اتهامات وانتقادات متواصلة.. أزمة التحكيم الإسباني مع الريال إلى أين

مدريد - منذ انطلاق الموسم الحالي، واجه ريال مدريد سلسلة من القرارات التحكيمية المثيرة للجدل في الدوري الإسباني، ما أدى إلى تصاعد التوتر بين النادي الملكي، والحكام ورابطة الليغا. تراكمت الأخطاء التحكيمية ضد الفريق في عدة مباريات، وسط انتقادات حادة من إدارة النادي والجهاز الفني واللاعبين، بالإضافة إلى قناة ريال مدريد الرسمية، التي شنت هجوما واسعا على الأداء التحكيمي.
وزاد الطين بلة خلال مباراة ريال مدريد وأوساسونا، حيث تعرض الإنجليزي جود بيلينغهام للطرد في الدقيقة الـ39، بعد مشادة كلامية مع الحكم خوسيه لويس مونويرا مونتيرو. فأثناء استعداد ريال مدريد لتنفيذ ركلة مرمى، دخل بيلينغهام في نقاش مع مونتيرو، وبعد تبادل الكلمات، أشهر الحكم البطاقة الحمراء مباشرة في وجه اللاعب. وبعد المباراة، أوضح كارلو أنشيلوتي، مدرب ريال مدريد، أن الطرد جاء نتيجة “سوء فهم لغوي”. وأشار إلى أن بيلينغهام قال للحكم عبارة باللغة الإنجليزية تُترجم إلى “اغرب عن وجهي”، وهي تعبير شائع في الإنجليزية ولا يُعتبر إهانة، لكن الحكم فسرها بشكل خاطئ على أنها إساءة شخصية. وأكد أنشيلوتي أن بيلينغهام لم يقصد إهانة الحكم، وأنه تجب مراعاة الفروق الثقافية واللغوية في مثل هذه المواقف.
منذ بداية شهر فبراير الحالي، خاض ريال مدريد 3 مباريات في الليغا ضد إسبانيول، أتلتيكو مدريد وأوساسونا، شهدت حالات تحكيمية جدلية ضد الميرنغي. البداية مع مباراة إسبانيول، في الدقيقة الـ60 من المباراة، فحينها تعرض كيليان مبابي لتدخل عنيف من المدافع كارلوس روميرو، حيث بدا واضحا أن اللاعب ضرب الفرنسي في الكاحل دون نية لعب الكرة.
ورغم خطورة التدخل، قرر الحكم منح بطاقة صفراء فقط، ما أثار غضب لاعبي ريال مدريد والجهاز الفني بقيادة كارلو أنشيلوتي، الذي احتج بشدة على القرار. قناة ريال مدريد الرسمية وصفت القرار بالفضيحة، معتبرة أن أي لاعب آخر في الفريق، لو قام بنفس التدخل “لتم طرده دون تردد”. وأكدت القناة أن “مثل هذه الأخطاء تضر بنزاهة المنافسة” وتؤثر على فرص الفريق في تحقيق لقب الليغا. وعقب المباراة، قدم ريال مدريد شكوى رسمية إلى الاتحاد الإسباني لكرة القدم، مؤكدا أن “الحكم لم يحم اللاعبين من التدخلات العنيفة.”
في تطور آخر، أفادت تقارير صحفية إسبانية بأن حكام الليغا هددوا بالدخول في إضراب احتجاجا على التشكيك المستمر في نزاهتهم
وفي ديربي مدريد، ومع تقدم الريال في النتيجة بهدف نظيف، احتسب الحكم ركلة جزاء لصالح أتلتيكو مدريد، في لعبة مشتركة بين أوريلين تشواميني وصامويل لينو داخل منطقة الجزاء. وتدخل حكم تقنية الفيديو (الفار)، لكنه لم يطلب من الحكم الرئيسي مراجعة اللقطة، ما أثار تساؤلات غزيرة. القناة الرسمية لريال مدريد، عقب المباراة شنت هجوما حادا على التحكيم، مؤكدة أن “الاحتكاك لم يكن كافيا لاحتساب ركلة جزاء”، وأن القرار “جاء تحت ضغط لاعبي أتلتيكو”. كما انتقدت القناة عدم مراجعة الحكم للقطة عبر شاشة الفار، وهو الأمر الذي جعل ريال مدريد يشعر بأنه يتعرض لـ”مؤامرة تحكيمية مستمرة”. وقال أنشيلوتي، في تصريحات صحفية عقب المباراة، “حكم الفيديو المساعد احتسب ركلة الجزاء، وكان الحكم قريبا جدا وشاهد ما حدث بوضوح شديد، لكن قراره غير مفهوم لمتابعي كرة القدم.” وأكد أن فريقه تعرض لعدة “قرارات تحكيمية مشكوك فيها” هذا الموسم.
لعبت قناة ريال مدريد الرسمية دورا بارزا في تسليط الضوء على ما يعتبره النادي “أخطاء تحكيمية متكررة”. وبثت القناة تحليلات مفصلة للقرارات المثيرة للجدل، معتبرة أنها “تلاعب واضح” يؤثر على نزاهة المنافسة. ويهدف هذا التوجه الإعلامي من قبل ريال مدريد، وفقا لتقارير سابقة، إلى “زيادة الوعي الجماهيري والضغط على الهيئات المعنية لإجراء تحقيقات وإصلاحات في نظام التحكيم”.
من جانبه، انتقد خافيير تيباس، رئيس رابطة الدوري الإسباني، تصرفات ريال مدريد بشدة. وفي تصريحات إعلامية، وصف تيباس النادي بأنه “فقد صوابه”، معتبرا أن الشكوى الرسمية التي قدمها ريال مدريد تهدف إلى “الإضرار بالمسابقة” وبناء “سردية الضحية” بشكل مبالغ فيه. وأشار تيباس إلى أن النادي يسعى لـ”تشويه سمعة الدوري الإسباني، والتأثير على صورة المسابقة.” كما أشار إلى أن الرابطة تدرس “اتخاذ إجراءات قانونية ضد ريال مدريد وإدارته، بسبب هذه الاتهامات.” أما على صعيد الأندية الأخرى، فقد أعربت بعض الفرق عن استيائها من تصرفات ريال مدريد.
في تطور آخر، أفادت تقارير صحفية إسبانية بأن حكام الليغا هددوا بالدخول في إضراب، احتجاجا على “التشكيك المستمر في نزاهتهم” من قبل ريال مدريد. وهذا التهديد يعكس التوتر المتصاعد بين النادي والهيئات التحكيمية، وقد يؤدي إلى أزمة غير مسبوقة في تاريخ البطولة، إذا تم تنفيذه. تجدر الإشارة إلى أن هذه الأزمة تأتي في وقت حساس بالنسبة لريال مدريد، حيث يسعى النادي للحفاظ على صدارة الدوري وسط منافسة شرسة.
وختاما، يبقى السؤال الذي ستتضح إجابته فيما تبقى من الموسم “هل ستؤدي هذه التوترات إلى إصلاحات جذرية في نظام التحكيم الإسباني أم ستستمر الخلافات في التأثير على مسار البطولة؟”