الأجهزة الرياضية المتصلة بالإنترنت فضاء تواصل افتراضي

فرضت جائحة كورونا المتفشية في العالم عزلة على الناس في منازلهم، وتسعى الشركات التكنولوجية لكسر هذه العزلة من خلال ابتكار أجهزة رياضية متصلة بالإنترنت تتيح للمتدربين فرصة التمرين والتواصل الافتراضي مع الآخرين من منازلهم في الآن نفسه، وبذلك يصبحون وكأنهم في قاعات رياضية افتراضية.
لاس فيغاس (الولايات المتحدة) – تشهد أجهزة اللياقة البدنية المتصلة بالإنترنت والخدمات التي تقدّم عبر الشبكة في هذا المجال إقبالاً متزايداً منذ بداية الجائحة في صفوف الرياضيين الذين حرمتهم الأزمة الصحية من مخالطة الآخرين في القاعات الرياضية، وحتى لا يشعر المتدرب بالملل ما لم يكن قادراً على الانضباط بعد أن تنقضي فترة الحماسة المبدئية.
والجديد في الأمر ليس الحصص الرياضية المنزلية نفسها، إذ أنها كانت قائمة من قبل، بل انتشارها المتزايد عبر الإنترنت مع إجراءات الحجر الصحي مؤخرا والتي ساهمت بدورها في انتشار المواقع الإلكترونية المعنية بالإرشادات الرياضية والتي تحتوي على أفلام فيديو للعديد من التدريبات.
ولاحظ جيريمي نيدهام من شركة الملاكمة المنزلية “لايت بوكسر” خلال معرض لاس فيغاس للإلكترونيات الذي اختُتِم منذ أسبوع أن “جانباً كبيراً مما يحفّز على الذهاب إلى قاعات نوادي اللياقة البدنية يتمثل في تشارُك معاناة الجهد مع الآخرين (…) وهذا ما ينشئ روابط التحفيز فيما بين المتدربين”.
"لايت بوكس" توفر لزبائنها إمكانية إقامة تمارين مشتركة مع آخرين وحتى إمكانية التنافس في ما بينهم
وأضاف “نظراً إلى أن وجود الناس معاً في مساحة مادية واحدة لم يعد ممكناً، أقلّه ليس في الوقت الفعلي، يجب أن يحصل ذلك افتراضياً كما هو الحال على مواقع التواصل الاجتماعي”. وإذا كانت بعض الشركات تبيع معدات رياضية متصلة بالإنترنت، توفّر “لايت بوكس” لزبائنها إمكانية إقامة تمارين مشتركة مع آخرين، وحتى إمكانية التنافس في ما بينهم دون أن يلتقوا فعليا، وما على المتدربين إلا أن يدفعوا مقابل اشتراك شهري بالإضافة إلى 1200 دولار لدفع ثمن شراء الجهاز الذي يثبت على جدار.
وظهرت التقنيات الجديدة المتعلقة بالرياضة منذ سنوات، لكنّ القطاع شهد نمواً كبيراً خلال الجائحة، كذلك الذي شهده قطاعا التجارة عبر الإنترنت أو العمل عن بُعد.
ولاحظت جمعية “كونسيومر تكنولوجي” التي تنظم معرض لاس فيغاس في تقرير لها “تكاثراً للتجهيزات الرياضية المتصلة، إذ اضطر المستهلكون إلى تغيير الطريقة التي يمارسون بها الرياضة”.
وأشارت “كونسيومر تكنولوجي” إلى أن حجم السوق في هذا القطاع بلغ نحو 3.8 مليارات دولار عام 2021، متوقعة أن تنمو بنسبة تزيد عن 10 في المئة هذه السنة أيضاً.
وقال المحلل في الجمعية ريتشارد كوالسكي إن من يشترون هذه التجهيزات “يريدون التواصل مع أشخاص آخرين عبر الإنترنت” لأن الرياضة تعتمد على المنافسة والتحدي.
وتتيح الشركة المصنعة لآلات “هايدرو” المتصلة الخاصة بالتمارين على حركات التجذيف لزبائنها التعليق على الحصص التدريبية للمشتركين الآخرين، كذلك تشكلت مجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي لتصبح بمثابة قاعات رياضية افتراضية.
وقال أكيل عبدالله الذي يتولى إدارة حصص تدريبية عبر نظام الشركة “تبدأ في التحدث إلى شخص آخر، وفجأة تجد نفسك مع مجموعة من ستة أشخاص من كل أنحاء العالم ، واحد منهم في لندن مثلاً، وآخر في كاليفورنيا، وآخرون في مدن ودول أخرى وتصبحون معا كمجتمع واحد”.
ويبدو الجهاز الذي يبلغ سعره 2295 دولارا وكأنه آلة عادية لحركات التجذيف في قاعة النادي الرياضي، لكنه يحتوي أيضاً على شاشة تُظهر مدربين يجذفون فعلاً على الماء في ميامي أو لندن.
وقال عبدالله الذي كان في عداد فريق التجذيف الأميركي في أولمبياد 2004 “من خلال هذه التدريبة يؤسس الشخص مجتمعاً افتراضياً وعلاقات جديدة”.
لكنّ هذا القطاع لا يخلو من صعوبات منها القرصنة والتجسس كما هول الحال في الأجهزة المنزلية المتصلة بالإنترنت.
فشركة “بيلوتون” المصنعة للدراجات المنزلية وأجهزة الركض الفاخرة التي شهدت مبيعاتها طفرة كبيرة خلال فترات الحجر المنزلي، وكانت واحدة من أكبر المستفيدين من الجائحة، تعاني تراجعاً لأسهمها في البورصة منذ أن خفضت توقعاتها في نوفمبر الماضي بفعل عودة بعض زبائنها إلى الأندية الرياضية.
وخفض مصرف “كريدي سويس” تقييمه للشركة معتبرا أنها يجب أن توفر المزيد من الحسوم وتعزز إنفاقها على التسويق لكي تتمكن من مواصلة النمو.
إلا أن عدد مرتادي قاعات الأندية الرياضية انخفض مجدداً وربما تغلق هذه القاعات نهائيا مع تفشي متحوّر أوميكرون. فالمستهلكون المهتمون بصحتهم “يجدون أن ممارسة الرياضة في المنزل أمر عملي، حتى عند إعادة فتح القاعات الرياضية” بحسب جمعية “كونسيومر تكنولوجي”.
ويحتاج عشاق الرياضة إلى ممارستها للحدّ من تأثير التوتر الذي تسببه لهم الجائحة في العمل والمدرسة وخلال السفر.
وقال نيدهام من “لايت بوكسر” إن “الوباء أجبر الناس على أن يلزموا منازلهم”. لكنه شدد على أن “جسم الإنسان يحتاج في الواقع إلى نشاط للقلب والأوعية الدموية (…) وليس عليه سوى أن يجد طريقة محفزة (…) لتحرير كل طاقته”.