"الأولمبياد الخاص" فرصة لإظهار مواهب خفية

باريس – يجمع “الأولمبياد الخاص” الذي يعقد هذه السنة في أبوظبي في منتصف مارس أكثر من 7 آلاف رياضي من 170 بلدا من ذوي الإعاقات الذهنية، مقدّما لهم فرصة لإظهار مواهبهم. لا يخفي جوردان مينغليس فخره الكبير بالمشاركة في هذه المغامرة، إلى جانب 84 رياضيا فرنسيا. ويقول الشاب البالغ من العمر 26 عاما الذي يتمرّن ست ساعات أسبوعيا من دون احتساب تمارين اللياقة البدنية “حلمي هو أن أنال ميدالية. ويكفي ألا نستسلم، فهذا هو الأهم!”.
في أنتيب في جنوب فرنسا حيث يتدرّب على السباحة، تعرّف مينغليس على البطل الأولمبي الفرنسي آلان برنار الذي عيّن سفيرا لدورة العام 2019 من “الأولمبياد الخاص” التي تعقد في الإمارات من 14 إلى 21 مارس. وهي المرة الأولى التي تقام فيها هذه الفعاليات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويوضح الرياضي الحائز ميداليتين ذهبيتين -مرة في بكين سنة 2008 ومرة أخرى في لندن سنة 2012- أن الرياضات المكيفة مع حاجات ذوي الإعاقات الذهنية والجسدية وتلك السائدة بالأنماط التقليدية “عالمان نادرا ما ينصهران”.
والبطل الأولمبي معجب بهؤلاء الرياضيين. وهو يقول “لا يتوانون أبدا عن إنجاز المهمات. وعندما أمرّ عليهم خلال التمرينات، يكونون في غاية التركيز والسعادة”. وقبل أن يخوض جوردان غمار السباحة، مارس رياضة كرة القدم والجيدو والتزلّج. وتقول والدته كاتي إن “الرياضة هي بمثابة صمام أمان له”. وهي مقتنعة بأن النشاط البدني ساعد ابنها على مواجهة السخرية، وتقول في هذا الصدد “يكون الناس أكثر لطفا معه لأنه رياضي”.
مبدأ الشمولية
وخلافا للألعاب الأولمبية التقليدية، يقوم “الأولمبياد الخاص” على مبدأ الشمولية ويمكن لأي كان المشاركة فيه من دون مستوى محدّد للأداء اللازم للتأهّل. ويوزع الرياضيون على مجموعات مختلفة باختلاف المستويات كي يتسنّى لكلّ فرد أن يعود “ورأسه مرفوعا والبسمة على وجهه”، على حدّ قول ناتالي داليه-فيفر المديرة العامة في فرنسا لهذه الحركة التي أسست سنة 1968 في الولايات المتحدة بمبادرة من إحدى شقيقات الرئيس جون كيندي.
وتشير داليه-فيفر إلى أن الهدف من هذه النشاطات هو مساعدة الناس على الانفتاح لتقبّل الآخر، مضيفة أن ذوي الإعاقات الذهنية “يتخطون فيها حدودهم. إنها الجرأة بكلّ ما للكلمة من معنى”.
المزيد من المرونة
وبالنسبة إلى المدربين، يتطلّب التعاون مع ذوي الإعاقات الذهنية المزيد من المرونة. ويقول باتريس بارو الذي يشرف على تمرينات جوردان في أنتيب “علينا نحن أن نتكيّف معهم بدلا من دفعهم إلى التأقلم معنا”، مشيرا إلى أن “تنفيذ الحركات أمامهم هو أفضل من أي شرح نظري”.
وتابع بارو “إني شديد الإعجاب بالقوة الذهنية للرياضيين الذين لا يدّخرون جهدا لضمان الفوز”. وهو يرفض استخدام مصطلح “ذوي الإعاقات”، قائلا “هم مختلفون بعض الشيء وهذا كلّ ما في الأمر وهم يثبتون أن في وسعهم السباحة مثل أي شخص آخر”. ويشدّد على أنه “يجب ألا ننظر إليهم نظرة مختلفة، بل أن نمدّ إليهم اليد، لكن الأمر لا يزال صعبا في فرنسا”.