الأحزاب الطائفية في العراق تواصل تنفيذ خطط طهران بغطاء ليبرالي

عمان – قالت مصادر سياسية في العاصمة العراقية إن طهران تسعى إلى إعادة توظيف الساسة الفاسدين والفاشلين من خلال تشكيل أحزاب سياسية جديدة تنبثق من جبة الولي الفقيه لكن بغطاء ليبرالي.
وتوقع مراقبون ومختصون بالشأن العراقي تحدثوا لـ”العرب” أن “تفشل خطط إيران بسبب استشراء الفساد والفشل الحكومي على مدى 14 عاما”.
ويقول أستاذ العلاقات الدولية قيس النوري “من خلال مراجعة فكر ومنهج هذه الأحزاب سنية وشيعية على حد سواء، نتبين أن استقطابها الجماهيري اعتمد على مكونات طائفية بحتة، جمهورا وتفكيرا، حتى تكلست قواعدها وقياداتها بمناخ طائفي”. وأكد أن “هذه الأحزاب ذات الحراك الطائفي البحت من الصعب أن تتحول قواعدها نحو الليبرالية”.
ويرى السفير العراقي الأسبق في إيران وأستاذ الفلسفة عبدالستار الراوي أنه “إذا تمكنت طهران من تحقيق بعض التقدم في مناورتها في نزع الطائفية فإن هذه الفرضية ستكون من باب التكتيك المرحلي المؤقت، من خلال اتباع سياسة تغيير الاتجاهات دون المساس بنص العقيدة أيديولوجيا واستراتيجيا”.
مشيرا إلى أن “إيران لا يمكن أن تسمح لنفسها بالعبث بثوابت ولاية الفقيه في التبليغ والترويج الأممي”.
وأوضح أن “لإيران مهمة رسالية هي تصدير الثورة تجاه الفضاء العالمي، كما أن لطهران هدفا بنيويا في العراق وهو في طريقه إلى التشكل إذا بقي الوضع السياسي على حاله وهو فرض إيران في العراق أو العراق في إيران”.
ولفت إلى أن “العقل السياسي الإيراني يعتمد دراسة معمقة في وضع برامجه وتحديد أولوياته، للتحرك في ضوء قدراته الإقليمية”.
ويقول خبير أمني عراقي كان مسؤولا عن شؤون المرجعيات الدينية في العراق قبل الاحتلال الأميركي إن “مشروع التوسع الإيراني مبني أساسا على الطائفية، ودستورها يؤكد ذلك ولا تستطيع أن تتخلى عن هذه الاستراتجية التي حققت لها مكاسب سياسية وميدانية”.
ويرى الخبير الأمني أن “المناورة الإيرانية دليل قاطع على فشل الأحزاب الطائفية في استغلال الدين لمدة 14 سنة، حيث أدركت أنها إذا استمرت على ذلك سيكون مصيرها الفشل، فضلا عن أن هذه المناورة تتسق مع التوجهات الأميركية الجديدة في عهد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب”.
ولفت السياسي العراقي عوني القلمجي إلى أن “جميع الأحزاب الطائفية تتصف بالبراغماتية، فالأحزاب السنية تصف نفسها بالكتل السنية، وتسمي الأحزاب الطائفية الشيعية نفسها البيت الشيعي”.
لطهران هدف بنيوي في العراق وهو في طريقه إلى التشكل إذا بقي الوضع السياسي على حاله وهو فرض إيران في العراق أو العراق في إيران
وأشار إلى أن “ارتفاع أصوات هؤلاء الطائفيين بالحديث عن الوطن والوطنية والمشاريع يعود إلى قرب موعد الانتخابات التشريعية، خصوصا بعد ما أبداه الشعب العراقي من رفض للطائفية، وتذمر من تدخل رجال الدين في القضايا السياسية”.
ويتفق الأمين العام للجبهة الوطنية العراقية المعارضة عبدالكاظم العبودي مع القلمجي فيقول “مهما كانت تصريحات الإدارة الإيرانية فإنها لا تخرج عن نطاق الإيحاء باستراتيجيتها المقبلة بجمع فلول تنظيماتها الطائفية التابعة لها شيعيا والتي تعاني اليوم من انقسامات حادة”.
ويضيف “تظاهر الأحزاب الطائفية بتخطي اليبرالية والديمقراطية مجرد ادعاء ووسيلة تتطلبها المرحلة الراهنة بالعراق. وهو لن يمحي فشلهم في بناء تجربة دينية وسياسية”.
وأوضح سعد ناجي جواد الأستاذ في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد والمحاضر حاليا في إحدى الجامعات البريطانية أن “إيران استشعرت بخطط الولايات المتحدة الرامية إلى تقليص نفوذها في العراق وردع الأحزاب الطائفية دعما منها للاتجاه المدني والعلماني، ولهذا سارعت إلى تشجيع الأحزاب الموالية لها لكي تتبع منهجا جديدا بغطاء ليبرالي وهو تغير خارجي وليس في جوهر سياساتها”. ويقول “ليس من مصلحة إيران إنهاء السياسة الطائفية لأن ذلك سيضعف من نفوذها في العراق”.
ووصف سياسة الأحزاب الطائفية الحالية بأنها “محاولة لنيل رضا الولايات المتحدة المسبق، التي بدأت تلوح بذلك منذ وقت غير قصير، وربما أخبرت القيادات من المحافظات الغربية بذلك في الاجتماعات التي عقدت في باريس وإسطنبول وعمان. كما أن السفير الأميركي في بغداد يروج لذلك في كل الاجتماعات التي يعقدها مع الوجوه السياسية في العاصمة”.
ويرى رئيس قسم الدراسات العليا في كلية الإعلام بجامعة البتراء الأردنية عبدالرزاق الدليمي أنّ “إيران تتحكم في العملية السياسية في العراق منذ عام 2003 من خلال دعمها لمختلف الأحزاب ذات الأغلبية الشيعية والتدخّل لتعيين المسؤولين السياسيين أو عزلهم”.
ولفت إلى أن “إيران تدعم جميع الأحزاب الشيعية ولكنها تخلق بينها النزاعات لعرقلة إعادة التوازن للحكومة العراقية الضعيفة، ومحاولاتها تجاوز التدخّل الإيراني في المشهد السياسي من خلال عقد الصفقات مع الأكراد في الشمال ومع السنّة، ليبقى الاستقرار السياسي للبلاد رهين هذا التدخل الإيراني”.
وأشار إلى “أنه مع اقتراب الانتخابات التشريعية مطلع العام المقبل، تراهن إيران على دعم مختلف الأحزاب الشيعية وتشجيعها على التقدّم بقائمات موحّدة حتّى تبقى الأغلبية الشيعية هي المسيطرة على البرلمان والحكومة الجديدة ولكي تحافظ على مبدأ المحاصصة في تنظيم الحياة السياسية في العراق بما يضمن تبعيته لها”.
كاتب عراقي