الاتحاد التونسي يتعهد بمساعدة الأفريقي

تونس - في خضم المشاكل التي تعاني منها إدارة نادي الأفريقي التونسي تدخل رئيس اتحاد كرة القدم، ووعد بمساعدة الفريق ماديا مؤكدا حرص اتحاد الكرة على التدخل والتوسط لدى الفيفا من أجل إيجاد حلول تضمن خروج الفريق من أزمته.
من النادر أن عرف الأفريقي هذه الوضعية، فالإدارة التي وقع انتخابها في موفى الموسم الماضي، كانت تمني النفس بتحقيق مكاسب هامة هذا الموسم والمراهنة بجدية على الألقاب، لقد أبرمت عديد الصفقات خلال الميركاتو الصيفي تحسبا لمشاركة الفريق في دوري أبطال أفريقيا، لكن كل الأماني انقلبت رأسا على عقب، فمنذ بداية الموسم اكتشف القائمون على الفريق حجم الديون الكبيرة التي يرزح على وقعها الأفريقي، وهو ما أكده سابقا المسؤول بالنادي مجدي الخليفي عندما أشار إلى أن ديون الأفريقي بلغت حوالي 30 مليون دينار.
ديون أحبطت العزائم وساهمت في إحداث من الفوضى صلب الفريق وساهمت في تردي نتائجه مبكرا، لكن الأمر الأخطر أن حجم هذه الديون في تزايد مستمر بسبب العقوبات الصادرة بشكل متواتر من قبل الفيفا والتي وردت تباعا على إدارة النادي في الفترة السابقة جراء عدم خلاص مستحقات لاعبين ومدربين سابقين.
ووجدت إدارة النادي نفسها في ورطة كبيرة، حيث كان الفريق مهددا قبل حوالي شهر بعدم المشاركة في منافسات دوري الأبطال، بسبب القضية التي رفعها عدد من اللاعبين السابقين وهم ياسين الميكاري وستيفان ناتر ولسعد النويوي وبسام الصرارفي والمدرب الأسبق للفريق رود كرول، لقد طالب هؤلاء بالحصول على مستحقاتهم المالية التي تناهز أربعة ملايين و100 ألف دينار.
إدارة الفريق نجحت في إيجاد حل لتسوية هذه الديون، لينجو تبعا لذلك من قرار الإبعاد من المشاركة القارية، لكن هذا التدخل لم يكن كافيا خاصة أن القضايا المرفوعة بحق النادي بلغت حدا قياسيا، الأمر الذي جعل هذه الإدارة في ورطة حقيقية خاصة بعد قرار الفيفا في موفى سبتمبر الماضي بمنعه من القيام بانتدابات خلال سوق الانتقالات الشتوية والصيفية المقبلين.
الاتحاد التونسي ليس استثناء، فعدة أمثلة شهدتها أندية عربية تؤكد الدور الذي يجب أن تضطلع به الاتحادات المحلية
هذه المشاكل والعقوبات ساهمت كثيرا في تدهور نتائج الفريق، إلى درجة جعلت رئيس النادي يصرح في فترة سابقة بأن الوضع أصبح صعبا للغاية ويستوجب تدخل كل الأطراف من أجل إنقاذ الأفريقي من شبح هذه الأزمة الخانقة، قائلا في هذا السياق “الإدارة الحالية لا تتحمل مسؤولية أخطاء بعض المسيرين السابقين، يتوجب على الجميع مساندة الفريق في محنته”.
وفي خضم هذه الأحداث المتعاقبة، ربما انتظر البعض تحركا من قبل الاتحاد التونسي لكرة القدم من أجل المساهمة في إيجاد حل ينقذ الأفريقي من الورطة، خاصة في ظل تهديدات الفيفا بخصم نقاط من رصيد الفريق ما لم يتم سداد بعض الديون لفائدة عدد من مدربيه ولاعبيه السابقين.قبل أن تشهد الأيام الأخيرة صدور أول موقف رسمي من قبل وديع الجريء رئيس اتحاد الكرة الذي أدلى بتصريح أكد من خلاله تعهد اتحاد الكرة بمساعدة الأفريقي على حل مشاكله المالية. الجريء أوضح أن الاتحاد التونسي لكرة القدم سيتعهد بتسوية ملف المدرب السابق رود كرول قبل يوم 9 ديسمبر الجاري وهو الأجل الأخير الذي حدده الاتحاد الدولي لكرة القدم قبل تفعيل عقوبة خصم النقاط.
الجريء لم يكتف بهذا الأمر، بل أكد استعداده للتحول إلى مقر الفيفا في سويسرا خلال هذه الأيام من أجل إيجاد حلول لمشاكل مالية أخرى تهم النادي الأفريقي، معتبرا أن فريقا في قيمة وعراقة هذا النادي يتطلب تدخلا ناجعا من قبل اتحاد الكرة المطالب دوما بحماية الأندية المحلية والدفاع عن مصالحها.
حماية مصالح الأندية
دور الحماية والدفاع عن المصالح الذي يقوم به اتحاد الكرة في تونس، لم يقتصر على النادي الأفريقي فحسب، بل تثبت عدة أمثلة أخرى الدور البارز الذي لعبه هذا الهيكل.
وفي هذا السياق عاش الترجي التونسي على وقع عقوبات “صارمة” من قبل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم عشية موعد الدور النهائي لدوري الأبطال ضد الأهلي، حيث تم إصدار بعض العقوبات أهمها غلق المدارج الجانبية لملعب رادس أمام الجماهير خلال إياب الدور النهائي، لكن الاتحاد التونسي لكرة القدم بذل جهودا كبيرة وساهم في إلغاء هذه العقوبة، ليضمن بذلك فريق الترجي حضورا جماهيريا قياسيا في ذلك الموعد.
تدخلات اتحاد الكرة لفائدة الأندية التونسية شملت فرقا أخرى كانت مهددة بشكل مباشر بعقوبات صارمة من قبل الفيفا على غرار النادي البنزرتي، حيث كان الفريق مهددا بالهبوط إلى الدرجة الثانية في نهاية الموسم الماضي، لكن اتحاد الكرة تدخل وتعهد بحل الإشكال المالي بين النادي ولاعبه السابق النيجيري أبوبكر أليو، وهو ما ساعد هذا الفريق على الخروج سريعا من الورطة، ليؤكد بذلك هذا الهيكل أن أهم أهداف اتحاد الكرة هي حماية مصالح المنتخبات الوطنية وكذلك الأندية.
وفي هذا السياق أكد الجريء في تصريح سابق لـ”العرب” قائلا “دورنا الأساسي يكمن في النهوض بواقع الكرة التونسية وتحقيق أفضل النتائج، وهذا الأمر لا يتحقق إلا عبر تخطي كل العقبات وتذليل الصعوبات، لهذا من واجب اتحاد الكرة الدفاع عن مصالح الأندية وتقديم يد المساعدة لها وقت الضرورة”.
أمثلة عربية مماثلة
ربما لا يعتبر الاتحاد التونسي لكرة القدم استثناء في هذا المجال، فعدة أمثلة أخرى شهدتها بعض الأندية العربية تؤكد الدور الحقيقي الذي يجب أن تضطلع به الاتحادات المحلية، في هذا السياق يمكن الحديث عما حصل في الموسم الماضي لنادي الرجاء البيضاوي المغربي حيث تلقى تهديدا من الفيفا بخصم النقاط والتعرض لغرامة مالية كبيرة في صورة عدم دفع مبلغ قدره 100 ألف دولار لفائدة اللاعب التونسي خالد القربي، غير أنه كان يعيش على وقع أزمة خانقة ولم يكن قادرا على سداد هذا المبلغ، قبل أن تتدخل الجامعة الملكية المغربية وتقوم بخلاص هذا الدين نيابة عن الفريق البيضاوي.
الأمر ذاته عاشه نادي اتحاد جدة السعودي في الموسم قبل الماضي بعد العقوبات المسلطة عليه من الفيفا بحرمانه من تسجيل لاعبين جدد خلال فترتي قيد متتاليتين إضافة إلى تخطئته بمبلغ يناهز مليون أورو، غير أن الدعم الذي وجده من قبل الهيئة العامة للرياضة السعودية ساعده في نهاية المطاف في تجاوز تبعات كل العقوبات التي سلطت عليه في السابق.