الإفراط في استخدام "تشات جي بي تي" يفاقم الوحدة العاطفية

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - كشفت دراسة حديثة أجرتها شركة “أوبن إيه آي” بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عن وجود صلة محتملة بين الاستخدام المكثف لروبوتات الدردشة الذكية مثل “تشات جي بي تي” وزيادة الشعور بالوحدة، إلى جانب تراجع التفاعل الاجتماعي مع الآخرين.
وأشارت النتائج الأولية – التي لم تُراجع بعد من قبل علماء مستقلين، كما ذكرت وكالة بلومبيرغ – إلى أن المستخدمين الذين يقضون وقتا أطول في التواصل مع الروبوت يميلون إلى الإبلاغ عن مستويات أعلى من التعلق العاطفي به، ما قد يرتبط بتعزيز مشاعر العزلة.
ومنذ إطلاق “تشات جي بي تي” نهاية عام 2022، توسعت تطبيقاته لتشمل مجالات متنوعة، من البرمجة إلى الدعم النفسي غير الرسمي. ومع إضافة ميزات صوتية تحاكي الحوار البشري، زادت احتمالية بناء علاقات شبه اجتماعية مع هذه التقنية، ما أثار مخاوف من تداعياتها العاطفية، خاصة بين المراهقين وذوي الاضطرابات النفسية. وتزايدت هذه المخاوف بعد حادثة رفع دعوى قضائية ضد شركة “كاراكتر تكنولوجيز” العام الماضي، بعدما زُعم أن روبوت الدردشة الخاص بها شجّع أفكارا انتحارية خلال محادثات مع قاصرين، بينهم فتى يبلغ 14 عاما انتهى به الأمر إلى الانتحار.
نتائج الدراسة أظهرت أن الأفراد المعرضين للتعلق العاطفي في العلاقات الإنسانية كانوا أكثر ميلا للشعور بالوحدة والتعلق بالروبوت
ولتحليل تأثيرات “تشات جي بي تي”، تابع الباحثون نحو 1000 مشارك لمدة شهر، استخدموا خلالها إما النسخة النصية أو أحد إصدارين صوتيين للروبوت لمدة لا تقل عن 5 دقائق يوميا. وتضمنت المهام محادثات مفتوحة أو مناقشة موضوعات شخصية/غير شخصية. وأظهرت النتائج أن الأفراد المعرضين للتعلق العاطفي في العلاقات الإنسانية كانوا أكثر ميلا للشعور بالوحدة والتعلق بالروبوت، دون وجود فرق ملحوظ بين الإصدارات الصوتية المختلفة.
ورغم هذه المؤشرات، حذرت كاثي مينغيينغ فانغ، إحدى المشاركات في الدراسة، من استنتاج علاقة سببية مباشرة، موضحة أن البحث لم يُقارن بمجموعة تحكّم غير مستخدمة للروبوتات، كما تجاهل عامل مدة الاستخدام. وفي دراسة موازية، حلل الفريق 3 ملايين محادثة بين المستخدمين والروبوت، ووجد أن نسبة ضئيلة فقط استخدمته لأغراض عاطفية، مما يطرح تساؤلات حول طبيعة التفاعل البشري مع الذكاء الاصطناعي.
وأكد الباحثون أن هذه النتائج تُعد مجرد خطوة أولى في فهم تأثيرات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وقال بات باتارانوتابورن، المشارك في الدراسة “التركيز على التكنولوجيا نفسها مهم، لكن الأهم هو دراسة تأثيرها على المستخدمين، خاصة مع انتشارها الواسع.” من جهتها، أوضحت ساندهيني أغاروال من “أوبن إيه آي” أن الهدف من هذه الأبحاث هو توجيه التصميم المسؤول للتقنيات الذكية، وتمكين المستخدمين من فهم تأثيراتها على حياتهم.
بينما تبقى الأسئلة حول ما إذا كانت الروبوتات تسبب الوحدة، أم أن الوحدة تدفع البعض إلى اللجوء إليها، محل انتظار المزيد من الدراسات المعمقة.