/07
البحث عن نهاية دراماتيكية لمسيرة نتنياهو

جرت خلال الشهور الأخيرة اتصالات دبلوماسية أفضت إلى رؤية أميركية مشتركة مع أطراف عربية وأوروبية، تهدف إلى خلق أفق لاستقرار المنطقة، وإعادة ترتيب الأوراق بما يتوافق ويتقاطع مع مصالح أميركية – عربية – إسرائيلية.

الرؤية، التي يُعد عنوانها الأساسي خروج حماس من المشهد السياسي الفلسطيني، تشمل أيضا وضع حد لمسيرة بنيامين نتنياهو على رأس اليمين الإسرائيلي المتطرف الحاكم في تل أبيب، باعتباره العائق الوحيد المتبقي أمام مسار قطار السلام في المنطقة، الذي سيشمل سوريا ولبنان.

قبيل قدوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، تولدت قناعة لدى أقطاب إدارته، جراء اتصالات شملت مسؤولين من عدة دول عربية وأوروبية، أجمعوا على أن استقرار المنطقة يتطلب مقاربة شاملة تدريجية تنهي حالة الصراع المستمر، وتؤدي إلى اتفاق سياسي متكامل بين إسرائيل ودول الشرق الأوسط.

◄ التاريخ شاهد على التأثير الأميركي في لعبة الانتخابات داخل تل أبيب، ولعل أشهرها استبعاد الرئيس الأميركي بيل كلينتون لبنيامين نتنياهو واستبداله بإيهود باراك عام 1999

العرب وبعض الأطراف الدولية، إضافة إلى أوساط داخل الإدارة الأميركية، لن يسمحوا لحكومة بنيامين نتنياهو بابتلاع قطاع غزة. تولّي السلطة الفلسطينية زمام الأمور داخل القطاع أصبحت ضرورة في ظل تداعيات الصراع، وفق آليات تتجاوز حكم حماس، الذي بات بحكم المنتهي في غزة؛ كنتيجة حتمية لجملة عوامل متراكمة على أرض القطاع.

في تواصل مع دبلوماسي عربي رفيع، بعد نشر مقالي السابق في صحيفة “العرب”، بعنوان “قطر تطمس الفضيحة باقتراح إبرام صفقة خروج آمن لنتنياهو”، أكد لي وجود جهود واتصالات عربية بعيدة عن المسار القطري، الذي انحرف عن سياقه ليأخذ طابعا سياسيا معقدا قد يتطور إلى أزمة تؤثر على ملف الوساطة القطرية.

فقد هاجم نتنياهو، من خلال منشور له على منصة إكس، الدوحة، في دلالة على محاولته الجادة لقطع الطريق أمام الاتصالات القطرية مع أعضاء في الكونغرس الأميركي، بهدف إيجاد صيغة قضائية لتحييد نتنياهو عن رئاسة الحكومة دون محاسبته أمام المحاكم الإسرائيلية.

بالعودة إلى الجهود العربية مع أطراف دولية متعددة، تسعى هذه المقاربة إلى اعتبار بنيامين نتنياهو جزءا من الأزمة في الشرق الأوسط، خاصة مع استمراره في تبني أهداف غير واقعية تتجاوز رؤى ومصالح دول المنطقة.

لذلك، أصبح من الضروري إيجاد صيغة تضع نهاية دراماتيكية لمسيرته السياسية، عبر الانتقال إلى حكم توافقي داخل إسرائيل، بحيث يتولى قيادي أكثر انفتاحا في حزب الليكود رئاسة الحكومة، على أن تكون قائمة على إدخال عناصر أكثر اعتدالا، مثل بيني غانتس ويائير لبيد، وإخراج العناصر المتطرفة، أمثال بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير، قبيل موعد الانتخابات العامة المقبلة.

◄ تولّي السلطة الفلسطينية زمام الأمور داخل القطاع أصبحت ضرورة في ظل تداعيات الصراع، وفق آليات تتجاوز حكم حماس، الذي بات بحكم المنتهي في غزة

أوساط داخل مؤسسات القرار الأميركي، لاسيما في البيت الأبيض، ترى أن الصدام بين الرئيس دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو أمر لا مفر منه بسبب عدة ملفات، أهمها: تطورات التفاوض مع النظام الإيراني، والتي أخذت منحى قاب قوسين أو أدنى نحو اتفاق شامل يرضي سيد البيت الأبيض. والتحرك العسكري الإسرائيلي داخل الدولة السورية، الذي أصبح يزعج ترامب، المقتنع بالمسار التركي لاستعادة دمشق ضمن دوائر التحالف مع واشنطن.

الولايات المتحدة وإدارتها ومؤسساتها قادرة على تغيير رئيس وزراء إسرائيل وفقا لما تتطلبه المرحلة من مقومات سياسية تحتاجها “واشنطن ترامب” اليوم، في ظل تطورات الحروب التجارية التي تخوضها مع دول العالم.

فالتاريخ شاهد على التأثير الأميركي في لعبة الانتخابات داخل تل أبيب، ولعل أشهرها استبعاد الرئيس الأميركي بيل كلينتون لبنيامين نتنياهو واستبداله بإيهود باراك عام 1999.

المرحلة الراهنة والمقبلة تتطلب أفقا واسعا، تتطور فيه قنوات الاتصال والتواصل لاستقرار المنطقة وإحلال السلام، بجرأة وحماسة سياسية أميركية وعربية، قادرتين على إنهاء تصلب الأيديولوجيات اليمينية ورؤوسها الساعية لإبقاء مصالحها الضيقة كمعادلات راسخة.

9