الأديان طريقنا لاحتواء الفايروس وليس انتشاره

لا يميز فايروس كورونا المميت بين الأشخاص، وسيهاجم أي شخص بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية والاقتصادية أو الجنسية أو الدين.
انتشر الفايروس، الذي تم اكتشافه لأول مرة في الصين أواخر العام الماضي، في جميع أنحاء العالم بشكل أسرع مما توقعه الكثيرون.
يحاول الأطباء والعلماء والمتخصصون في الأبحاث في الفايروسات تحديد نمط معين له. ولكن الفايروس يشكل خطورة أكبر على كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية قائمة، بما في ذلك أولئك الذين يضعف نظامهم المناعي حسب العمر أو المرض.
ومع ذلك، فإنه يؤثر أيضًا على الشباب والأصحاء.
لا يهم إذا كان المصاب يصلي في مسجد أو كنيسة أو في مكان مقدس آخر، فكلهم معرضون للإصابة.
وقد أثبت العلماء أن التجمعات تساهم في انتشار الفايروس لأنه يمكن أن ينتقل من شخص إلى آخر بسهولة. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، يجب على السلطات أن تراقب الأعياد الدينية القادمة التي تجذب عادةً أعدادًا كبيرة من الناس في أماكن صغيرة.
وعلى الرغم من أن التوجيهات التي تؤجل أو تلغي المهرجانات الدينية، والحج والمواكب التي تجذب عادة عشرات الآلاف، لا تلقى شعبية،إلا أن النتيجة ستكون أفضل بكثير من السماح بالتجمعات والتعامل مع زيادة كبيرة في الوفيات وزيادة فيعدد المصابين بالفايروس.
وتمتلك إيران، التي تضررت بشدة من الفايروس، مواقع كثيرة مقدسة للشيعة، وكذلك تفعل دول أخرى في المنطقة، منها الموقع الشيعي في كربلاء، الذي يزوره سنويًا ما معدله 8 ملايين حاج في وسط العراق، وهو قبر الحسين بن علي، وكذلك قرابين شهداء معركة كربلاء عام 680.
ويزور المدينة أكثر من مليون شخص كل عام في يوم عاشوراء، الذي يوافق هذا العام يومي 28 و29 أغسطس القادم. تجتذب مواكب عاشوراء حشودًا هائلة في طهران وكربلاء والنبطية في جنوب لبنان. ينطق الحجاج من جميع الأعمار بأناشيد دينية أثناء ضرب أجسادهم بسكين حاد أو منجل حتى يسحبوا الدم الذي يتدفق على قطعة قماش بيضاء. وفي سوريا، يقع مسجد السيدة زينب في الضاحية الجنوبية لدمشق. وتقول تقاليد المسلمين الشيعة الإثني عشرية إن المسجد يحتوي على قبر السيدة زينب، ابنة الإمام علي ابن أبي طالب وفاطمة، ابنة النبي محمد.
أصبح المسجد في سوريا وجهة شعبية للحج الجماعي من قبل المسلمين الشيعة الإثني عشرية منذ الثمانينات. وعادة ما يشهد موسم الحج ارتفاعاً في الصيف.
سيؤدي السماح للحجاج الشيعة بزيارة الأماكن المقدسة والسير في شوارع المدينة في مواكب كبيرة، كما يفعلون، إلى وفاة الكثيرين.
المشكلة هنا تتجاوز الانتماءات الطائفية. حيث يبدأ شهر رمضان، شهر الإسلام المقدس عندما يصوم الناس من الفجر إلى الغسق، في 23 أبريل الجاري. وإذا لم يكن هناك وعي عام قوي، فمن المحتمل أن ينجذب المسلمون والشيعة والسنة إلى المساجد والشوارع والمقاهي والتجمعات العائلية، حتى إذا ظلت تدابير الحجر الصحي سارية المفعول. لا ينبغي أن يكون شهر رمضان عذراً لتحدي أوامر الحجر.
لكن السلفيون وغيرهم من الإسلاميين المتشددين تحدوا القيود التي تفرضها الحكومات، بما في ذلك إغلاق المساجد. وحاولوا، كنتيجة لذلك، التأثير على الشعوب من منطلق تديّنهم وإيمانهم بالقضاء والقدر. وتصر الفتاوى المنتشرة على نطاق واسع على أن الذين يموتون بسبب الوباء يعتبرون من الشهداء.
يتجاهل المحافظون المتشددون حقيقة أن الحفاظ على حياة الإنسان يعتبرها معظم علماء المسلمين كأولوية أولى للإيمان. يجب أن يساعد الدين في احتواء الفايروس وليس انتشاره.لا يمكن أن يكون هناك عذر للحكومات والشعوب الذين لا يتصرفون بحكمة. هناك حاجة ماسة لاستبدال الروايات التدميرية للمتشددين بتعليم صحي سليم حتى يمكن فهم خطر الفايروس من قبل الشعوب.
يجب على الحكومات أن تستفيد من دروس تكلفة التجمعات الدينية في وقت تفشي الفايروس.
لا يقتصر الأمر على الحجاج المسلمين فقط. حيث في جنوب الولايات المتحدة، رفض بعض رجال الدين من الواعظين الالتزام بأوامر البقاء في المنزل وواصلوا حضور صلواتهم، قائلين إن الله سيوفر الحماية التي يحتاجونها.
وفي النهاية، قامت الشرطة بإغلاق دور العبادة.
وفي شرق فرنسا، يُعتقد أن التجمعات في الكنيسة الإنجيلية هي مصدر العديد من الإصابات بالفايروس، كما كان الحال في كوريا الجنوبية.
سيتم إلقاء اللوم الكامل على الحكومات التي تتجاهل المواكب الدينية الشيعية أو المسيحية والتجمعات المماثلة. فالدين هنا ليس الجاني، لكنهم الناس هم من يتحملون ذنب تفشي هذا المرض.