الإرهاب يستوجب تحالفات أقوى تنسجم مع طبيعة المنطقة العربية

دول أوروبا بحاجة إلى توسيع التعاون مع منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في مجال محاربة الإرهاب رغم الخطوات الإيجابية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي في هذا الاتجاه.
الاثنين 2020/12/14
التطمينات الأمنية لا تحجب خطر الإرهاب

لندن- ظلت الصراعات العسكرية والاضطرابات السياسية في السنوات التي أعقبت الانتفاضات العربية السمة الظاهرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتناولت العديد من الدراسات والبحوث مجموعة من التحديات الحالية، بما في ذلك التحولات السياسية والإرهاب والحروب الأهلية، والآليات السياسية والأمنية في المنطقة على نطاق أوسع.

ويبدو أن الالتزامات الغربية بمساعدة دول المنطقة على مواجهة التهديدات، التي من أبرزها هجمات التنظيمات المتطرفة، قد ساعدت في تقليص أخطار الإرهابيين، ولكن بعض التحديات لا تزال قائمة، وفق تقرير حديث للمعهد الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، والذي يعطي لمحة عن الثغرات في التعاون الأوروبي – العربي، ويرى أن تلك الظاهرة تستوجب تحالفات أقوى تنسجم مع طبيعة المنطقة العربية.

معظم جهود تطويق الظاهرة قد تتعرض إلى انتكاسة إن لم يتم تطوير استراتيجية غربية شمولية مع دول المنطقة

وفي العادة، يتطلب التعاون بين الجهات المعنية وخاصة وزارات الدفاع وأجهزة إنفاذ القانون طرقا فعالة من حيث التكلفة وسريعة الاستجابة لحماية القوات العسكرية المدعوة لاحتواء التهديد المتطرف العنيف، بينما تواجه دول مهمة في مكافحة الإرهاب مثل الولايات المتحدة عودة ظهور المنافسة الاستراتيجية طويلة الأمد مع الصين وروسيا.

ومع ذلك، ورغم هذه الحاجة الأساسية فقد تعطلت بشكل متكرر القدرة على مواجهة تهديد الإرهاب مع أن القوات العسكرية والأمنية طورت منهجيات فعالة لذلك ولكنها كانت مكلفة أحيانا وخاصة عندما يتعلق الأمر بالاعتماد على المعلومات الاستخبارية متعددة المصادر واستغلالها على النحو الأمثل.

ويرى محللو المعهد الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب أن الدول الأوروبية استطاعت تعزيز التعاون داخل الاتحاد وكذلك داخل أوروبا، ونجحت بالفعل من خفض مؤشر الإرهاب في أوروبا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بيد أن معظم الجهود قد تتعرض لانتكاسة إن لم يتم تطوير استراتيجية تشاركية مع البلدان العربية لتطويق الظاهرة بشكل أكبر.

الدول الأوروبية نجحت من خفض مؤشر الإرهاب في أوروبا خلال السنوات الثلاث الأخيرة
الدول الأوروبية نجحت من خفض مؤشر الإرهاب في أوروبا خلال السنوات الثلاث الأخيرة

ويشير المختصون في مكافحة الجماعات الجهادية إلى أن الحكومات الأوروبية بحاجة إلى توسيع التعاون مع دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في مجال محاربة الإرهاب والتطرف، رغم ما اتخذه الاتحاد من خطوات إيجابية في هذا الاتجاه.

وظهرت في الآونة الأخيرة العديد من الدراسات، التي تناقش مكافحة الإرهاب، كالتقرير، الذي نشره مؤخرا معهد لوفير الأميركي المعني بدراسات الأمن القومي حول التحديات، التي تواجهها الحكومات لتجديد نمط التفكير في مكافحة تمويل الإرهاب، وأن ذلك يرتبط بالقيام بمراجعات لمنظومات الاستخبارات ولتنظيم الوحدات القتالية ولمناهج التكوين والدفع نحو الاستفادة من تجارب البلدان التي مرّت بنفس المحنة.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن مؤخرا أنه سيبدأ مهمة بحرية جديدة في البحر المتوسط لمراقبة تطبيق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، ويبدو أن الأوروبيين أدركوا متأخرا أن الأزمة الليبية لم تعد تنذر أوروبا بالمهاجرين فحسب، بل من المرجح أن تكون هناك موجة إرهاب عابرة للحدود.

وخلال السنوات الخمس الماضية، قدم الاتحاد الأوروبي حوالي 3.9 مليار يورو، وفق بعض التقديرات الرسمية، تم إنفاقها كمساعدات لدول أفريقية لمنع الهجرة غير الشرعية، ومع ذلك رأت منظمة أوكسفام الدولية أن جزءا من تلك الأموال باتت بحوزة مهربي البشر وقادة الميليشيات في ليبيا.

الاتحاد الأوروبي سيبدأ مهمة بحرية جديدة في البحر المتوسط لمراقبة تطبيق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا
الاتحاد الأوروبي سيبدأ مهمة بحرية جديدة في البحر المتوسط لمراقبة تطبيق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا

ويعني ذلك أن الطريقة المتبعة قد تأتي بنتائج عكسية خاصة بعد العمليات الإرهابية في فرنسا والنمسا خلال الأسابيع الماضية، كما أن ارتفاع معدلات الهجرة غير القانونية عبر البحر المتوسط يعكس عدم رقابة وإشراف على المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي.

وبالنسبة إلى المغرب، فقد عززت كل من بلجيكا وفرنسا وإسبانيا تعاونها مع الرباط في مواجهة الإرهاب عبر تطوير آليات وقنوات التعاون القضائي الدولي للحصول على المعلومات والأدلة التي تم جمعها من مناطق التوتر التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية.

وفضلا عن ذلك تم اعتماد وسائل قانونية لتحويلها إلى دليل مقبول أمام القضاء الجنائي يسمح بمحاكمة الإرهابيين العائدين ليس فقط من أجل التحاقهم بتنظيم إرهابي بالخارج، وإنما أيضا من أجل الجرائم الإرهابية التي ارتكبوها في تلك المناطق.

تعطلت بشكل متكرر القدرة على مواجهة تهديد الإرهاب مع أن القوات العسكرية والأمنية طورت منهجيات فعالة لذلك ولكنها كانت مكلفة أحيانا

وكرّست أوروبا تعاونها مع مصر، ولطالما أكد المسؤولون الأوروبيون، ومن أبرزهم جيل دو كيرشوف، المنسق العام لمكافحة الإرهاب بالاتحاد أنهم يرغبون في توسيع نطاق العمل عبر تبادل المعلومات بين أجهزة الاتحاد الأوروبي المعنية ووزارة الداخلية المصرية لمواجهة المخاطر الإرهابية المحتملة والمرتبطة بتحركات الخلايا والعناصر المتطرفة في ما بين بؤر التوتر بالشرق الأوسط ودول القارة الأوروبية.

وفي سياق توسيع التعاون الأمني، فتح الاتحاد الأوروبي العام الماضي سجلا مشتركا مع العراق لمكافحة الإرهاب، على أمل تسهيل مقاضاة وإدانة المتشددين المشتبه بهم والأفراد العائدين من القتال مع تنظيم داعش في العراق وسوريا. ويتضمن السجل معلومات عن الجهاديين والمتطرفين السياسيين وكل المتشددين بمختلف توجهاتهم.

ومع أن دول الخليج ترتبط بشكل أكبر مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب العابر للحدود، إلا أن الاتحاد الأوروبي افتتح صيف العام الماضي، مقرا ثالثا للبعثة الأوروبية في المنطقة. وأكدت مفوضة شؤون الأمن والسياسة الخارجية فيديريكا موغيريني حينها أن هذه رسالة أوروبية لانخراط الاتحاد في الشرق الأوسط بشكل أوسع لتطويق التهديدات الأمنية.

7