الإطار التنسيقي "السني"

فكرة الإطار الشيعي راقت للحلبوسي فبادر إلى استنساخها في المكون السني بدعوته أغلب الزعامات التي اشتركت في المنظومة السياسية الحاكمة السابقة واللاحقة إلى عقد اجتماع لبلورة تشكيل إطار تنسيقي سني.
الأربعاء 2023/04/12
تحالف الحلبوسي ولد ميتا

غالبا ما ترددت عبارة ألفها الرأي العام في أدبيات السياسة وعناوين المشهد العراقي عند وصف تشكيل حكومة محمد شياع السوداني التي شكلها الإطار التنسيقي الشيعي، لكن هل سمع أحد منكم حكاية الإطار التنسيقي “السني”؟

صراع الاستقواء والنفوذ ومحاولات الغلبة على الطرف الآخر هو القرار الذي بات يشغل طرفي لعبة شّد الحبل التي تجري حاليا بين قطبي الصراع السياسي، محمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي والإطار التنسيقي الشيعي ممثلا برئيس الوزراء السوداني.

استقدام هيئة النزاهة الاتحادية لمحافظ الأنبار الحالي علي فرحان والمقرّب من الحلبوسي على خلفية اتهامات بهدر المال العام ضمن قانون العقوبات العراقي رقم 340، بعد اكتشاف تزوير سندات وهمية لأكثر من 68 ألف قطعة أرض في الأنبار ومحاولات الاستيلاء على أملاك حكومية وقصور للنظام السابق وبيعها للمواطنين، إضافة إلى تُهم فساد شملت أكثر من 18 شخصية من الحزب الحاكم كانت مقرّبة من مصادر القرار السني في الأنبار صدرت بحقها أوامر قبض، ربما يؤشر إلى أن النيّة اقتربت لإقالة الحلبوسي أو تقديم استقالته.

◙ أوتار الطائفية يعزف عليها أركان السياسة في العراق كلما لاحت في الأفق أزمة أو مشكلة أو مأزق يؤدي بهم إلى الاعتزال ويبعدهم عن المشهد السياسي

ويبدو أن فكرة “الإطار الشيعي” قد راقت للحلبوسي فبادر إلى استنساخها في المكون السني بدعوته لأغلب الزعامات التي اشتركت في المنظومة السياسية الحاكمة السابقة واللاحقة، ومنهم أسامة النجيفي وسليم الجبوري رئيسا البرلمان السابقان، وصالح المطلك وخميس الخنجر ورافع العيساوي الذي تمت تبرئته مؤخرا من جانب القضاء العراقي، ومحمود المشهداني ومثنى السامرائي وجمال الكربولي وغيرهم من القيادات، إلى عقد اجتماع لبلورة تشكيل الإطار التنسيقي السني ليكون قادرا على مواجهة الإطار التنسيقي الشيعي سياسيا، وفرض شروط ومطالب القوى السنية بعد توحيد البيت السني على غرار البيت الشيعي.

مطالب المكون السني تتلخص بعودة النازحين إلى مناطق سكناهم وصرف المخصصات المالية للمناطق المحررة التي أقرها اتفاق سياسي بين المكونات الشيعية والسنية والكردية وتم على إثرها تشكيل حكومة السوداني، والعفو العام عن المعتقلين الذي تحاول عرقلته أو التنّصل منه بعض الأطراف في الإطار التنسيقي بحجة وجود إرهابيين أو متهمين بقضايا إرهاب.

خطوة الحلبوسي لتشكيل إطار سني يدعمه للبقاء في منصبه رئيسا للبرلمان أتت بعد أن تحدثت مصادر سياسية وتسريبات عن النيّة لإقالته من منصبه.

محاولات تشكيل تحالف سني للوقوف ضد الإطار الشيعي تؤكد بعض المصادر أنه ولد ميتا، لرفض أغلب الزعامات العودة إلى مربع الطائفية والصراعات المذهبية التي أغرقت البلد بالفوضى والانحطاط وجعلته يتخندق ضمن كانتونات الطائفة والمذهب.

◙ صراع الاستقواء والنفوذ ومحاولات الغلبة على الطرف الآخر هو القرار الذي بات يشغل طرفي لعبة شّد الحبل التي تجري حاليا بين قطبي الصراع السياسي

ما جرى مؤخرا في الأنبار من إلقاء القبض على مدير التسجيل العقاري ووجود بطاقات تقاعدية مزورة لمئات الأسماء الوهمية كان يديرها أشخاص مقربون من الحزب الحاكم، واكتشاف قضايا فساد تُقدّر بمليار دولار مهدور على يد شخصيات وجماعات متنفّذة، واستدعاء هيئة النزاهة لتلك الشخصيات وهروب البعض منها، يوحي بوجود أزمة حقيقية، خصوصا مع تصاعد مطالبات برلمانية وشعبية لحكومة السوداني بضرورة عدم التساهل مع ملفات الفساد وإحالة جميع المتهمين إلى القضاء مهما بلغت مناصبهم دون التأثر بالمحسوبيات والوساطات.

الإطار التنسيقي “السني” الذي يعتزم رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي تأسيسه، هل ينجح في الوقت الذي يُعتقد فيه أن العراق تجاوز مرحلة الطائفية؟ هل هو باب من أبواب مُناغاة الشعور المذهبي للاصطفاف حول تلك الزعامات من أجل رفع رصيدها في النفوذ والمصالح؟

أوتار الطائفية يعزف عليها أركان السياسة في العراق كلما لاحت في الأفق أزمة أو مشكلة أو مأزق يؤدي بهم إلى الاعتزال ويبعدهم عن المشهد السياسي، لذلك تكون أسلحة الدفاع عن المذهب والطائفة، ذلك الوهم الذي تتواجه به الأطراف في مسرحية باتت مملّة للمشاهد العراقي.

9