أيوب الكعبي من العتمة إلى كتابة التاريخ على الساحة الأوروبية

واصل اللاعب المغربي أيوب الكعبي هوايته في هز الشباك، بعدما سجل هدفا قاتلا، قاد به فريقه أولمبياكوس اليوناني إلى التتويج بلقب دوري المؤتمر الأوروبي لكرة القدم لأول مرة، عقب فوزه على ضيفه فيورنتينا الإيطالي في المباراة النهائية للمسابقة القارية.
أثينا - لم يكن المهاجم المغربي أيوب الكعبي ليحلم بالوصول إلى ما حققه في أثينا حين تسبب زلزال تركيا في مغادرته فريقه هاتاي سبور للبحث عن بديل كان السد القطري الذي شكل محطة عبوره نحو الانتقال إلى أولمبياكوس اليوناني، حتى أن أولمبياكوس لم يكن في حساباته على الإطلاق حين تعاقد مع المغربي أنه سيحقق ما عجزت عنه جميع الأندية اليونانية مجتمعة، وهو منح البلاد لقبها القاري الأوّل.
لكن هذا الأمر تحقق مساء الأربعاء على الأراضي اليونانية، في العاصمة أثينا بالتحديد، حين تغلب أولمبياكوس على فيورنتينا الإيطالي في نهائي مسابقة “كونفرنس ليغ” بهدف وحيد سجله قبل أربع دقائق على نهاية الشوط الإضافي الثاني.
وكان الكعبي، الذي سيحتفل الشهر المقبل بعيد ميلاده الحادي والثلاثين، بطل هذا الإنجاز بتسجيله برأسية الهدف الوحيد الذي أدخله التاريخ بعدما جعله أول لاعب على الإطلاق يسجل 11 هدفا في الأدوار الإقصائية للمسابقات القارية، متفوقا على كل من النجم البرتغالي الكبير كريستيانو رونالدو (10 في دوري الأبطال عام 2017)، والفرنسي كريم بنزيمة (10 أيضا في دوري الأبطال عام 2022) والكولومبي راداميل فالكاو (10 في يوروبا ليغ عام 2011).
وتقديرا لحجم الإنجاز الذي حققه أولمبياكوس لليونان الأربعاء على أرضها، وصف رئيس وزراء البلاد كيرياكوس ميتسوتاكيس النادي بـ”الأسطورة الحقيقية”، مضيفا في حسابه على موقع إكس “فاز أولمبياكوس بـ’يوروبا كونفرنس ليغ’ وصنع التاريخ! أمسية رائعة للنادي نفسه، لكن أيضا لكرة القدم اليونانية ككل”.
عائلة واحدة
الكعبي بات مطلوبا في أندية عربية وأوروبية نظرا لعروضه المميزة، فضلا عن إمكانية التعاقد معه بصفقة انتقال حر
وبعد النهائي نقل موقع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) عن الكعبي قوله “فزنا به (اللقب) معا جميعا. نشكر جميع أناسنا: نحن جميعنا عائلة واحدة”.
كان الكعبي لاعبا مجهولا إلى حد كبير على الساحة القارية قبل الدور نصف النهائي للمسابقة القارية حين سجل خمسة أهداف في أسبوع واحد ليقصي أستون فيلا الإنجليزي ومدرّبه المتخصص في إحراز الألقاب القارية الإسباني أوناي إيمري.
بالنظر إلى مسيرة الكعبي لم يكن سهلا توقع بروزه على الساحة الأوروبية وفي مواجهة قوية كما حصل ضد أستون فيلا، فبعد أنّ دكّ مرمى الأخير بثلاثية نارية في لقاء الذهاب خارج قواعده في فيلا بارك (4 – 2)، في موسم يقدّم فيه النادي الإنجليزي أفضل عروضه، عاد وسجّل هدفين في مرمى إيميليانو مارتينيز حارس منتخب الأرجنتين الفائز بكأس العالم 2022 التي وللمفارقة غاب عنها الكعبي.
لم يحظَ الكعبي قبل وصوله إلى أولمبياكس بمسيرة مستقرّة، فهو عانى الأمرّين كي يفرض نفسه بطريقة تسمح له بالانضمام إلى ناد أوروبي كبير، رغم سجله التهديفي الرفيع في محطاته السابقة.
وعزّزت الأهداف الخمسة رصيد مشجّع نادي ريال مدريد الإسباني الذي كان يخوض مشاركته الأولى على الساحة القارية الأوروبية.
وبهدفه في النهائي رفع المغربي رصيده إلى 16 في 19 مباراة في أوروبا هذا الموسم (من ضمنها الأدوار التمهيدية وصولا إلى دور المجموعات في الدوري الأوروبي يوروبا ليغ حيث احتل أولمبياكوس المركز الثالث في مجموعته)، ليكون أكثر لاعب يسجّل في مسابقة قارية هذا الموسم.
مسيرة متقلبة
لم يسبق لأي لاعب أفريقي أنّ سجل هذا العدد من الأهداف في موسم واحد ضمن أي من المسابقات القارية الكبرى
لم يسبق لأي لاعب أفريقي أنّ سجل هذا العدد من الأهداف في موسم واحد ضمن أي من المسابقات القارية. وقال المغربي بعد نهاية المواجهة مع أستون فيلا “إنها لحظة كبيرة، لقد تغلبنا على العديد من الصعوبات للوصول إلى هذه المرحلة”.
قبل وصوله إلى أولمبياكوس صيف عام 2023 لعب الكعبي لموسمين مع هاتاي سبور التركي الذي كان فعليا محطته الأولى في أوروبا.
خلال هذه الفترة نجح في تسجيل 26 هدفا في 55 مباراة، إلاّ أنّ موسمه الثاني مع الفريق وصل إلى نهاية مبكرة بعدما انسحب الأخير من الدوري بسبب الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وأدى إلى تدمير مقر النادي.
ولإنقاذ موسمه، انضم الكعبي إلى نادي السد القطري حيث سجّل معه 6 أهداف في 13 مباراة.
وفي الصيف الماضي توصل الكعبي إلى اتفاق مع أولمبياكوس لينضم إليه في صفقة انتقال حرّ وهنا بدأت حكاية التألق، إذ احتل المركز الثاني على لائحة أفضل هدافي الدوري بـ17 هدفا وبفارق ثلاثة عن المتصدر الإسباني لورين مورون (أريس). وهذا ليس أمرا غريبا للاعب كان هدّاف الدوري المغربي في موسم 2020 – 2021 برصيد 18 هدفا.
وبعد قيادته أولمبياكوس إلى الإنجاز التاريخي ليل الأربعاء ارتفعت بالتأكيد أسهم الكعبي على صعيدي الأندية والمنتخب المغربي الذي غاب عن مشاركته التاريخية في مونديال 2022 قبل استدعائه من المدرب وليد الركراكي لخوض منافسات كأس أمم أفريقيا الأخيرة.
القيمة التسويقية لأيوب الكعبي تُقدر بـ3.5 مليون يورو، ولكن من المرجح أن تزداد القيمة التسويقية للدولي المغربي في الفترة القادمة
في المقابل فشل فيورنتينا في التتويج بثاني ألقابه القارية عبر تاريخه، بعدما سبق أن توج بلقب كأس أبطال الكؤوس الأوروبية عام 1961، ليواصل إخفاقه في المباريات النهائية، بعدما كان هذا هو النهائي الخامس الذي يعجز عن الفوز به.
وكان من بين النهائيات التي فشل فيورنتنيا في حسمها لصالحه نهائي كأس الأندية الأوروبية أبطال الدوري (المسمى القديم لدوري أبطال أوروبا) عام 1957، الذي خسره الفريق الإيطالي 1 – 2 أمام ريال مدريد الإسباني.
وتعد هذه هي النسخة الثالثة من دوري المؤتمر، التي انطلقت نسختها الأولى موسم 2021 – 2022، حيث توج فيها روما الإيطالي بأول لقب عقب فوزه على فينورد روتردام الهولندي في المباراة النهائية. وفي الموسم الماضي توج ويستهام يونايتد الإنجليزي بلقب النسخة الثانية، إثر فوزه 2 – 1 على فيورنتينا في النهائي.
وبات أيوب الكعبي مطلوبا في أندية عربية وأوروبية نظرا لعروضه المميزة، فضلا عن إمكانية التعاقد معه بصفقة انتقال حر الصيف القادم، حيث تؤكد التقارير أنه يعيش أيامه الأخيرة بقميص أولمبياكوس.
ولا ينوي أيوب الكعبي البقاء مع أولمبياكوس أو تجديد عقده، فعلى الرغم من محاولات النادي اليوناني العديدة للإبقاء عليه فترة أطول يفضل مهاجم السد القطري السابق خوض تجربة جديدة.
وازداد الحديث عن القيمة التسويقية لأيوب الكعبي مهاجم أولمبياكوس اليوناني، بعد قيادته النادي العريق إلى التتويج بلقب دوري المؤتمر الأوروبي لأول مرة في تاريخه.
ويقترب أيوب الكعبي من الرحيل عن صفوف أولمبياكوس في غضون أيام، خاصّة أن البالغ من العمر 30 عامًا ينتهي تعاقده مع النادي اليوناني في 30 يونيو 2024.
وتُقدر القيمة التسويقية لأيوب الكعبي بـ3.5 مليون يورو، ولكن من المرجح أن تزداد القيمة التسويقية للدولي المغربي في الفترة القادمة بعد قيادته أولمبياكوس إلى التتويج بلقب دوري المؤتمر الأوروبي.
وليست تلك أعلى قيمة تسويقية وصل إليها الكعبي في مسيرته، حيث بلغت القيمة السوقية 5 ملايين يورو في 31 مارس من عام 2022.