إنجاز أسود الأطلس يحفز المغربيات أمام الفرنسيات في المونديال

تتواصل مغامرة منتخب المغرب في بطولة كأس العالم لكرة القدم سيدات 2023، وهذه المرة بمواجهة منتخب فرنسا العنيد على ملعب هندمارش، في إطار دور الـ16 من المونديال. وعلى الرغم من المجموعة الصعبة التي وقع فيها المنتخب المغربي، إلا أن لبؤات الأطلس نجحن في عبورها بالمشاركة الأولى عربيا في مونديال السيدات.
أديليد (أستراليا)- تخطط الفرنسيات لحجز مكان لهنّ في ربع نهائي مونديال السيدات، عندما يواجهن نظيراتهن المغربيات في دور الـ16 اليوم الثلاثاء في أديليد بأستراليا، ضمن مواجهة غير متكافئة لم تكن منتظرة أصلا، لكنها ستكون عاطفية لأكثر من لاعبة. ووسط الأجواء الأسترالية الباردة، إذ من المحتمل أن تنخفض الحرارة إلى أقل من عشر درجات خلال المباراة، سيكون الهواء في ملعب هندمارش دافئا بالذكريات المشتركة.
إنها ذكريات هيرفي رينارد مع منتخب المغرب للرجال الذي قاده بين عامي 2016 و2019، وتلك الخاصة برينالد بيدروس مدرب المغربيات الذي سبق أن أشرف على ست لاعبات فرنسيات خلال الموسمين اللذين قضاهما على رأس ليون (2017 – 2019)، إلى جانب لاعبات من المنتخبين صديقات خارج الملعب واجتمعن في لقاء على الجهة الأخرى من العالم. ولا يمكن إغفال نصف نهائي مونديال قطر 2022 قبل نحو ثمانية أشهر، عندما فازت فرنسا على المغرب 2 – 0، بعدما حقق أسود الأطلس إنجازا تاريخيا أفريقيا وعربيا.
وفي السياق المحفّز للذكريات والخاص جدا حيال هذه المواجهة، يكاد المرء ينسى الأولوية الأهم لهذه المباراة، وهي حجز تذكرة إلى مربع الثمانية للمسابقة، لمواجهة أستراليا المستضيفة أو الدنمارك. وقال رينارد “لدي ذكريات رائعة عن الفترة التي قضيتها في المغرب. لكن دعونا نتحدّث عن كرة القدم. حتى عندما نلعب مع الأصدقاء، فإننا نفعل ذلك للفوز”، رافضا الاستسلام للعاطفة.
موقف المرشّح
يحمل منتخب السيدات الفرنسي، الذي يضمّ في صفوفه ويندي رينارد وأوجيني لو سومر، كل الضغط على كاهله أمام المنتخب الأقل تصنيفا في ثمن الثنائي (المركز 72 بتصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”). على ملعب أديليد الصغير الذي يتّسع لأقل من 14 ألف مشجع، سيكون الإقصاء إهانة وسيدمّر كل الوعود التي قدمها رينارد عقب تعيينه على رأس الـ”بلوز” في أبريل الماضي خلفا لكورين دياكر.
قالت لو سومر التي سجّلت في فوز فرنسا على البرازيل (2 – 1) “نحن مرشحات، ولا نخفي ذلك. نلعب بطموح كبير، لكن هذا الأمر لم يتغيّر لأننا نواجه المغرب. نملك خبرة أكبر بكثير من المغرب، وعلينا الاستفادة من ذلك. موقف المرشّح للفوز لن يفيدنا بشيء”.
على المقلب الآخر نجح منتخب المغرب فعليا في مشواره بالمسابقة، وهي أول نهائيات كأس عالم للسيدات يخوضها في تاريخه، مع إقصاء ألمانيا من المجموعة الثامنة، رغم الصفعة الكبيرة التي وجهها الـ”مانشافت” بالفوز على لبؤات الأطلس افتتاحا بسداسية نظيفة. ومع منتخب يضمّ لاعبات محليات من نادي الجيش الملكي، النادي النسائي الرئيسي في البلاد، ومزدوجات جنسية أُقنعن بفكرة الالتحاق مؤخرا، تعول سيدات المغرب على بطولة مليئة بالمفاجآت.
روابط وعواطف
قال بيدروس، الذي يعرف خصومه “تمام المعرفة” منذ مروره في دكة بدلاء ليون، بحماسة “سنحاول دغدغة هذا الفريق الفرنسي. كأس العالم هذه رائعة، هناك مفاجآت، هذا هو سحر الرياضة عالية المستوى، لا شيء مكتوبا مسبقا”.
وواصل “يصعب التعبير عن المشاعر، لكن الأمور حدثت فجأة في هذه الحالة. سواء كان ذلك بالنسبة إلي أو بالنسبة إلى الجهاز الفني أو بالنسبة إلى اللاعبات. رأينا نوعا من التحرّر الرائع الذي توفّره الرياضة، لا يمكن الاحساس بهذا الشعور في مكان آخر. هذه مباراة خاصة لأنني فرنسي وجهازي الفني أيضا. لكن قلبي مغربي، ونحن نعمل منذ ثلاث سنوات بجهد للوصول إلى هذا الهدف الرائع، ووصلنا هنا مع هذه التشكيلة الرائعة”.
وتابع المدرب الفرنسي “أحبّ حقا هذا البلد، اكتشفته، وأنا في غاية السعادة هناك. لن أشعر أبدا بالندم أو التردّد لإقصاء فرنسا. هذا شيء خاص نعم، لكن بالنسبة إلي هذه مباراة يجب الفوز فيها (…). على الأقل 98 في المئة لا يعتقدون أنه بمقدورنا التأهل (…). فرنسا مرشّحة. أعتقد أنه لا يجب ارتكاب الأخطاء نفسها كما في مباراة ألمانيا. لا يجب أن نكون مقيدين بل نشكّل كتلة صلبة يصعب مناورتها وأن نجعلهم يتشكّكون في أنفسهم. من المهم أن نلعب بطريقة مدمجة، شرسة، أن نبقى منتبهين ونلعب بنجاعة. وبعد ذلك، إذا كانت فرنسا أفضل منا، سنخرج برؤوس مرفوعة”.
رينارد يستعيد ذكرياته عن مونديال 2018 الذي خاضه على رأس تشكيلة المغرب، وهي إحدى مراحل رحلته كمدرب عالمي
وختم “سنلتقي مجددا بلاعبات من نادي ليون درّبتهن سابقا، على غرار ويندي رينارد أو أوجيني لو سومر، ما هو شعورك حيال ذلك؟ لا شكّ في أن القدر يلعب دوره قليلا. عند سحب القرعة كنا طموحين نوعا ما، فكّرنا في ثمن النهائي ورأينا أن مواجهة فرنسا واردة. قلنا لأنفسنا ‘حسنا سيكون هذا طريفا’. بالنسبة إلينا كان خياليا. لم نفكّر في هذا الشيء لفترة، وتقلّص الحديث عنه خصوصا بعد المباراة الأولى (الخسارة ضد ألمانيا 0 – 6). أعرف لاعبات في منتخب فرنسا، أعرف اللواتي درّبتهن والأخريات أيضا. أنا سعيد جدا للقائهن على هذا المستوى، وسأكون في غاية السعادة إذا أقصيناهنّ. سيدخل كل طرف في فقاعته وتركيزه وسنرى لاحقا ماذا سيحصل”.
من ناحية أخرى يستعيد رينارد أيضا ذكرياته عن كأس العالم 2018 التي خاضها على رأس تشكيلة رجال المغرب، وهي إحدى مراحل رحلته كمدرب عالمي يستند إليها في البحث عن نجمة مونديالية أولى للفرنسيات. وعلى غرار مواجهة الديوك وأسود الأطلس في ديسمبر، تأتي هذه المبارزة في كرة القدم النسائية، وهي الثانية تاريخيا بين المنتخبين، في سياق دبلوماسي متوتر حاليا بين الرباط وباريس (مسألة الصحراء المغربية، قضية بيغاسوس، وغيرهما).
وللمواجهة أيضا بعدٌ خاص لمئات الآلاف من مزدوجي الجنسية الذين يعيشون في فرنسا، ما يشي بذروة في المشاهدة رغم فارق التوقيت. وترمز المدافعة الفرنسية سكينة قرشاوي، المولودة في فرنسا لأبوين مغربيين، وحدها إلى هذه البيئة الفريدة. وتقول قرشاوي “نحن نعرف المكانة التي يحتلها المغرب في عائلتنا، تماما مثل فرنسا. ستكون مباراة مليئة بالعواطف”.
اقرأ أيضا: