إيمري وفياريال ضيفان ثقيلان في المربع الذهبي لأبطال أوروبا

مدريد - ترقبت قارة أوروبا بحماس شديد تأهل نادي ريال مدريد الإسباني إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، ولكن مع شغف أقل تجاه مواطنه فياريال المتواضع بقيادة مدربه الساحر أوناي إيمري الذي حقق معجزة إقصاء بايرن ميونخ الألماني من ربع النهائي ليصبح الضيف الثقيل في المسابقة الأم.
ضَمَن النادي الملكي حامل الرقم القياسي في عدد الألقاب في المسابقة القارية (13) مقعدا في المربع الذهبي للمرة الـ31 في تاريخه، بعد سيناريو حابس للأنفاس انتهى بتجريد تشيلسي الإنجليزي من لقبه رغم خسارة الريال على ملعبه "سانتياغو برنابيو" إيابا 2 - 3، بعدما فاز 3 - 1 ذهابا.
غير أن القارة العجوز لم تتوقع أن تستقبل فريق الغواصات الصفراء الذي اضطر إلى شق طريقه من ملعب أليانز أرينا في ميونخ وأمام 70 ألف متفرج بفرضه التعادل على عملاق بافاريا 1 - 1 في الدقيقة 88 بفضل البديل النيجيري سامويل تشوكويزي (فاز فياريال ذهابا 1 - 0)، ليجد نفسه على مائدة الأربعة الكبار في أوروبا للمرة الثانية في تاريخه بعد عام.
مسار ملهم
ألهم مسار فياريال، القادم من مدينة صغيرة الحجم تقع على الساحل الشرقي لإسبانيا، الصحافيين الرياضيين؛ فقبل عملاق بافاريا أوقف الفريق الإسباني مسيرة السيدة العجوز يوفنتوس الإيطالي في عقر داره بفوزه عليه 3 – 0 إيابا بعدما تعادلا 1 – 1 ذهابا. "مدينة لا يزيد عدد سكانها عن 50 ألف نسمة، مع نادٍ مملوك لعائلة من رواد الأعمال، أصحاب ميركادونا (سلسلة سوبر ماركت)، حجز مقعده بين أفضل أربعة أندية في أوروبا، وقدّم أداء تاريخيا بإقصائه أحد أبرز المرشحين للفوز باللقب، هذا ما كتبه مدير صحيفة موندو ديبورتيفو سانتي نولا.
هذا التأهل اندرج في خانة إضفاء المزيد من الاحترام لفياريال، ومثّل أيضا نقطة تحول مهمة في مسيرة مدربه إيمري
صورة نمطية يريد أوناي إيمري تبديدها؟ يأتي الجواب سريعا على هذا السؤال "لم نكن هناك ليقال عنا بأننا لطفاء وودودون.. لسنا قرية صغيرة مثل قرية أستريكس وأوبيليكس، لا، لا! لدينا مشروع قوي ومستقر جدا، مع عائلة رويغ.. لم يكن هدفنا عكس صورة جيدة عنا، بل التأهل".
واستهان يوليان ناغلسمان مدرب بايرن بمنافسه العنيد عقب سحب قرعة ربع النهائي، ما دفع لاعب وسط فياريال الدولي داني باريخو إلى انتقاده قائلا "عندما سُحبت القرعة، حصلوا على فياريال. لم يحترم مدربهم الذي لا أعرفه، ليس فقط فياريال ولكن أيضا كرة القدم بقوله إنه يريد حسم المواجهة في مباراة الذهاب".
وأضاف بكلمات جارحة "كان الأمر غير محترم". ويبدو أن ناغلسمان لم يتعلم من درس التعادل ذهابا، إذ صرّح عشية المواجهة المنتظرة قبل السقوط التاريخي “لقد ارتكبنا الكثير من الأخطاء في مباراة الذهاب. لقد ارتكبوا خطأ: تركونا نعيش. وعلينا أن نعاقبهم على ذلك”.
نقطة تحول
يندرج هذا التأهل في خانة إضفاء المزيد من الاحترام لفياريال، ويمثل أيضا "نقطة تحول" مهمة في مسيرة مدربه إيمري؛ فبعدما سقط مرتين في ثمن النهائي أثناء إشرافه على باريس سان جرمان الفرنسي عقب الـ"ريمونتادا" الأسطورية لبرشلونة الإسباني على ملعبه “كامب نو” بفوزه 6 – 1 إيابا بعد خسارته برباعية نظيفة ذهابا، ثم أمام ريال، المنافس اللدود للنادي الكتالوني في العام التالي، يتجه المدرب الإسباني غير المحبوب في العاصمة الفرنسية، والذي أقيل من منصبه عام 2018، إلى حفر اسمه إلى جانب أعظم المدربين في القارة العجوز.
وبالنسبة إلى فريق “الغواصات الصفراء”، الفائز بمسابقة الدوري الأوروبي “يوروبا ليغ” العام الماضي بركلات الترجيح 11 – 10 على حساب مانشستر يونايتد الإنجليزي (تعادلا 1 – 1 في الوقتين الأصلي والإضافي) تشبه المغامرة الحالية ما عاشه في موسم 2005 – 2006.
وفي ذلك العام وصل فياريال إلى نصف نهائي المسابقة القارية الأم في مشاركته الأولى في تاريخه، بقيادة الثنائي المهاجم الأوروغوياني دييغو فورلان ومايسترو خط الوسط الأرجنتيني خوان رومان ريكيلمي الذي أهدر ركلة جزاء في الدقيقة الأخيرة من مباراة الإياب أمام أرسنال الإنجليزي.
وبعد 16 عاما تبدّلت أسماء الأبطال في رواية الفوز دون أن تتبدّل العادات، فحاليا يملك فياريال في صفوفه أسماء مثل النيجيري - الهولندي أرنو دانغوما وجيرار مورينو والأرجنتيني جيوفاني لو سيلسو وراوول ألبيول.
وفي حين تجتاح "الحمّى الصفراء" مدرجات ملعب "لا سيراميكا" والقارة، يصفق كوكب الكرة المستديرة برمته ويقف مندهشا ومستسلما أمام مغامرات “عقلة الإصبع” الذي كان ارتدى الذهب وجاء ليحدث تغييرا جذريا في التسلسل الهرمي للقارة، إذ يرغب في تمديد حلمه في نصف النهائي لبلوغ المباراة النهائية.