أولمبياد باريس: ذهبية رد الاعتبار للجزائرية إيمان خليف

باريس - فازت الجزائرية إيمان خليف على الصينية يانغ ليو لتحصد الميدالية الذهبية في الملاكمة لوزن الوسط (تحت 66 كيلوغراما) في دورة الألعاب الأولمبية في باريس الجمعة مما دفع أتباعها للاحتفال بصخب، في وقت يرى مقربون من خليف أن الميدالية بمثابة رد الاعتبار لها بعد حملة التنمر  الواسعة ضدها.

والميدالية التي حصلت عليها خليف هي الثانية للجزائر بعد ميدالية الجمباز التي حصلت عليها كايليا نمور، في ما حصلت تونس على أولى ميدالياتها بواسطة لاعب التايكوندو فراس القطوسي. وكانت خليف، الحائزة على الميدالية الفضية في بطولة العالم 2022، والملاكمة التايوانية لين يو-تينغ في دائرة الضوء في ألعاب باريس وسط خلاف بشأن هويتهما الجنسية هيمن على عناوين الأخبار.

وفازت إيمان، أول امرأة جزائرية تحرز ميدالية أولمبية في الملاكمة وأول ملاكم أو ملاكمة من بلادها يحصد الذهبية منذ حسين سلطاني في أتلانتا 1996، بإجماع الحكام. وشاركت ملاكمة السيدات لأول مرة في أولمبياد لندن 2012.

وقالت إيمان في المؤتمر الصحفي عقب فوزها “أشكر الله عز وجل والله لأني أحلم بالميدالية الأولمبية منذ ثماني سنوات دون نوم وتدريب مستمر. الآن أنا بطلة أولمبية. سعيدة للغاية". وأضافت “تعلمون العناء والحملة التي تعرضت لها والحمد الله العناء والتعب توج بالذهبية التي أهديها للشعب الجزائري والعربي، خاصة بعد الكم الهائل من الرسائل التي تلقيتها من كل أنحاء العالم وأهديهم هذه الميدالية بعد الحملة الشرسة التي تعرضت لها والتي كان ردي عليها دائما في الحلبة".

وتابعت “الدورة الأولمبية محفل كبير وفيه مستويات مرتفعة من كافة أنحاء العالم لذلك كانت الحرب من كافة الاتجاهات لكنها زادت من عزيمتي وتصميمي على تحقيق الحلم. أتوجه بالشكر لفريقي المعاون خاصة المدرب الكوبي – الأميركي بيدرو دياز". واعتبرت البطلة الجزائرية (25 عاما) أن "هذه الميدالية الذهبية أفضل رد على الحملة الشرسة ضدي".

وفي ردها على الجدل الدائر حولها، قالت إيمان في المؤتمر الصحفي “أنا امرأة مثل أيّ امرأة، ولدت امرأة وعشت امرأة، لكن هناك أعداء للنجاح لا يستطيعون تقبل نجاحي". وقالت الصينية يانغ التي خسرت منها "أنا سعيدة من أجلها (إيمان). أحترم الجميع، سأتعلم منها أيضا (في الملاكمة)". وحصلت كل من التايلاندية تانتام سوانابينغ والتايوانية تشين نين تشين على الميدالية البرونزية.

واستبعدت إيمان والتايوانية لين، بطلة العالم مرتين، من بطولة العالم 2023 التي كان يديرها الاتحاد الدولي للملاكمة بعد أن كشفت اختبارات الكروموسومات الجنسية عن عدم أهليتهما للمشاركة بمنافسات السيدات. وتطبق اللجنة الأولمبية الدولية معايير الأهلية التي تم تطبيقها في نسختي 2016 و2021 من الأولمبياد.

وارتفع مستوى الصخب الجماهيري إلى مستويات مرتفعة عندما دخلت إيمان الحلبة مرتدية قميصها الأحمر لخوض المباراة الذهبية في أمسية باريسية خانقة لم يخفف منها سوى الهواء القادم من تلويح الأعلام الجزائرية. وهتفت الجماهير "إيمان، إيمان، إيمان!" فور دخول البطلة الجزائرية الحلبة، في ما تعرضت يانج لصيحات استهجان عند دخولها.

ونجحت إيمان في وضع منافستها تحت السيطرة بفضل لكماتها المباشرة وهيمنت على وسط الحلبة وسددت لكمة مبكرة بيسراها ثم أخرى بيدها اليمنى لتسيطر على المباراة تماما. وأثيرت موجة جدل على نطاق واسع حول مشاركة إيمان والتايوانية لين في الأولمبياد، بعد انسحاب ملاكمة إيطالية من مواجهة في دور الستة عشر أمام إيمان خلال أقل من دقيقة واحدة إثر تلقي سلسلة من اللكمات القوية.

وتدير اللجنة الأولمبية الدولية منافسات الملاكمة في أولمبياد باريس، بعد أن جردت اللجنة الاتحاد الدولي للملاكمة من أهليته كهيئة عالمية حاكمة للعبة العام الماضي بسبب قضايا تتعلق بالحوكمة والتمويل وتولت مسؤولية إدارة منافسات الملاكمة في باريس.

إيمان خليف، القادمة من إحدى بلدات محافظة تيارت بالغرب الجزائري تعترف بأن طريقها لم يكن سهلا لبلوغ هذه المكانة العالمية، فهي تنحدر من عائلة متواضعة، حيث عانت في طفولتها مظاهر الفقر والتهميش، ولما اختارت رياضة الفن النبيل وقف في وجهها المجتمع الذكوري المحلي لأنه لا يقبل رؤية ابنته تصارع فوق الحلبة ورؤية يديها الناعمتين ترتديان قفازين خشنين.

ومع ذلك رفعت التحدي وتدرجت في رياضتها محليا ووطنيا وإقليميا، إلى أن صارت تنازل في الحلبات والمنافسات العالمية، قبل أن تصدم بقرار الإبعاد عام 2023 من طرف الاتحاد الدولي للملاكمة في الدور النهائي، بدعوى أن التحاليل الطبية أثبتت ارتفاع منسوب هرمون الذكورة لديها، لكنها لم تستسلم وواصلت مشوارها في الطريق إلى الأولمبياد، لأنها تدرك أن النصوص الناظمة في الهيئتين ليست نفسها وتسمح لها بإثبات نفسها وتحقيق التتويج.

ورفضت اللجنة الأولمبية الدولية نتائج اختبارات تحديد الجنس التي أمر بها الاتحاد الدولي للملاكمة باعتبارها تعسفية وغير شرعية، قائلة إنه لا يوجد سبب لإجرائها، وهو الموقف الذي دعمته منظمة هيومان رايتس ووتش الجمعة.

وأحرز التونسي فراس القطوسي الميدالية الذهبية في منافسات تحت 80 كيلوغراما للرجال في التايكوندو في دورة الألعاب الأولمبية في باريس الجمعة. وتغلب القطوسي 2 – صفر على الإيراني ميهران بارخورداري في المباراة النهائية وذلك بعد تفوقه 4 – 2 في الجولة الأولى ثم 5 – 1 في الثانية.

وحصل كل من الإيطالي سيموني أليسيو والدنماركي إيدي هرنيك على الميدالية البرونزية. وتغلب القطوسي 2 – صفر أيضا على الأميركي نيكولاس سي.جيه في مباراة قبل النهائي. وقال القطوسي في مقابلة مع شبكة (بي.إن.سبورتس) عقب فوزه بالذهبية “إن شاء الله أكون قد أسعدت الشعب التونسي كله. حرمت من الميدالية في طوكيو لكن الحمد لله تحقق الحلم اليوم وتعبي لم يضع وكذلك تعب كل من وقف إلى جواري وساندني".

وأضاف "النزال أمام الأميركي سي.جيه وكذلك المباراة النهائية كانت حذرة أكثر والتركيز حسم الفوز. مسيرتي الصعبة تستحق العناء لأن الفوز بالميدالية الذهبية ليس سهلا وكل المنافسين أقوياء. وقد حافظت على تركيزي". وتابع "أتوجه بالشكر للجميع، عائلتي وأصدقائي وأهديهم هذه الميدالية الذهبية الغالية".

وقال محمد الغنام رئيس الاتحاد التونسي للتايكوندو “الحمد لله تعبنا كثيرا. هذه الميداليات ليست نتيجة عمل عام أو عامين بل بدأنا منذ نهاية طوكيو. حصلنا على المركز الأول في العديد من البطولات وكانت لدينا رغبة في حصد الميداليات في الأولمبياد. أتمنى أن نكون قد أسعدنا الشعب التونسي الذي ساندنا كثيرا".

وسبق للتونسي محمد خليل الجندوبي التتويج بالميدالية البرونزية في وزن 58 كيلوغراما للرجال ضمن منافسات التايكوندو أيضا يوم الأربعاء الماضي. وكان فارس فرجاني قد حصد لتونس فضية السيف العربي للرجال ليمنح العرب أول ميدالية في الأولمبياد الحالي.