الأستراليون يجنون الكوارث من إهمال التغييرات المناخية

أستراليا فشلت في التكيف مع التهديدات المتزايدة الناتجة عن تغير المناخ والمواطنين يعانون من آثار الكوارث الطبيعية.
الثلاثاء 2021/03/30
ضحايا التقاعس السياسي

سيدني - فشلت أستراليا، التي تواجه هذه السنة أسوأ فيضانات منذ أكثر من نصف قرن، في التكيف بسرعة كافية مع التهديدات المتزايدة الناتجة عن تغير المناخ، حيث يعاني شعبها الآن من آثار “الجهل المتعمد”، حسبما قال محللون.

ضربت أمطار غزيرة عدة أجزاء من البلاد في الفترة الأخيرة وأدت إلى جرف المنازل والطرق والمواشي وعزلت بلدات بأكملها في الشرق. وأجبرت الفيضانات الخطيرة أكثر من 40 ألف شخص على الفرار من منازلهم.

وقال كارل مالون الرئيس التنفيذي لشركة كليمات فاليوايشن ومقرها سيدني، والتي تقدم المشورة لأصحاب المنازل والمشترين بشأن مخاطر المناخ والطقس الشديد، إن أستراليا تعتبر منطقة الكوارث لأن فيها القليل من كل شيء.

ومع تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري، تواجه البلاد عواصف أشد وفيضانات وموجات حر وموجات جفاف أكثر حدة وخطر حرائق غابات متزايد.

وقال مالون إنه “من العار أننا لم نتعامل مع هذا بالفعل… لدينا كل الحوافز والمال للقيام بذلك، كل ما في الأمر أننا لا ننظر في الأمر”.

وأشار إلى أنه على الرغم من معرفتها بتغير المناخ منذ الثمانينات، إلا أن أستراليا تواصل بناء المنازل في السهول الفيضية.

وقال إن جذور المشكلة غالبا ما تتمحوربـ”الجهل المتعمد”، مستشهدا باعتماد الحكومة على ضرائب الأراضي، وأصحاب المشاريع الذين يسعون نحو الأرباح قبل ضمان الأمان من التهديدات المناخية، وسعي أصحاب المنازل لتقليل مدفوعات التأمين.

على الرغم من تعرض أستراليا للفيضانات والحرائق، إلا أن الحكومة كانت بطيئة في إجراء تقييم للمناخ
على الرغم من تعرض أستراليا للفيضانات والحرائق، إلا أن الحكومة كانت بطيئة في إجراء تقييم للمناخ 

وأضاف أن مشتري العقارات لا يتلقون سوى معلومات قليلة عن مخاطر الفيضانات، سواء من الحكومة المحلية أو البنوك وشركات التأمين.

وقال “أحيانا تكون المرة الأولى التي يكتشفون فيها الخطر عندما يتعرضون للضربة ويقولون إنهم لم يكونوا يعرفون أنهم كانوا في منطقة فيضان”.

وقال ريتشي ميرزيان وهو مدير برنامج المناخ والطاقة في مركز أبحاث أسترالي إن نهج التكيف مع تأثيرات تغير المناخ فُصل بين المستوى الفدرالي ومستوى الولاية والمجلس، مما يحد من المرونة.

وتابع “تبدو الحكومة الفدرالية حساسة لأي ذكر لتغير المناخ الذي يعيق الاستجابات السياسية الذكية”.

وأودت حرائق الغابات في العام الماضي، والتي أطلق عليها رئيس الوزراء سكوت موريسون “الصيف الأسود”، بحياة أكثر من 30 شخصا ودمرت الحياة البرية وأكثر من 24 مليون هكتار.

وعندما اندلعت الأزمة ورد أن نائب موريسون ألقى باللوم جزئيا على “أكوام السماد ذاتية الاحتراق”.

وكما تقول مجموعات الحفاظ على البيئة، في الوقت نفسه، أصبحت صحة الحيّد المرجاني العظيم في أستراليا في حالة حرجة تزداد مع ارتفاع درجة حرارة المياه التي يتسبب فيها تغير المناخ.

وقال كام ووكر منسق الحملات في أصدقاء الأرض بأستراليا، إن أول شيء يجب فعله هو الاعتراف بأن تأثيرات المناخ ستزداد سوءا وأن الأحداث النادرة ستصبح أكثر شيوعا، ونحن بحاجة إلى التخطيط لهذا الواقع.

وأكد وجوب صياغة نهج قائم على المنطق لتكيف يسمح بالاستجابات المشتركة بين مختلف مستويات الحكومة والمجتمعات للتعامل مع المخاطر.

وقال مالون إن الحكومة ومقرضي الرهن العقاري وشركات التأمين بحاجة إلى تقديم حوافز لأصحاب المنازل لتأمين ممتلكاتهم وحمايتها بشكل أفضل، وضمان أن تكون الأسقف أقوى ضد العواصف وحواجز الفيضانات المبنية حول المباني عالية الخطورة.

وأضاف أنه على مستوى البلديات، فإن زيادة الصرف وتحسين السدود البحرية ومعدات مكافحة الحرائق الحديثة ستساعد بالتأكيد. ولتقليل الأضرار الناجمة عن حرائق الغابات، نصح مالكي العقارات المعرضة للخطر بتجنب المواد القابلة للاشتعال  واستخدام طلاء مقاوم للحريق.

وقال ميرزيان إن للبلاد أنظمة متطورة لمراقبة الطقس وتمكنت من إصدار تحذيرات من الفيضانات وإجلاء الأشخاص المعرضين للأذى، مما قد ينقذ الآلاف من الأرواح. لكنه أشار إلى أنه على الرغم من تعرض البلاد للتأثيرات المناخية، إلا أن الحكومة كانت بطيئة في إجراء تقييم وطني للمناخ أو إعداد خطة وطنية للتكيف.

الاستهزاء بخطورة الوضع
الاستهزاء بخطورة الوضع

وفي يناير التزم وزير البيئة الأسترالي بطرح إستراتيجية جديدة لمرونة المناخ والتكيف معها هذا العام، والتي من المقرر نشرها قبل قمة المناخ للأمم المتحدة (كوب 26) المقررة في نوفمبر.

وكجزء من هذه المبادرة، قالت كانبرا إنها ستستثمر 12.9 مليون دولار أسترالي (9.8 مليون دولار) للاستعداد للكوارث.

وتقول المجموعات الخضراء إن حماية الأراضي الرطبة وأشجار المانغروف والغابات واستعادتها من شأنها أن تساعد في حماية المجتمعات من الفيضانات والعواصف، في حين قد تخفف المزيد من الأشجار في المدن من آثار الحرارة.

كما قال ويل ستيفن وهو عالم مناخ في الجامعة الأسترالية، إن تغيير المحاصيل والحراثة وإدخال سلالات الماشية التي يمكنها تحمل الظروف الجافة هي خيارات أخرى لمكافحة الجفاف، لكنه ذكر أن الحكومات المحافظة كانت مترددة في تغيير الممارسات الراسخة في قطاعي الزراعة والبناء، مضيفا أن تغير المناخ أصبح “قضية سياسية حزبية”.

ويقول دعاة حماية البيئة إن أستراليا تبقى من ألد أعداء البيئة بسبب اعتمادها المستمر على الطاقة التي تعمل بالفحم، مما يجعلها واحدة من أكبر الدول المسببة لانبعاثات الكربون. ولطالما ضغطت المجموعات الخضراء على الحكومة للتخلي عن الوقود الأحفوري وتحديد هدف لتصبح محايدة للكربون بحلول 2050 دون نجاح يذكر حتى الآن.

وقال مارتن زافان الناشط في منظمة السلام الأخضر بأستراليا “إن فشل الحكومة في خفض الانبعاثات بشكل كبير يعرض أستراليا ومنطقة المحيط الهادئ لخطر المزيد من الحرائق والفيضانات والأعاصير”.

وأضاف “عندما يتعلق الأمر بالتكيف، لا يمكنك وضع ضمادة على ثقب رصاصة وتتوقع أن تتحسن”.

كما أشار أصدقاء الأرض إلى أن أستراليا أصدرت 240 تقريرا عن الكوارث الطبيعية منذ 1920، لكن المواطنين مازالوا يعانون من آثارها. وحددوا أن “التكيف دون تخفيف الانبعاثات يعني الاستسلام لتغير المناخ”.

 
20