إنجاز المغرب نقطة مشرفة في مسارات متباينة للعرب في المونديال

صحوة تونسية وبداية رائعة للسعودية وخيبة قطرية وأمرابط كنو والعيدوني.. نجوم عرب تركوا بصمتهم.
الثلاثاء 2022/12/20
تشريف تاريخي

تباينت نتائج المنتخبات العربية في النسخة الـ22 من نهائيات بطولة كأس العالم في قطر بين إنجاز مغربي تاريخي سيبقى راسخا في الأذهان، وفوز تونسي متأخر بعد فوات الأوان، وآخر تاريخي للسعودية لم يكن مجديا لتكرار إنجاز 1994، وخيبة أمل للبلد المضيف.

الدوحة - سطّر المغرب اسمه بأحرف منذ ذهب في النسخة الأولى في الشرق الأوسط والعالم العربي بإنجازات ستبقى خالدة على مدى سنوات عدة إن لم تكن عدّة عقود عندما بلغ الدور نصف النهائي.

من تخطي الدور الأول للمرة الأولى منذ عام 1986 في مجموعة سادسة قوية فرض فيها التعادل السلبي على كرواتيا وصيفة بطلة النسخة الأخيرة، وتغلب على بلجيكا الثالثة 2 - 0 ثم كندا 2 - 1، مرورا بالإطاحة بإسبانيا بطلة عام 2010 من ثمن النهائي بركلات الترجيح، وصولا إلى إقصاء البرتغال ونجومها بقيادة كريستيانو رونالدو 1 - 0 في ربع النهائي، أبلى أسود الأطلس البلاء الحسن أمام أقوى المنتخبات العالمية قبل أن يتوقف حلمهم بخسارة أمام فرنسا حاملة اللقب عام 2018 ووصيفة النسخة الحالية.

حقق المنتخب المغربي بقيادة مدربه الوطني وليد الركراكي ما فشلت منتخبات أفريقية وعربية في تحقيقه منذ النسخة الأولى للعرس العالمي عام 1930، وبات أول من يبلغ دور الأربعة في المونديال وخرج برأس مرفوعة ومركز رابع تاريخي.

وكانت المشاركة السادسة لأسود الأطلس في العرس العالمي ناجحة بكل المقاييس، كانوا أحد ثلاثة منتخبات جمعت سبع نقاط في الدور الأول (مع هولندا وإنجلترا)، وحققوا فوزين متتاليين في المونديال للمرة الأولى في تاريخهم، بل إنهم حققوا ثلاثة انتصارات في نسخة واحدة للمرة الأولى أيضا بعدما اكتفوا بفوزين في خمس مشاركات.

صحوة متأخرة

فوز تاريخي
فوز تاريخي

لفت المغرب ومدربه وليد الركراكي الأنظار بوصفته السحرية “العائلة” والروح الجماعية والحماسية منذ بداية البطولة فساهم ذلك بشكل كبير في تخطيه الدور تلو الآخر، قبل أن يدفع ثمن الإصابات التي ضربت صفوفه في الامتحان قبل الأخير خصوصا قاده رومان سايس وقطب الدفاع الآخر نايف أكرد ونصير مزراوي وعدم جاهزية البدلاء الذين يفتقر أغلبهم إلى دقائق للعب مع أنديتهم.

فوَّت المنتخب التونسي فرصة ذهبية لتحقيق مسعى لطالما راود أنصاره وشعبه، لتكرار ما فعله الجاران المغاربيان المغرب والجزائر وهو بلوغ الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخه.

فرطت تونس في النقاط الثلاث في مستهل مشاركتها السادسة في العرس العالمي عندما سقطت في فخ التعادل السلبي أمام الدنمارك في الجولة الأولى من منافسات المجموعة الرابعة، ثم تلقت هزيمة غير متوقعة أمام أستراليا 0 - 1 في الجولة الثانية، فدخلت الثالثة الأخيرة ومصيرها ليس بيديها.

المنتخب التونسي فوَّت فرصة لتحقيق مسعى لطالما راود أنصاره وشعبه، لتكرار ما فعله الجاران المغرب والجزائر

كانت مطالبة بالفوز على فرنسا حاملة اللقب شرط تعثر أستراليا أمام الدنمارك. نجح نسور قرطاج في الشطر الأول من المعادلة عندما حققوا فوزا تاريخيا على فرنسا 1 - 0، لكن الدنمارك خذلتهم بخسارتها المفاجئة أمام أستراليا. جاءت صحوة تونس متأخرة ودفعت ثمن غياب الفعالية أمام المرمى في المباراتين الأوليين، فتأجل حلم أول منتخب عربي يحقق فوزا في النهائيات.

بدورها فجّرت السعودية أولى مفاجآت البطولة عندما حققت فوزا تاريخيا على الأرجنتين بقلبها الطاولة عليها 2 - 1. وقتها طرحت العديد من علامات الاستفهام حول قدرة الأرجنتين ونجمها ميسي على التتويج باللقب، فيما ارتفعت أسهم السعودية في بلوغ الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخها بعد الأولى عام 1994.

وتابع الأخضر عروضه الرائعة أمام بولندا في الجولة الثانية لكنه خسر بثنائية (أهدر سالم الدورسي ركلة جزاء)، قبل أن تعصف الإصابات بصفوفه في الجولة الثالثة الحاسمة (انسحاب قائد الوسط سلمان الفرج والظهير الأيسر ياسر الشهراني بسبب الإصابة، فيما افتقدت لاعب الوسط عبدالإله المالكي لإيقافه بسبب تراكم الإنذارات)، فخسر أمام المكسيك 1 - 2 وخرج خالي الوفاض، فيما واصلت الأرجنتين طريقها حتى التتويج باللقب.

من ناحية أخرى كان خروج منتخب قطر من دور المجموعات في مونديال 2022 المقام على أرضها أسوأ نتيجة لدولة مضيفة في تاريخ كأس العالم منذ انطلاقها عام 1930.

خسرت قطر افتتاحا أمام الإكوادور بهدفين، ثم السنغال 1 - 3، قبل أن تودع بخُفّي حنين أمام هولندا 0 - 2، ما يعني عدم حصولها على أي نقطة في ثلاث مباريات. وكانت جنوب أفريقيا أول منتخب مضيف يودّع دور المجموعات عام 2010، لكنها أحرزت عامذاك 4 نقاط من تعادلها مع المكسيك وفوزها على فرنسا، لتهدر بفارق بسيط التاهل إلى الدور الثاني.

بصمة النجوم العرب

إنجاز بطولي
إنجاز بطولي

أن تحقق السعودية وتونس انتصارين صاعقين، وأن يحقق المغرب إنجازا تاريخيا، فهذا لم يأتِ من فراغ، بل بفضل نجوم تركوا بصمتهم في نهائيات النسخة الثانية العشرين. ورغم اختلافهم في الكثير من الأمور، لا يمكن لأحد من العرب أن ينكر على سفيان أمرابط دوره الرئيسي في قيادة المغرب إلى الإنجاز التاريخي.

تألقه المستمر، زاد من اهتمام كبار الأندية في القارة العجوز بخدماته أبرزها ليفربول الإنجليزي حسب تقارير صحفية. لعب أمرابط المباراة “الملحمية” في ثمن النهائي ضد إسبانيا “بحقنة مسكنة لآلام في الظهر أبقته مستيقظا حتى الساعة الثالثة صباحا ليلة المباراة”. علق قائلا “لا يمكنني التخلي عن اللاعبين وبلدي”.

لا يختلف اثنان على أن أشرف حكيمي وحكيم زياش هما مركز الثقل في المغرب نظرا إلى مكانتهما الأوروبية، لكن المونديال القطري قدم أيضا نجما مغربيا آخر إلى جانب أمرابط هو عزّالدين أوناحي، هذا “المنتوج المحلي بمؤهلات عالمية” وفق وصف مدربه وليد الركراكي. انهالت الإشادات على أوناحي من كل حدب وصوب، وكان أبرزها من مدرب إسبانيا لويس إنريكي الذي أبدى فريقه السابق برشلونة اهتمامه بالتعاقد مع الواعد المغربي.

كاد حلم محمد كنو بالتواجد في كأس العالم للمرة الثانية أن ينتهي بسبب الصراع عليه من قبل الهلال والنصر.

رغم الإيقاف الذي تعرض له كنو إلا أنه احتفظ بمستواه المعروف عنه، ولم يتأثر بالحالة الجدلية التي رافقته في فترة الصيف، فبدأ مونديال قطر بصاعقة ساهم في صناعتها على حساب ليونيل ميسي ورفاقه في المنتخب الأرجنتيني.

وعند الدور الأول انتهى أيضا مشوار تونس، لكن نسور قرطاج رفضوا توديع قطر من دون نتيجة تاريخية حققوها في الجولة الأخيرة على حساب فرنسا حاملة اللقب.

تضاءلت حظوظ تونس في التأهل منذ الجولة الثانية بخسارتها أمام أستراليا 0 - 1 بعد تعادل افتتاحي واعد أمام الدنمارك 0 - 0، لكنها قدمت لاعبا مقاتلا بشخص عيسى العيدوني الفخور بجذوره الجزائرية وفي الوقت ذاته بانتمائه إلى المنتخب التونسي.

18