إيلون ماسك يهدد الأرزاق عبر منصة تويتر

بعد مضي أكثر من شهر على استحواذ إيلون ماسك على تويتر مازال الغموض يحيط بمستقبل المنصة الاجتماعية، وبينما يؤكد ماسك أن الاستخدام "بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق"، يشعر أصحاب الأعمال الذين يعملون لحسابهم الخاص والشركات الصغيرة التي تستخدم تويتر كمنصة تسويق بالقلق على أعمالهم ويستعدون للأسوأ.
كيم هاريسبرغ وآدم سميث
أسست أبي أوي وول نشاطا تجاريا ازدهر عبر الإنترنت. وهي تبيع الأوسمة والملصقات والمجوهرات من خلال الترويج لما تعرضه على تويتر من منزلها في كندا أثناء الوباء. وتخشى الآن أن يتخلى متابعوها البالغ عددهم 25 ألفا عن المنصة بسبب التغييرات العديدة التي أدخلها إيلون ماسك منذ أن تولى إدارة شركة التواصل الاجتماعي.
وكان الملياردير ماسك قد أتم صفقة الاستحواذ على تويتر مقابل 44 مليار دولار في أكتوبر، وفصل إثر ذلك نصف موظفي المنصة، بمن في ذلك مهندسين ومتخصصين في الأخلاقيات. كما قرر إطلاق الاشتراك المدفوع بخاصية “العلامة الزرقاء” لتوثيق حسابات، وطرح فكرة الدفع مقابل مشاهدة محتوى الفيديو.
ويشعر الأشخاص الذين يعملون لحسابهم الخاص والشركات الصغيرة التي تستخدم تويتر كمنصة تسويق بالقلق من أن تعطل الاضطرابات في المنصة أعمالهم.
وقالت أوي وول البالغة من العمر 32 عاما والتي بدأت العمل أثناء انتظار معونات الإعاقة في منزلها في كالغاري خلال جائحة كوفيد - 19 "لا يعرف أصحاب الأعمال ما يمكن توقعه". وتابعت عبر مكالمة فيديو مع تومسون رويترز إن "هناك شيئا ما يحدث كل يوم، يبدو أن الموقع ينهار".
وتعد المنصة التي تضم 238 مليون مستخدم نشط يوميا وسيلة إعلانية رئيسية للمؤسسات من جميع الأحجام حيث وجد استطلاع معهد التسويق بالمحتوى في 2021 أن حوالي 82 في المئة من الشركات العالمية التي شملها الاستجواب تستخدم تويتر.
ولا توجد تقديرات أو بيانات متسقة حتى الآن توضح ما إذا كانت أعداد المستخدمين قد انخفضت منذ أن تولى ماسك زمام الأمور. وقد غرّد في وقت سابق من هذا الأسبوع أن الاستخدام “بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق”.
قواعد تعسفية
وقال تشارلز إيسيدي وهو مستشار لعشرات من الشركات الأفريقية الناشئة، في حال التقطت خوارزميات تويتر إعلانا عن شركة صغيرة، سيمكنها ذلك من تعزيز ظهورها دون كلفة إضافية لإطلاق موقع الويب أو تشغيل فريق تسويق. واستطرد "لكن، إذا كانت الشركة ستنفق المال على الإعلانات، فإن تويتر بحاجة إلى تقديم دراسة تجارية قوية تقنع المهتمين بأنهم سيجنون ما يستحق الدفع له في المقابل بينما يشعرون بأمان أكبر على المنصة".
ولم يردّ متحدث باسم تويتر على الفور على طلب للتعليق. بالنسبة إلى البريطانية كونتيسة دايموند التي تدير شركة للمرافقة (إيسكورت) يعتبر موقع تويتر حيويا، فهو من الشبكات الاجتماعية الرئيسية التي لا تحظر المحتوى الموجّه للبالغين، على الرغم من أنها واجهت قيودا. وقالت إن أكثر من 34 ألف شخص زاروا موقعها على الويب خلال الشهر الماضي، وجاءت الغالبية العظمى من تويتر.
قالت دايموند البالغة من العمر 34 عاما إن المحتوى الذي تنتجه غالبا ما يواجه “المنع المظلل” على المنصة، مما يعني أن حسابها على تويتر لا يظهر في عمليات البحث. وبينما أكد ماسك خططا لرفع القيود عن بعض الحسابات التي تم تقييدها في ظل قيادته، إن لم يكن كلها، إلا أنه ليس من الواضح متى سيحدث ذلك.
◙ 44 مليار دولار دفعها ماسك للاستحواذ على تويتر طارحا فكرة الدفع مقابل مشاهدة المحتوى
كما وعد ماسك بتطوير تويتر ليصبح مكانا أفضل لمنشئي المحتوى، حيث يقترح مقاطع فيديو طويلة محمية بنظام الدفع توفر قدرا أكبر من الأرباح لمنشئي المحتوى مقارنة بمنصة يوتيوب، إضافة إلى ميزة الإكراميات الموجودة في النظام الأساسي أو "المتابعة الخارقة" (سوبر فولو).
لكن دايموند لم تكن مقتنعة. وقالت "سنحتاج إلى معجزة كي لا نضطر إلى مغادرة المنصة. فنحن نواجه مثل قواعد تعسفية عندما يتعلق الأمر بشروط الخدمة". واعتبرت أنه حتى لو كانت القواعد أكثر وضوحا، فإن الأعضاء الرئيسيين في فريق الأمن والهندسة في تويتر الذين تركوا الشركة أثاروا شكوكا حول مدى أمانها. وهي لا تريد المخاطرة بتعريض موظفيها للخطر إن حدث تسريب في البيانات.
تشعر الجماعات الحقوقية بالقلق من الارتفاع المحتمل لخطاب الكراهية، مع خسارة الفريق المتخصص في الحقوق والأخلاقيات، ومع التقارير التي تؤكد حدوث تخفيضات كبيرة في المقار الإقليمية بما في ذلك في آسيا وأفريقيا.
وقال ماسك إن "التزام تويتر القوي بمراقبة المحتوى لم يتغير على الإطلاق"، لكن أصحاب الأعمال يخشون من أن المنصة قد لا تكون موقعا آمنا أو مرغوبا فيه للمبيعات. وقال ديفي تسوبو عامل النظافة الذي تحول إلى خباز، والذي انطلق نشاطه التجاري عبر الإنترنت في جوهانسبرغ خلال فترة الإغلاق الوبائي "لا أشعر بالأمان على تويتر هذه الأيام".
حياة أو موت
أضاف تسوبو، الذي قال إن خطاب الكراهية تجاه الرعايا الأجانب في جنوب أفريقيا جعل تجربة دخوله المنصة غير مريحة حتى قبل أن يطرد ماسك المتخصصين في الأخلاق “أشعر في كل مرة أقرر فيها تسجيل الدخول أنني أدخل إلى غابة”.
وقال إنه يفضل الاستمرار في البيع على منصات أخرى مثل فيسبوك وواتساب وإنستغرام، مضيفا أن التطبيق المحتمل للاشتراك بكلفة 8 دولارات سيكون بمثابة ضربة كبيرة للشركات الصغيرة.
وأصبح موقع تويتر شريان حياة لإدغارد نتامفوتسا في رواندا، حيث نجحت أعماله الصغيرة في مجال النجارة في اجتذاب مئات من الطلبات منذ أن نشر صورة لحامل كمبيوتر محمول مصنوع يدويا صممه لزوجته أثناء الإغلاق.
وقال الرجل البالغ من العمر 32 عاما "لقد لاقى الأمر رواجا"، مؤكدا أنه سيتمسك بالموقع في حال استعاد نشاطه المعهود مرة أخرى، رغم أن مستقبل المنصة غير مؤكد، ورغم انخفاض المبيعات مؤخرا.
وقال ماسك هذا الأسبوع إنه يأمل في استكمال إعادة الهيكلة التنظيمية والعثور في النهاية على رئيس تنفيذي جديد لإدارة الشركة. لكن أوي وول التي تعتمد على متابعيها على تويتر في موسم العطلات عندما تحدث معظم المبيعات، تخشى من أن الشركات الصغيرة لأصحاب المشاريع المهمشين (مثل المستخدمين من ذوي الاحتياجات الخاصة) ستعاني أكثر من غيرها من إصلاحات ماسك لتويتر.
وقالت "هذه مسألة حياة أو موت لكثير من الناس. نأكل وندفع فواتيرنا بفضل أعمالنا على المنصة. ينبغي ألا يكون قرار التغيير متروكا لملياردير مزاجي لا يراعي مصالح المتضررين في المجتمع".