الأقصر تنتظر سياحا لن يأتوا قريبا

السياحة في مصر تعاني من الركود كما في كل الوطن العربي والعالم جراء فايروس كورونا الذي عطل حركة السفر، لكن المستثمرين في القطاع متفائلون بالعودة المرتقبة للسياح إلى منطقتهم المشمسة.
الأقصر - تتفرّد مدينة الأقصر التاريخية، في صعيد مصر، بأنها تحوي بين جنباتها عشرات المعابد، ومئات المقابر التي شيدها ملوك وملكات ونبلاء ونبيلات مصر القديمة قبل آلاف السنين، لكن معالم المدينة السياحية، وحتى عربات الحنطور والمراكب الشراعية، والبالون الطائر، باتت خالية من الزوار، جراء معاناة مصر والعالم أجمع من أزمة فايروس كورونا المستجد، وباتت المدينة تترقب عودة زوارها من المصريين والأجانب مجددا.
ويبدو أن العاملين بالقطاع السياحي في مدينة الأقصر يحملون آمالاً كبيرة في تجاوز بلادهم لأزمة فايروس كورونا المستجد سريعا، ويترقبون عودة السياح لمدينتهم قريبا.
وبحسب قول رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية بصعيد مصر، محمد عثمان، فإن أصحاب الفنادق والمنشآت السياحية بمختلف أنماطها، انشغلوا بالفعل في استغلال غياب السياح، وتوقف العمل بالمطارات، في تطوير منشآتهم، وفى رفع مستوى المرافق بكافة المزارات الأثرية والسياحية، عبر التعاون الدائم بين وزارة السياحة والآثار وسلطات محافظة الأقصر ومختلف محافظات مصر السياحية.
وقال رئيس غرفة وكالات وشركات السفر والسياحة في محافظة الأقصر، ثروت عجمي، إن القطاع السياحي سيتأثر بالطبع بأزمة فايروس كورونا الذي يجتاح العالم، ولفت إلى أن القطاع السياحي في الأقصر لن يموت، وأن هناك ثقة كبيرة من قبل ملاك الشركات والفنادق والبواخر تجاه الحكومة، وأن وزارة السياحة والآثار لديها من الخطط التي تعالج أية آثار سلبية لأزمة فايروس كورونا التي تجتاح العالم على القطاع السياحي.
ورأى عجمي أن المستثمرين بالقطاع السياحي سيستغلون فترة التراجع السياحي المرتقبة بالعالم أجمع في الاستعداد للفوز بنصيب جيد من حركة السياحة العالمية فور عودتها مستغلين الأجواء المشمسة في الأقصر وتدني نسبة الرطوبة بها وغير ذلك من الأشياء التي تتفرد بها الأقصر عن بقية المقاصد السياحية فى مصر والعالم أجمع.
الأمل في عودة السياح قريبا للمدينة لا ينفي وجود حالة من الترقب بين الناس، خاصة وأن فايروس كورونا كما يقول الخبير السياحي المصري، محمد عبدالحميد، يواصل انتشاره في العالم، ومن غير المعروف متى يتعافى العالم من ذلك الفايروس، ومتى تعود حركة الطيران إلى طبيعتها، بعد أن أُغلقت المطارات وتوقفت حركة السفر.
ويقول عبدالحميد إنه على الرغم من أن المصريين العاملين بالقطاع السياحي لديهم إيمان دائم بأن “السياحة تمرض ولا تموت”، إلا أن الأزمة هذه المرة أصعب بكثير من سابقاتها، حيث ترتبط بفايروس يتنقل من بلد إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى، دون رادع ودون أن يعلم أحد مدى يتخلص العالم منه.
وتأتي حالة القلق والترقب في الأقصر على الرغم من إعلان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن القطاع السياحي سيستغل فترة تعليق العمل بالمطارات المصرية في القيام بأعمال التعقيم والتجهيزات اللازمة لاستقبال السياح مجددا بعد انتهاء فترة تعليق العمل بالمطارات.
الأمل في تشجيع السياحة الداخلية وتفعيل اتفاقيات السياحية البينية بين الدول العربية، صارا أمرا صعبا في ظل حالة حظر السفر ومنع التنقل، والحد من التجمعات، ووقف أية أنشطة ترفيهية، ما جعل من حلم اللجوء للسياحة الداخلية والسياح العرب أمرا بعيد المنال اليوم.
ويقول رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، أيمن أبوزيد، إن من سيتضرّرون كثيرا من تأثيرات أزمة فايروس كورونا المستجد على الحركة السياحية في مدينة الأقصر، هم أصحاب الحرف والمهن المرتبطة بالسياح، مثل أصحاب عربات الحنطور والمراكب الشراعية، وأصحاب الفنون الفطرية الذين ينحتون اللوحات والتماثيل على غرار آثار قدماء المصريين، وباعة التحف والهدايا وكثير ممن ترتبط أعمالهم بالسياح.
وطالب أبوزيد بوضع خطط مبكرة وتوفير الرعاية الاجتماعية والدعم لأصحاب تلك المهن والحرف.
أما عضو لجنة السياحة بالبرلمان المصري، أحمد إدريس، فطالب بالعمل سريعا على المعالجة المبكرة للمشكلات الناجمة عن أزمة فايروس كورونا، وتأثيراته السلبية المرتقبة على القطاع السياحي المصري، وشدد على أهمية تفعيل الدور الاجتماعي لرأس المال، لدعم خطط الحكومة في مواجهة آثار فايروس كورونا.
وأكد أن هناك تنسيقا مبكرا بين أعضاء لجنة السياحة والطيران في مجلس النواب المصري، ووزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني، والاتحاد المصري للغرف السياحية، وأن المطالب تتجه نحو تحمل المستثمرين ورجال الأعمال بجانب الحكومة تبعات أي تراجع سياحي جراء توقف حركة الطيران بين بلدان العالم، جراء مخاوف تفشي فايروس كورونا، خاصة داخل البلدان التي تعتبر سوقا رئيسيا للسياحة الوافدة لمصر، وتجنيب العاملين بالشركات والفنادق والبواخر السياحية، وحتى العاملين في البازارات السياحية وأصحاب المهن المتعلقة بالسياح أية أضرار.
وتنتشر المعابد والمناطق الأثرية الغنية بمقابر ومعالم أثرية في شرق المدينة وغربها، لتشكل بانوراما تاريخية تستطيع رؤية معالمها بالعين المجردة.
أما طريق الكباش الشهير، والذي يُعرف لدى خبراء الآثار وعلماء المصريات، بطريق المواكب المصرية القديمة، والذي يمتد بطول 2700 متر ليربط بين معبدي الكرنك والأقصر فقد حوّل المدينة إلى متحف مفتوح هو الأكبر من نوعه في العالم.
وكانت منظمة السياحة العالمية، قد اختارت مدينة الأقصر لتكون عاصمة للسياحة الثقافية بالعالم وذلك خلال عام 2016، وذلك بفضل ما تحويه المدينة من مزارات يرجع تاريخها لآلاف السنين، بجانب ما تتميز به من أنماط سياحية متنوعة. ومن بين تلك الأنماط السياحية التي تتفرد بها المدينة، سياحة البالونات الطائرة (المناطيد) التي تنطلق فوق معابد ومزارات المدينة في كل صباح، حاملة المئات من السياح. ويتجاوز عدد السياح الذين تجذبهم رحلات البالون الطائر 216 ألف سائح سنويا.
وهناك عربات الحنطور التي تحمل السياح في جولات بين معبدي الأقصر والكرنك، ووسط الأسواق التاريخية في المدينة.
بجانب ما يُعرفُ بسياحة الدواب، حيث يمتطي السياح ظهور الحمير والخيول والجمال في جولات سياحية بين الزراعات والحقول والمنازل الريفية في غرب المدينة.
وهناك أيضا رحلات المراكب الشراعية في نهر النيل، وسياحة الدهبيات، ورحلات البواخر التي تحمل السياح في جولات نيلية ما بين مدينتي الأقصر وأسوان.