أنواع الرياضة وشدتها تتكيف مع تقدم أشهر الحمل

التمارين الرياضيّة الخفيفة لا تؤثّر في الجنين بل تُساعد على منح الطّاقة والقوة للمرأة الحامل وتزوّدها باللياقة البدنيّة للحصول على جسم متوازن وحملٍ سليم.
الأحد 2018/10/28
الحمل ليس مبررا للانقطاع عن ممارسة الرياضة

بمجرد الشعور ببعض التعب والإرهاق وأعراض التقلبات الهرمونية، تتولد لدى الكثير من الحوامل رغبة في النوم والخمول والتوقف عن ممارسة الرياضة أو أي نشاط يرين فيه إجهادا أو عبئا يزيدهن ضغطا وتوترا. لكن الأطباء أثبتوا أن الرياضة ضرورية طوال فترة الحمل لمساعدة الحامل على تحمل الوزن الزائد وسرعة التخلص منه، بعد الولادة.

لندن - لا تقتصر أهمية الرياضة على فترة الحمل حتى تحافظ الحامل على لياقتها وصحتها، بل يرى مدربو اللياقة أنه على من ترغب في الإنجاب أن تعوّد جسمها على التدريبات المتدرجة بين الخفيفة والشديدة، قبل اكتشاف الحمل، حتى لا تشعر بالإجهاد سريعا نتيجة قلّة الحركة والنشاط.

 فقد نشرت المجلة البريطانية “بريتش جورنال أو سبورتس ميديسين” دراسة عن النساء اللاتي يعانين من ألم في منطقة الحوض، أثناء فترة الحمل، والذي يرتبط بشكل كبير بالإصابة بحالات الاكتئاب، أفادت بأنه يمكن تخفيف هذا الألم عن طريق القيام ببعض التمارين الرياضية قبل فترة الحمل.

 وبينت الدراسة أن ممارسة النشاطات الرياضية قبل الحمل -مثل الركض الخفيف والتمارين الهوائية من ثلاث إلى خمس مرات في الأسبوع على الأقل- تقلل من آلام الحوض التي تصيب النساء طوال فترة الحمل. وتوصل الباحثون إلى أن النساء اللاتي يعانين من السمنة أكثر عرضة لآلام الحوض ويظل الألم يلاحقهن حتى بعد الولادة بسنة كاملة.

تم إجراء الدراسة على 39 ألف سيدة من المتوقع أن يحصلن على طفلهن الأول وطُلب منهن ملء استمارات استبيان في شهرهن السابع عن نشاطهن البدني قبل الحمل، مع إخضاع النساء المشاركات في الدراسة لفحص بالأمواج فوق الصوتية وتم وضع مقياس لممارسة الرياضة من ثلاث إلى ست مرات أسبوعيًا قبل الحمل بثلاثة أشهر.

وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج المثيرة، حيث وجد الباحثون أن النساء اللاتي مارسن التمارين الرياضية قبل الحمل بثلاثة أشهر، قلت آلام الحوض لديهن بنسبة 56 بالمئة، أما اللاتي استمرين في ممارسة التمارين الرياضية أثناء الحمل حتى الولادة فقد تلاشت لديهن آلام الحوض بنسبة 90 بالمئة، في حين تعرضت اللاتي لم يقمن بأي نشاط بدني قبل الحمل وأثناءه للولادات المتعسرة، بالإضافة إلى التعب والإجهاد وألم بالحوض طوال فترة الحمل.

وعند اكتشاف الحمل وتقدمه شيئا فشيئا، تتغير شدة التمارين الرياضية ومدتها حتى تتلاءم مع الوضع العام لصحة الحامل وقدرتها على تحمل التدريبات. فالتمارين الرياضيّة في الأشهر الأولى من الحمل تشكّل تحديّا كبيرا للحامل، بسبب التغيّرات الهرمونيّة التي تمرّ بها والتّعرض للغثيان المفاجئ والتّعب والإرهاق.

مدربو اللياقة يوصون بضرورة الحرص على المشي حوالي 30 دقيقة في اليوم، بمعدل خمس مرات في الأسبوع

ومع ذلك، أكّدت الدّراسات أنّ التمارين الرياضيّة الخفيفة والتي تركّز على تقوية العضلات وجعلها أكثر مرونة لا تؤثّر في الجنين، بل على العكس  تُساعد على منح الطّاقة والقوة للمرأة الحامل وتزوّدها باللياقة البدنيّة التي تحتاج إليها للحصول على جسم متوازن وحملٍ سليم. إن التمارين الرياضيّة في الفترة الأولى تركّز على صحّة الجسم بشكلٍ عام وقضاء فترة حمل خالية من المشكلات.

يوضح الأطباء أن الركض السّريع والمتعب ليس جيداً على الإطلاق، ولكن المشي على نمطٍ معيّن وبسرعاتٍ مختلفة لمدّة نصف ساعة يعد تمرينا مثاليا، ويوصون بضرورة التوقف عند الشعور بالتعب أو الإحساس بصعوبة في التنفس أو الشعور بالدوار، ويجب أخذ قسط من الراحة بين كل تمرينٍ وآخر.

يمكن تقسيم حصة التمرين إلى قسمين، تدوم مدة كل قسمٍ خمس عشرة دقيقة، تتخلّلها فترة راحة لمدّة خمس دقائق، ثم ضبط الجهاز على أخف سرعة لمدّة خمس دقائق، وزيادة السرعة بمقدار درجة واحدة كلّ خمس دقائق حتّى الدقيقة الخامسة عشرة، بعد ذلك يفضل أخذ قسط من الراحة لمدّة خمس دقائق، وإعادة التمرين السّابق لمدّة خمس عشرة دقيقة أُخرى.

وكانت دراسة بريطانية سابقة قد نفت بشكل قاطع ما تردد من أن ممارسة الركض الخفيف، خلال الحمل، تؤدي إلى الولادة المبكرة أو نقص وزن المولود.

وذكرت صحيفة “ديلي ميل”، نقلا عن جامعة “كينجس كوليدج”، أن صحة الرضع لا تتأثر بعدد المرات التي مارست فيها الأم رياضة الركض أو المسافة التي قطعتها طوال فترة الحمل.

وأكدت الدراسة أنه يمكن للأم الاستمرار في ممارسة التمارين الرياضية أثناء الحمل، بل يجب تشجيعها على ذلك لضمان الفوائد الصحية لها ولطفلها. وأوضح الباحثون أن التمارين الرياضية المنتظمة أثناء الحمل تساعد في الحد من عروق الدوالي وتورم الكاحلين ومشاعر التوتر والقلق والاكتئاب.

وأكدت الدراسة أن ممارسة الحامل لرياضة الركض خلال فترة الحمل آمنة تماماً في معظم الحالات. وأشارت النتائج أيضا إلى أن العداءات الحوامل كن أكثر احتمالا لعملية الولادة. عند بلوغ الحمل شهره الخامس، يسمح بممارسة السباحة واليوغا مع التركيز على تمارين الاسترخاء والتنفس، لأنها مفيدة جداً في مراحل الحمل والمخاض.

كما يمكن للحامل في الشهر الخامس البدء بالهرولة بشكل يومي لربع ساعة على الأقل، مع الزيادة على هذه المدّة بشكل تدريجيّ للوصول إلى نصف ساعة يوميًّا، حيث يساعد هذا الأمر في تنشيط عضلة القلب وتحسين تدفق الدم، مع ضرورة تجنّب الحوامل المهددات بالإجهاض أو صاحبات الحمل الضعيف ممارسة الهرولة نهائيّا إلّا باستشارة الطبيب المختص. وتساعد السباحة على تدريب كافة العضلات وتقويتها، بما فيها عضلات الأرداف والحوض التي تلعب دوراً مهماً أثناء الولادة.

تمارين الأشهر الأخيرة تساعد على الولادة
تمارين الأشهر الأخيرة تساعد على الولادة

وتمنح السباحة الشعور بالاسترخاء والمتعة بسبب الإحساس بانعدام الوزن والثقل المتزايد مع التقدم في أشهر الحمل، بالإضافة إلى أهميتها في تنشيط الرئتين وتقوية المفاصل وتخفيف آلامها.

وتساعد تمارين اليوغا على زيادة ليونة العضلات والمحافظة على تماسكها.

وتزيد تمارين البيلاتس مرونة الجسم والقدرة على التحكم في انقباضات عضلات البطن عند الوضع. وفي حال كانت الحامل متعودة على ممارسة رياضة حمل الأوزان قبل الحمل، من الأفضل أن تعمل على تخفيف تلك الأوزان، مع إرجاع إحدى القدمين إلى الخلف لتخفيف الضغط على الظهر.

 أما تمارين الإطالة فتكرارها 10 مرات يوميا يمكن أن يساعد في تخفيف آلام الظهر. وتمارس عبر وضع اليدين والركبتين على الأرض ثم المباعدة بين الكتفين حتى يكونا على مستوى الكتفين، مع جعل الورك على نفس مستوى الظهر وترك مسافة بين الرجلين. ويتم وضع وسادة على الأرض تحت البطن والنزول ببطء للجلوس على القدمين، لعدة ثوان.

بعد ذلك، على الحامل رفع إحدى الرجلين إلى الأعلى مع رفع اليد المعاكسة إن أمكن، بحيث يتم رفع الرجل اليمنى مع اليد اليسرى والعكس، والبقاء على تلك الوضعية لبضع ثوان ثم تبديل الرجلين واليدين.

 ثم يتم الوقوف بجانب الحائط حيث يكون الظهر مستقيمًا والمباعدة بين القدمين حيث تكونان على مستوى الكتفين، وإمالة الحوض قليلاً ثم إعادته إلى وضعه الطبيعي، وإرجاع الظهر للخلف إلى أن يلتصق بالحائط، والبقاء كذلك لعدة ثوان.

في الشهر السّادس من الحمل، يُصبح حجم البطن بارزاً، ويُمكن للأُم الشعور بركلاتِ جنينها بكل سهولة، ولكن تترافق مع هذه المرحلة بعض الآلام أهمها تشنّجات الأرجل، وقد تشعر السّيدة بوخزٍ أو تنميلٍ في اليدين والقدمين، ولكن هذا لا يمنعها من القيام ببعض التّمارين الخفيفة، شرط أن يتمّ ذلك بعد استشارة الطّبيب المتابع لحملها.

يشدد المدربون على ألا تمارس الحامل في الشهر السادس رياضة شاقة ويوصون بضرورة التدرب بشكلٍ تدريجي، خاصةً إن كانت لا تُمارس الرّياضة قبل الحمل.

خلال هذه الفترة، يمكن للحامل السباحة والمشي وركوب الدرّاجات، وهي رياضات مفيدة للقدمين بشكلٍ خاص. ومن بين التمارين البسيطة التي يمكنها القيام بها يوميا، الاستلقاء على الظهر مع رفع القدمين، وكذلك الاستلقاء على الجنب الأيمن أو الأيسر وتمرين القرفصاء، حيث تمسك السيدة بكرسي أو حافة السرير وتقف وتجلس، وتمرين مد اليدين علىالحائط مع التحرك بشكل بطيء نحو الحائط بالارتكاز على اليدين، إذ يُقلل هذا التمرين من آلام الظهر ويقوي عضلات الحوض والفخذين.

النشاط والحيوية يجعلان الحمل أكثر راحة ويسرعان استعادة المرأة لعافيتها بعد الولادة ويقللان خطر إصابة الرضيع بزيادة في الوزن

يعتبر الشهر السابع من الحمل من الأشهر الأخيرة الشاقة بعض الشيء وتعاني الحامل فيه من تشنجات في عضلات القدم؛ لزيادة حجم الرحم الذي يضغط على أوردة وأعصاب القدم، ويسبب اختلالاً في عمل عظم العانة الذي يسبب آلامًا وقت صعود الدرج.

ويظل المشي من أفضل التمارين الرياضية وأكثرها سلامة للنساء الحوامل وأحد التمارين المهمة لصحة القلب والأوعية الدموية. ويجب الحرص على المشي حوالي 30 دقيقة في اليوم، بمعدل خمس مرات في الأسبوع.

يزداد وزن المرأة بشكلٍ ملحوظٍ أثناء الشهر الثامن، الأمر الذي يُشعرها بصعوبة في الحركة، ولتفادي التعرض للإصابة يمكنها أن تكتفي ببعض التمارين البسيطة التي لا تتطلب جهدا شاقا، مثل تمرين ثني الفخذ: الوقوف بشكلٍ مستقيمٍ والاستعانة بكرسيّ مع تركيز البصر نحو الأمام، والتقدم خطوةً نحو الأمام مع الضغط على الرجل الأخرى وثني الفخذ، والعودة إلى نقطة البداية من جديد، والتبديل بين الرجلين على التوالي.

تمرين الهبوط والنهوض: وضع كرة كبيرة على الحائط وتثبيتها بالظهر أثناء الوقوف، بشكلٍ مستقيمٍ، والمباعدة بين الرجلين قليلاً، والنزول بالجذع نحو الأسفل ثمّ العودة نحو الأعلى مجدداً بهدوء، مع تثبيت القدمين على الأرض جيداً والحفاظ على وضعية الكرة.

كما يعمل تمرين القرفصاء على زيادة حجم الحوض وتسهيل الولادة، دون اللجوء إلى الجراحة، كونه يعمل على توسيع مخرج الولادة. وتُنصح الحامل بالالتزام بحركة القرفصاء خلال الحمل والولادة، فجلسة القرفصاء مناسبة جداً لها خلال الولادة، وبإمكان الزوج تقديم المساعدة في هذه الوضعية، حيث يقوم بإمساكها من منطقة الإبط.

ولا تعود فوائد ممارسة الرياضة بشكل منتظم، طوال فترة الحمل، على الحامل فحسب بل تشمل الجنين أيضا. فقد خلص باحثو جامعة “مونتريال” إلى أن ممارسة الحامل للرياضة مدة 20 دقيقة متواصلة وثلاث مرات في الأسبوع تحفز دماغ الجنين على النمو.

وتعد هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تجرى على البشر بعد أن أظهرت الدراسات على الحيوانات نتائج مماثلة، وهو ما أعلن عنه في مؤتمر علوم الأعصاب 2013 في “سان دييغو”.

ويعتقد الباحثون أن على الأطباء المختصين في طب النساء والتوليد أن يتوقفوا عن نصح السيدة الحامل بالراحة، إذ أن الأبحاث الجديدة تظهر أن فوائد الرياضة تشمل صحة المرأة وجنينها أكثر بكثير مما كان متوقعاً.

ويعدد دانييل كورنيير، أحد القائمين على الدراسة، هذه الفوائد بقوله “بينما يؤدي الكسل إلى زيادة خطر الإصابة بالمضاعفات خلال الحمل، فإن النشاط والحيوية يجعلان الحمل أكثر راحة ويسرّعان استعادة المرأة لعافيتها بعد الولادة، كما أنهما يقللان من خطر إصابة الطفل بالبدانة”.

19