الاستعداد لمستقبل الخط الفاصل بين المشاعر البشرية والآلية فيه غير واضح

تحذيرات من انقسامات اجتماعية كبرى يحدثها الذكاء الاصطناعي.
الجمعة 2024/11/22
ماذا لو كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي واعية وقادرة على الإحساس

مع التطور المتسارع الذي يشهده مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، حذر أكاديميون من الآثار الاجتماعية التي يمكن أن تترتب عن ذلك.. فهل يمكن أن تسبب تطبيقات الذكاء الاصطناعي "انقسامات اجتماعية كبرى"؟

لندن - قد يعتقد الأشخاص الذين يطورون علاقات وثيقة مع برامج الدردشة الآلية أو تجسيدات الذكاء الاصطناعي لأحبائهم المتوفين أن هذه البرمجيات تشعر كالبشر. في نقاش يشبه أحداث أفلام الخيال العلمي، أعرب أكاديميون عن مخاوفهم من “انقسامات مجتمعية كبرى” في المستقبل القريب حول ما إذا كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي واعية وقادرة على الإحساس.

وتوقعت المجموعة، المكونة من عشرة أساتذة بجامعات أميركية وبريطانية، ما وصفوه بـ”فجر الوعي في أنظمة الذكاء الاصطناعي،” وفقًا لموقع صحيفة الغارديان. ويمكن لهذا أن يؤدي لتقسيم البشر إلى مجموعتين تنظر كل منهما للأخرى “باعتبارها ترتكب أخطاء فادحة حول ما إذا كانت برامج الكمبيوتر تستحق حقوق رعاية مماثلة للبشر أو الحيوانات.”

ويوضح أستاذ الفلسفة في كلية لندن للاقتصاد، جوناثان بيرش، أن المطلوب من شركات التكنولوجيا الكبرى التي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي أن تبدأ في أخذ هذا الأمر على محمل الجد وتحديد مدى حساسية أنظمتها وتقييم ما إذا كانت “قادرة على السعادة والمعاناة وما إذا كان من الممكن تحقيق الفائدة لها أو الإضرار بها.”

ويقول بيرش: “تريد شركات الذكاء الاصطناعي التركيز بشكل كبير على الموثوقية والربحية، ولا تريد أن تشتت انتباهها هذه المناقشة حول ما إذا كانت قد تخلق أكثر من مجرد منتج، بينما في الواقع تخلق شكلاً جديدًا من أشكال الوجود الواعي.”

جوناثان بيرش: الشركات تخلق شكلاً جديدًا من أشكال الوجود الواعي
جوناثان بيرش: الشركات تخلق شكلاً جديدًا من أشكال الوجود الواعي

ورفضت شركات كبري تعمل في بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي، مثل مايكروسوفت وميتا وأوبن إيه آي وغوغل، التعليق على أو الاستجابة إلى دعوة الأكاديميين. وعلى الجانب الأخر، لا يوافق خبراء على احتمال تكوين أنظمة الذكاء الاصطناعي لوعي يشبه الموجود لدى البشر، حيث يوضح هؤلاء ضرورة التميز بين مفهومي “الذكاء” و"الوعي".

ويتوقع الخبير في علم الأعصاب الحاسوبي، تيرينس سيغنوفسكي، أن تؤدي التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي إلى الكشف عن حقائق جديدة بشأن المقصود بالذكاء، وفقًا لموقع ناتشر العلمي. ويري سيغنوفسكي أن الذكاء الاصطناعي يقوم على التعاون بين التخصصات المختلفة، كعلم الأحياء وعلم الأعصاب وعلوم الكمبيوتر.

ويتوقع بالتالي أن المبادئ الأساسية للذكاء، مثل القدرة على التكيف والمرونة والقدرة على استخلاص استنتاجات عامة من معلومات محدودة، من شأنها أن تحفز الجيل القادم من الذكاء الاصطناعي.

يأتي ذلك في حين يروج مطورو الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد للموجة التالية من منصات محادثة الذكاء الاصطناعي التوليدي باعتبارها “وكلاء” ذكاء اصطناعي تستطيع القيام بمهام أكثر فائدة نيابة عن المستخدمين، لكن تكلفة تطوير وتشغيل أدوات الذكاء الاصطناعي مرتفعة للغاية إلى الدرجة التي دفعت الكثيرين من المستثمرين للتساؤل عما إذا كان وعود التكنولوجيا مبالغا فيها.

ومنذ إطلاق “تشات جي بي تي” قبل عامين، أثار التقدم في التكنولوجيا آمالًا في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان، لكن الشكوك تتزايد. وتستثمر الشركات الرائدة مثل “أوبن إيه آي” و”مايكروسوفت” و”غوغل” و”أمازون” و”ميتا” مليارات الدولارات في تطوير أدوات تنتج نصوصًا وصورًا ومقاطع فيديو عالية الجودة. تعتمد هذه الشركات على مبدأ التوسع، حيث تزيد من كميات البيانات وقدرة الحوسبة لتحسين الأداء.

لكن خبراء مثل غاري ماركوس يشككون في أن النماذج اللغوية ستصل إلى “الذكاء الاصطناعي العام” من خلال التوسع المستمر. ويستشهدون على ذلك بالتحديات التي بدأت تواجه الشركات في إيجاد مواد جديدة لتشغيل النماذج، ويعتقد البعض أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى.

من ناحيتها قالت مايكروسوفت الشهر الماضي إنها تستعد لعالم “ستجري فيه كل مؤسسة مشاورات مع وكلاء ذكاء اصطناعي تتراوح قدراتهم بين الطلب والاستجابة البسيطة وأداء المهمة بالكامل بطريقة آلية” دون تدخل من العنصر البشري. وفي رسالة نشرتها مايكروسوفت الثلاثاء قالت إن مثل هؤلاء الوكلاء الآليين، يمكنهم العمل على مدار الساعة لمراجعة طلبات العملاء والرد عليها أو مراجعة فواتير الشحن لمساعدة الشركات في تجنب الأخطاء المكلفة في عمل سلاسل الإمداد.

تيرينس سيغنوفسكي: الكشف عن حقائق جديدة بشأن المقصود بالذكاء الاصطناعي
تيرينس سيغنوفسكي: الكشف عن حقائق جديدة بشأن المقصود بالذكاء الاصطناعي

ويأتي التحول نحو ما يسمى “وكلاء الذكاء الاصطناعي” في الوقت الذي يرى فيه بعض المستخدمين حدودا لقدرات عمل نماذج اللغة الكبيرة التي تقوم بتشغيل برامج محادثة الذكاء الاصطناعي مثل شات جي.بي.تي من شركة أوبن أيه.آي وجيمني من غوغل وكوبايلوت من مايكروسوفت. وتعمل هذه الأنظمة من خلال التنبؤ بالكلمة التالية الأكثر منطقية في الجملة وهي جيدة في بعض مهام العمل التي تعتمد على النصوص المكتوبة.

لكن شركات التكنولوجيا تعمل على تطوير أدوات ذكاء اصطناعي تكون أفضل في أداء مهام التخطيط طويل المدى المنطقي بحيث يمكنها الوصول إلى الإنترنت أو أجهزة كمبيوتر التحكم وأداء المهام بنفسها نيابة عن المستخدم.

وينتقد مارك بينيوف الرئيس التنفيذي لشركة الحوسبة السحابية سيلزفورس إعلان مايكروسوفت ويقول في رسالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الشهر الماضي إن مايكروسوفت تعيد تقديم منصة كوبايلوت باعتبارها “وكيل ذكاء اصطناعي. هذه حالة ذعر،” مضيفا أن مساعد الذكاء الاصطناعي المسمى كوبايلوت من مايكروسوفت “فاشل” ويقدم بيانات غير دقيقة ويسمح بتسرب بيانات الشركة.

ومازالت تطبيقات الذكاء الاصطناعي بعيدة عن تحقيق الوعي العاطفي الحقيقي ولكن مع التقدم الهائل ​​في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تُثار احتمالات واعتبارات أخلاقية كثيرة. ويؤكد موقع مجلة فوربس على ضرورة “التفكير في هذه الاحتمالات والاستعداد لمستقبل حيث قد يصبح الخط الفاصل بين المشاعر البشرية والآلية غير واضح بشكل متزايد.”

ومن المقرر اجتماع هيئات سلامة الذكاء الاصطناعي من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى بمدينة سان فرانسيسكو الأميركية مع ممثلي شركات التكنولوجيا هذا الأسبوع بهدف تطوير أطر سلامة وحواجز وقائية أقوى وأكثر فاعلية تتماشى مع التقدم السريع بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

12