أوروبيون يُعلّمون مصريين طهي الكشري في قرية تونس

ربما يعتبر تعليم المصريين فنون طبخ بلادهم على يد طهاة أوروبيين مفارقة، لكن إذا اعتبرنا أن الطهي فن فحتما لا يتقنه الكثيرون، ثم إن الدروس الأوروبية قد تساهم في تعديل طعام المصريين ليواكب مذاقه مختلف الأذواق.
القاهرة ـ صوت السكين وهي تقطع بمهارة حبات خضروات في يد طاهٍ بملامح أوروبية، ربما تعتقد معه أنك تتجه نحو مطبخ في فندق مصري ذي تصنيف 5 نجوم.
لكن حين تتوغل أكثر، تكتشف أنها مدرسة ومطعم يديره طاهٍ سويسري، هو ماركوس جيه أيتن، في قرية تونس وسط البلاد.
ويُعدّ الشيف السويسري ماركوس من أقدم الطهاة حيث يشغل مهنة الطبخ منذ 42 سنة، ويقيم في مصر منذ 27 عاما وذلك لعشقه للشمس التي قلما قابلها في أوروبا.
وأشار ماركوس إلى أنه عمل بالعديد من الدول حتى أصبح كبير الطهاة إلى أن استقر به الحال في مصر حيث تعرف على زوجته مريم ووجد في قرية تونس بيئة مناسبة لإقامة مشروعه وهو مدرسة تعليم الطهي وإعداد طهاة مهرة قادرين على المنافسة في سوق العمل.
وعن مدرسة تعليم فنون الطبخ، أكد ماركوس أنه يختار تلاميذه بعناية، حيث يحب أن يصافح تلميذه بيد قوية، ثم تكون بينهما لغة تواصل بالعين ويكون قويا ويتحمل، لأن مهنة الشيف صعبة وتحتاج قوة تحمل.
وعن رأيه في الطعام المصري قال الشيف ماركوس إنه لا يحب فكرة احتواء كل الأكل المصري على الثوم، لافتا إلى أنه عمل فى مطعم كشري شهير وقام بطهي 24 ألف كيلو طعام في 24 ساعة.
ولا تغيب أضواء الإعلام والسياح عن هذه القرية في محافظة الفيوم، رغم وفاة مصدرها الملهم الفنانة السويسرية الأصل إيفلين بوريه في يونيو الماضي.
وتمكنت إيفلين من تحويل القرية الريفية إلى قبلة سياحية لا ينقطع زوارها على مدار العام، عبر تعليم أهلها صناعة الخزف والفخار وتسويق منتجاتهم محليا ودوليا.
أيتن المؤسس والرئيس الفخري لجمعية الطهاة المصريين (غير حكومية أُسست عام 1997) يبدو أنه على طريق مواطنته الراحلة إيفلين.
فهو الآخر افتتح مطعما ومدرسة لتعليم الطهي في القرية المصرية منذ نحو 3 سنوات، استنادا إلى خبرته التي تجاوزت 27 عاما في فنادق بمصر، وأكثر من 4 عقود في دول أخرى بأنحاء العالم.
وتؤازر أيتن زوجته مريام فان آيسل، وهي طاهية هولندية، فهما يكملان بعضهما البعض في رحلة تعليم الطهي وتقديم أطباق، بعضها مصرية المذاق، في مطعم يطل على بحيرة “قارون” السياحية.
وداخل مدرسة الطهي ومطعم أيتن ومريام يبدو أن هناك تناغما بين خبرة الطاهي الأوروبي وتلاميذه المصريين، فهم يتابعون بتركيز شرحه النظري على لوحة تعليمية ويدونون معلومات في دفاترهم، بجانب دروس عملية على طاولة مليئة بأطعمة ولحوم وأدوات مطبخ حديثة.
وتلفت مريام الأنظار وهي تشرف وتقدم مأكولات مختلفة لضيوف المطعم، بالتنسيق مع زوجها وطهاة مصريين.
محمد إبراهيم (26 عاما) أحد من يتعلمون في مدرسة الطهي، قال إنه انضم للمدرسة مع افتتاحها قبل 3 سنوات، ثم التحق بالعمل في المطعم.
ولدى أيتن، وفق صفحة مطعمه ومدرسته بفيسبوك، طموح لتكوين جيل من الطهاة ذوي الخبرة، بعدما قرر قبل 3 سنوات أن يستقر في قرية تونس.
ورغم ثقافته الأوروبية، إلا أن المذاق المصري لم يغب عن مدرسته ولا مطعمه، الذي يقدم أيضا مأكولات مطابخ أخرى من أنحاء العالم، ولا تنقطع عنه عادة أسماك بحيرة “وادي الريان” الشهيرة الطازجة.
ويحب أيتن، المستقر في مصر منذ 1994، الكشري والفول والطعمية، وهي مأكولات تفضلها أيضا زوجته بالإضافة إلى البامية وحساء الدجاج والعدس وسلطة الحمص وبابا غنوج، إذ تعتبر المطبخ المصري غنيا بالنكهات.
وفي يوليو الماضي نشرت السفارة السويسرية في مصر، عبر منصاتها، مقطعا مصورا عن “التأثير السويسري لتنمية المجتمع في مصر”، انطلاقا من قرية تونس.
وسلّط المقطع المصور الضوء على زيارة السفير السويسري بول جارنييه للقرية، لاسيما مدرسة ومطعم أيتن، داعيا الراغبين إلى الانضمام للمدرسة والمطعم لتعلم فنون الطهي وتناول أشهى المأكولات.