إطلالة الكاظمي من إيران.. رسائل سياسية لِمن؟

هل تخلّت إيران عن حلفائها التقليديين في بغداد كي تبحث عن وجوه جديدة وأصدقاء جُدد لتحسين علاقاتها مع دول الخليج أو الخارج، فلجأت إلى مصطفى الكاظمي، “رجل الغرب” كما يُسمّيه الإطار التنسيقي للاستفادة منه في تحسين صورتها وبالمقابل تسويقه داخلياً في العراق؟
خبر لم يُثر أيّ اهتمام إعلامي أو حتى سياسي بمكانه وزمانه، لكنه يحمل في طياته الكثير من أسرار ما يحدث من واقع المشهد السياسي في العراق وحتى القادم، زيارة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بمرافقة برهم صالح رئيس الجمهورية إلى إيران وحط الرِحال في فندق أسبيناس بالرغم من مغادرة قصورهما الرئاسية وترك السلطة، إلا أن الأضواء عادت من جديد لِتُسَلّط عليهما ولِتحمل أسئلة من الصعوبة أن تجد إجابات لها سوى في دهاليز السياسة وغُرف القرارات المظلمة.
تعددت الأسباب في توضيح الزيارة التي كان المُعلن منها أنها تأتي كذريعة لتقديم معلومات تخص حادثة اغتيال قاسم سُليماني قرب مطار بغداد عندما كان مصطفى الكاظمي رئيساً لجهاز المخابرات قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، وكان برهم صالح رئيسا للجمهورية وقت الحادث، فيما أشارت مصادر أخرى أن الكاظمي يسعى لإكمال وساطته بين واشنطن وطهران وتتعلق بالملف النووي الإيراني وعلاقات البلدين بشكل عام، على غرار وساطته بين إيران والسعودية وإشرافه على خمس جولات حوار بين الطرفين، إلا أن أبسط مُراقب للمشهد السياسي في العراق لن يفوته أن الكاظمي هو خارج السلطة حالياً فما الجدوى من هذه المباحثات وما الغرض منها لتقودها دبلوماسية رجل خارج منطقة النفوذ.
◙ استقراء أسباب الزيارة يوضح الهدف منها بأخذ الموافقة للضغط على حكومة الإطار التنسيقي إلى غض الطرف وإغلاق ملفات الفساد التي حدثت خلال فترة ولاية الكاظمي
كلما تقترب من فهم واقع النظام السياسي في العراق وترسم صورة واضحة لمشهد السلطة الحاكمة، كلما تزداد ضياعاً في متاهات الفوضى والإرباك والحيرة ليقودك في النهاية إلى سؤال ماذا يحدث في العراق؟
لا زالت الوجوه ذاتها منذ عقدين حتى وإن كانت خارج دائرة السلطة، فقد اعتادت الذهاب والإياب للولوج إلى عالم السياسة المفترض بها.
ربما تكون الحقيقة الغائبة عن العقول أن إيران أدركت أن الوقت حان لتغيير أيديولوجياتها وطرق تعاملها مع الموقف، فالبراغماتية الإيرانية تكون حسب المّد والجَزِر في السياسة خصوصاً مع الضغط الأميركي والشروط التي وضعتها الخزانة الأميركية لمنع تهريب الدولار من العراق.
دعوة الكاظمي لزيارة طهران قد تكون رسالة واضحة موجّهة إلى السوداني ومِن ورائه الإطار التنسيقي خصوصاً بعد قبولهم بالشروط الأميركية المفروضة واحتمالية الوقوف بالضد من الحكومة العراقية فيما لو استمرت بنفس النهج السياسي الذي التزمت به أمام البنك الفيدرالي.
استقراء أسباب الزيارة يوضح الهدف منها بأخذ الموافقة للضغط على حكومة الإطار التنسيقي إلى غض الطرف وإغلاق ملفات الفساد التي حدثت خلال فترة ولاية الكاظمي ليتسنى له العودة إلى ميدان السياسة والتسابق الانتخابي القادم ضمن القوائم الانتخابية التي ستدخل الانتخابات المحلية والبرلمانية المُزمع إجراؤها في العراق، حيث تحمل زيارة وزير الخارجية الإيراني عبداللهيان إلى بغداد هذه الأفكار.
هل كان مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء وبرهم صالح رئيس الجمهورية السابقان مبعوثين من جهة ما؟ وهل لتوقيت الزيارة علاقة مع الشروط الأميركية؟ وهل الجميع أصبح يبحث عن ملاذ آمن من فوضى ما يحدث؟ أسئلة كثيرة وأجوبة شحيحة لكنها بالتأكيد مُترابطة مع بعضها توحي بأن القادم يحمل الكثير من المتغيرات في العراق ومستقبله السياسي وديمومة نظامه الذي بدأ يخشى من ساعة الزلزال الذي يعصف به.