اسأل عنّي أبي

رئيس الريال بيريز لم ييأس يوما من رؤية نيمار بزي فريقه، وبما أن موسم فريقه انتهى فاشلا، فلا بد من وضع خطط وضخ أموال أكبر من أجل دفع أبرز النجوم للحاق بالقلعة البيضاء.
الأحد 2019/05/26
مستقبله عند أبيه

لن أقضي الليل وحيدا، لن أسير على الدرب شريدا، فهناك من يؤنسني ويحرسني، هناك من يحرص على نصحي ويرشدني، ثم يسعى إلى مساعدتي على اختيار الطريق الأسلم والأنسب.

ربما كان هكذا يردد لسان البرازيلي نيمار دا سيلفا طيلة الفترة الماضية، فهذا اللاعب يطلب النصح دائما من عند أبيه، نيمار لا يتخذ أي قرار مصيري إلا بعد مشورة والده.

فالأب هو من يخطط ويدرس العروض ويبرمج كل خطوات ابنه، بل أحيانا هو من يفاوض الأندية ويناقش العروض.

دعنا نعود إلى البداية كي نفهم ربما سرّ هذه العلاقة المتينة التي تربط بين نيمار جونيور والأب.

فقبل سنوات ليست بالبعيدة صعد نجم هذا الفتى الموهوب في سماء الكرة البرازيلية، لقد تألق كأفضل ما يكون مع نادي سانتوس، كانت قدمه تنطلق إبداعا وسحرا.

صيته بلغ مداه أوروبا، فتهافتت عليه كل الأندية القوية هناك، لقد رغب ريال مدريد بشدة في ضمه إلى صفوفه، لطالما حلم فلورنتينو بيريز رئيس النادي المدريدي في التعاقد مع هذا النجم المتألق.

لكن أتدرون ما حصل في تلك الفترة؟، لقد غيّر الوالد مسار ومصير نيمار، لقد نصحه بأن يتوجه حصرا إلى معسكر “العدو”، نقصد طبعا “عدو” الريال أي برشلونة. فالفريق الكتالوني الطامح بدوره إلى ضم نيمار كان من وجهة نظر الأب يوفر ضمانات كروية أكبر كي ينجح نيمار في تجربته الأوروبية الأولى.

لم يعص نيمار والده، لقد انتبه لكل كلامه وامتثل لنصائحه، فوافق على العرض البرشلوني، وانتقل سنة 2013 إلى الفريق الذي يضم أشهر لاعب على الإطلاق خلال الزمن الراهن أي الأرجنتيني ميسي.

لم يندم نيمار على اتخاذ هذه الخطوة، بل كان مزهوا خلال مواسمه الأولى باللعب مع برشلونة، كان سعيدا بمجاورة ميسي وكذلك سواريز.

لقد شكّل ثالوثا رهيبا مع هذين اللاعبين، فساعد فريقه سنة 2015 على التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، وساهم أيضا بقسط وافر في تتويجاته العديدة محليا.

لكن فجأة بدأ كل شيء يتغير، فنيمار لم يعد هو نفسه ذلك اللاعب المتحمس والملهوف باللعب بجوار ميسي، لقد تغيرت الأمور رأسا على عقب، هكذا فجأة ودون سابق إنذار. وكان خيار الرحيل آخر قرار.

أتدرون ما حصل سنة 2017، هي فقط كلمات بسيطة لكنها مؤثرة قالها الوالد لابنه، لقد نصحه بضرورة البحث عن أفق آخر، عن تحد جديد، عن مكان يكون فيه هو فقط النجم الأوحد، بعيدا تماما عن ظل ميسي.

فجاء العرض الباريسي، جاء محملا بالكثير من الأموال والإغراء، جاء لينقله إلى وضعية النجم الثاني إلى اللاعب الأغلى في العالم.

لقد كان باريس سان جرمان مستعدا لدفع مبلغ يقارب 220 مليون أورو، هو مبلغ كفيل كي يسيل لعاب الأب والابن معا، فلم يتردد نيمار ووالده كثيرا لقبول العرض.

وسارت الأمور وفق مخططات الوالد الذي كان على دراية بكل التحركات التي يجريها وكيل أعمال ابنه.

بدأت رحلة نيمار في مدينة الأنوار، كان يمني النفس بأن يحصد النجاح الوفير الذي يضاهي ما حققه على المستوى المالي، لكن الأمور يبدو أنها لم تسر على أفضل ما يرام.

فالتألق الأوروبي لم يتحقق رغم مرور موسمين، والأكثر من ذلك أن نيمار وجد في طريقه مفاجأة لم يتوقعها والده بالمرة، فهناك في باريس سطع نجم آخر خطف كل الأضواء من نيمار.

لقد برز ذلك الفتى الفرنسي الذهبي كيليان مبابي الذي بات معبود جماهير الفريق الباريسي مستغلا في ذلك الإصابات الحادة التي تعرض نيمار على امتداد الموسمين.

في هكذا موقف ماذا يمكن أن يفعل الوالد؟، كيف له أن يتصرف وماذا يخطط؟

ربما الحل قد يأتي مجددا من إسبانيا، أتتذكرون حلم بيريز القديم، فهو لا يزال على قيد الحياة، فرئيس الريال لم ييأس أبدا من رؤية نيمار بزي فريقه، وبما أن موسم الريال انتهى فاشلا، فلا بد من إعادة وضع خطط جديدة وضخ أموال أكبر من أجل دفع أبرز النجوم للحاق بالقلعة البيضاء.

في هذا الخضم كان والد نيمار يترصد الفرصة، وفعلا بدأ يخطط ويبرمج لتثبيت الخطوة الثالثة لابنه، في هذا السياق تؤكد وسائل الإعلام الإسبانية أن الأب تحوّل عدة مرات إلى مدريد، والتقى ببريز.

لقد استمع مليا إلى العرض المغري، وإذا كتب لهذه الصفقة أن ترى النور فإن من يقف خلفها هو الوالد حتما.

لكن هل أن نيمار يعد حالة استثناء في سوق النجوم المتلألئة عالميا؟ هل هو اللاعب الوحيد الذي عندما يتم سؤاله عن وجهته ومستقبله يكتفي بقول أسألوا عنّي أبي؟

طبعا لا، فما ينطبق على نيمار هو في الأصل نسخة كربونية قد تنسحب على عدد كبير من اللاعبين.

أغلب اللاعبين النجوم لا يضعون وفق المثل “خيطا في إبرة” قبل طلب النصح والمشورة من بعض أفراد العائلة.

من بينهم ميسي هذا النجم الذي يقال إنه يدين لوالده بكل الولاء، خاصة وأنه نصحه منذ الصغر وحثه على الانضمام إلى أكاديمية برشلونة، ومكوثه طيلة هذه الفترة مع فريقه هو في الأصل امتثال تام لنصيحة الأب الذي اعتبر برشلونة بيته الوحيد.

ربما صدق البعض في القول “من شابه أباه فما ظلم”، ونحن نقول من اتبع هوى أباه فما ندم.

23