الإهانات العنصرية تغزو الملاعب الإسبانية

عادت الهتافات والإساءات العنصرية تهز ملاعب كرة القدم في إسبانيا وباتت تهدد البطولات المحلية وسط مطالبات بتغليظ العقوبات. وشكّلت الإهانات العنصرية التي تلقاها فينيسيوس جونيور مهاجم نادي ريال مدريد، من بعض جماهير فريق فالنسيا في ملعب “ميستايا”، ضمن منافسات “الليغا”، سابقة خطرة، دفعت إلى ضرورة التحرك بشكل عاجل وسريع، من أجل القضاء على هذه الظاهرة.
مدريد - رفض فريق إسباني من الدرجة الثالثة إنهاء مباراة السبت بعد مشاجرة بين حارس مرماه ومشجع للفريق المنافس متهم بتوجيه إهانات عنصرية إليه، وذلك بعد ساعات قليلة من إدانة نادي إشبيلية لإهانات مماثلة تجاه أحد لاعبيه ومدربه عقب مباراته ضد مضيفه خيتافي في المرحلة الثلاثين من الدوري الإسباني لكرة القدم.
وجاءت هذه الأحداث الجديدة بعد أيام قليلة فقط من المباراة الدولية الودية بين إسبانيا والبرازيل والتي تم تنظيمها الثلاثاء على وجه التحديد ردا على الإهانات العنصرية التي يتعرض لها مهاجم ريال مدريد ونجم السيليساو فينيسيوس منذ انضمامه إلى النادي الملكي عام 2018.
تعرض شيخ كان سار، حارس المرمى السنغالي لنادي رايو ماخاداهوندا المنتمي لدوري الدرجة الثالثة إلى الطرد السبت في الدقيقة 84 من المباراة أمام سيستاو ريفر بعد مشاجرة مع أحد المشجعين خلف مرماه، مما دفع فريقه لمغادرة الملعب والحكام إلى إيقاف المباراة. وذكرت الصحافة الإسبانية أن العديد من مشجعي سيستاو ريفر قاموا بإهانة شيخ سار (23 عاما) بعد الهدف الثاني لفريقهم في الدقيقة 83 من المباراة.
إجراءات صارمة
وفي وقت سابق السبت، أدان نادي إشبيلية أيضا “الإهانات العنصرية والمعادية للأجانب” التي تعرض لها لاعبه الأرجنتيني ماركوس أكونيا خلال مباراته في خيتافي حيث وصفه المشجعون بالـ”قرد” وفقا لتقرير الحكم، ومدربه كيكي سانشيز فلوريس الذي أكد أنه عومل وكأنه “غجري”.
وعلَّق فينيسيوس جونيور على حسابه في “إكس” “شاهدنا ثلاث حالات عنصرية حقيرة في إسبانيا في يوم السبت وحده”.
وأضاف نجم السيليساو “إلى سار وإلى رايو ماخاداهوندا، فلتُلهم شجاعتكم الآخرين، يجب التنديد بالعنصريين ولا يمكن مواصلة المباريات معهم في المدرجات”. وتابع “لن نحقق النصر إلا عندما يغادر العنصريون الملاعب ليذهبوا مباشرة إلى السجن، المكان الذي يستحقونه”. وكثيرا ما يكون المهاجم البرازيلي ضحية للعنصرية في البطولة الإسبانية، بما في ذلك حادثة في فالنسيا عام 2023 والتي تسببت في موجة من السخط الدولي ودفعت السلطات إلى الاعتراف بأن البلاد لديها “مشكلة” مع التمييز العنصري.
البرازيلي فينيسيوس جونيور قال إنه يكافح من أجل الحفاظ على الاستمتاع بلعب كرة القدم بسبب الإهانات المتكررة
وكتب رايو ماخاداهوندا على حسابه في “إكس” “فريقنا لن يستأنف المباراة بعد أن تعرض لاعبنا لإهانات عنصرية غير مقبولة”. من جهته، أعرب قائد الفريق خورخي كاسادو عن أسفه في حسابه على “إنستغرام” قائلا “ما حدث اليوم مخز جدا. جزء من الملعب يطلق إهانات عنصرية ضد زميلنا الشيخ سار، بسبب لون بشرته”. وأضاف “يا له من عار، يبدو من الجنون أننا وصلنا إلى عام 2024 ولدينا أغبياء بلا عقول في الملاعب يتصرفون بشكل مسعور.. كلنا شيخ، لا للعنصرية”. وقال الاتحاد الإسباني لكرة القدم إن إحدى هيئاته ستقرر الإجراء الذي يجب اتخاذه بعد الحادث.
وأوضح في بيان “توقفت المباراة بعد مشاجرة بين الجماهير (…) وشيخ سار (…) الذي أعلن أنه تعرض لإهانات عنصرية دون أي يتمكن أي عضو من أعضاء التحكيم، أخذا في الاعتبار من موقعهم على أرضية الملعب، من سماعهم”. وأضاف “أوقف الحكم فرانسيسكو غارسيا ريسغو المباراة عندما قرر لاعبو الفريق الزائر مغادرة الملعب بسبب الأحداث المذكورة، دون أن يتمكن الحكم من تطبيق بروتوكول مكافحة العنصرية حيث رفض فريق العاصمة مواصلة اللعب”.
وكانت المباراة الثانية التي شهدت إهانات عنصرية السبت في إسبانيا، بعد الحادثتين اللتين وقعتا خلال فوز إشبيلية على خيتافي 1-0. وكتب حكم المباراة خافيير إغليسياس فيانويفا أن جماهير خيتافي صرخت “أكونيا قرد” و”أكونا، أنت من فصيلة القرود” تجاه الدولي الأرجنتيني أكونا، مما دفعه إلى إيقاف المباراة لفترة وجيزة. وقال مدرب إشبيلية كيكي سانشيز فلوريس إن بعض المشجعين وصفوه بأنه “غجري”، موضحا أنه فخور بأصوله.
سلب متعة اللعب
وأردف قائلا “أن تكون غجريا أو نصف غجري فهذا شيء، واستخدام ذلك كإهانة عنصرية شيء آخر- أجد ذلك شنيعا”. أجهش الجناح البرازيلي فينيسيوس جونيور بالبكاء، وقال إنه يكافح من أجل الحفاظ على الشغف والحماس والاستمتاع بلعب كرة القدم بسبب الإهانات العنصرية المتكررة التي يتعرض لها في إسبانيا.
وقال جناح ريال مدريد إنه يشعر بالإحباط لأن الجماهير لا تزال تفلت من العقاب رغم استمرار الإساءات العنصرية تجاهه. وفي الموسم الماضي، أبلغت رابطة الدوري الإسباني النيابة العامة عن 10 حالات مماثلة ضد اللاعب البالغ من العمر 23 عاما.وقال فينيسيوس وهو يغالب الدموع “أريد فقط أن ألعب كرة القدم ولكن من الصعب المضي قدما.. أشعر بأن رغبتي في اللعب باتت أقل (بسبب الإساءات العنصرية). لم يخطر قط ببالي (مغادرة إسبانيا) لأنني إذا غادرت إسبانيا سأمنح العنصريين ما يريدونه”. وأضاف “سأبقى هنا لأنه بهذه الطريقة يمكن للعنصريين أن يستمروا في رؤية وجهي أكثر. أنا لاعب جريء، ألعب لريال مدريد وفزنا بالكثير من الألقاب، وهذا لا يرضي الكثير من الناس”.
في المقابل رأى مدافع ريال مدريد داني كارفاخال أن إسبانيا ليست بلدا عنصريا، وذلك عشية المباراة الودية في كرة القدم التي تجمع بلاده بمنتخب البرازيل تحت شعار مكافحة العنصرية. ونظّمت إسبانيا مباراة ودية ضد البرازيل بقيادة فينيسيوس في ملعب “سانتياغو برنابيو” تحت شعار “بشرة واحدة” للمساعدة في مكافحة العنصرية. وقال كارفاخال في مؤتمر صحافي “لا أعتقد أن إسبانيا بلد عنصري. لدينا مستوى عالِ جدا من الاندماج (المجتمعي). لقد أتيت من حي متواضع، ليغانيس، ونشأت مع أولاد من جميع أنواع الجنسيات. لدي الكثير من الأصدقاء من مختلف ألوان البشرة”.
ورأى كارفاخال أن المشجعين الذين يطلقون إهانات عنصرية ضد اللاعبين يعبّرون عن إحباطهم بطريقة “قبيحة” تجاه الرياضيين، مضيفاً “للأسف، هناك أشخاص يذهبون إلى (ملاعب) كرة القدم ويبدو أنهم يطلقون كل حنقهم وغضبهم. عندما يشعرون أن ذلك يؤذي شخصا ما، يفعلونه أكثر، وهذا أمر مؤسف”.
واعتبر أنه “لا يجب السماح لهذا النوع من الناس بدخول الملاعب لأن ذلك (العنصرية) أبشع شيء موجود في الرياضة”.