أمستردام تضيق ذرعا بضيوفها الحشاشين

الحكومة الهولندية بدأت في رفع معظم قيود الإغلاق وفتحت الباب أمام السياحة الجماعية في واحدة من أكثر مدن العالم زيارة.
السبت 2021/07/10
القنب يغيب جمال أمستردام

أمستردام - تكسب الفنانة والمرشدة السياحية لوك سبيغت عيشها من خلال تقديم جولات لبعض الملايين من الزوار الأجانب الذين يتدفقون على العاصمة الهولندية أمستردام كل عام بحثا عن الثقافة والحشيش والإثارة.

لكن لديها مخاوف بشأن عودتهم بعد أن بدأت الحكومة الهولندية في رفع معظم قيود الإغلاق في أبريل، وفتحت الباب أمام السياحة الجماعية مرة أخرى في واحدة من أكثر مدن العالم زيارة.

وقالت المرأة البالغة من العمر 53 عاما “تكمن المشاكل في المجموعات التي لا يمكن السيطرة عليها من البريطانيين الذين يشربون الكحول، والسائحين من ذوي الميزانية المنخفضة الذين يلقون كل نفاياتهم في الشوارع، نريد أنواعا أخرى من السياح”.

ومع خروج أمستردام من قيود الوباء الشديدة، فإنها تواجه معضلة كيفية إحياء السياحة التي تدعم ما يقرب من عُشر اقتصاد المدينة مع التأكد من أنها لا تكون على حساب السكان.

وتتطلع المدينة إلى التخلص بشكل عاجل من صورة “كل شيء مباح” استنادا إلى تسامحها مع القنب والعمل الجنسي في حي الأضواء الحمراء الشهير والتركيز على جذب الزوار الذين يفضلون الانغماس في عروضها الثقافية والتاريخية.

مجلس مدينة أمستردام يطلق حملة تركز على الطعام والمتاحف والطبيعة لجذب السياح ذوي التوجهات الثقافية

وقال كو كوينز أستاذ السياحة الحضرية الجديدة في جامعة إنهولاند للعلوم التطبيقية “إن أمستردام في وضع محظوظ حيث يمكنها حقا استغلال الوباء لتجربة بعض الأشياء الجديدة”.

وعلى عكس بعض المناطق الأخرى، فإن المدينة بها مجموعة واسعة من الصناعات، مما يعني أنها تستطيع الحد من السياحة الضارة، على حد قول كوينز الذي أضاف “هذا هو الوقت المناسب للتجربة”.

ويتمركز حوالي 11 في المئة من القوى العاملة في أمستردام في قطاع السياحة، ويتطلع الكثيرون إلى أن يتمكنوا من العودة إلى وظائفهم بعد 15 شهرا من الإغلاق المتكرر.

وقال قبطان القناة الفاخرة جوست بارندسن “إنه شعور رائع. أخيرا، بعد فترة طويلة عدت إلى الماء. إنه شغفي”.

وكان الآخرون الذين يعيشون في وسط مدينة أمستردام أقل سعادة، قالت مارليس وييرجانج (61 عاما) إنها تخشى عودة السياح المشاغبين إلى منطقة نيوماركت وسط المناظر الخلابة، موطن عدد متزايد من إيجارات العطلات.

واستقبلت أمستردام حوالي 20 مليون زائر أجنبي في 2019، ويستضيف مركزها عادة خمسة سياح مقابل كل مقيم دائم، وفقا لإحصاءات حكومية.

ويقول السكان إن المدينة ضحية لنجاحها، حيث يجلب هؤلاء الزوار القمامة والضوضاء بالإضافة إلى الإيجارات المرتفعة بسبب الطفرة في إيجارات العطلات التي أدت إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة إلى العديد من السكان المحليين.

وفي يونيو أطلق مجلس المدينة في أمستردام حملة دعاية بقيمة 100 ألف يورو تركز على الطعام والمتاحف والطبيعة لجذب السياح ذوي التوجهات الثقافية على أولئك الذين يأتون لحفلات الخمور أو المخدرات.

وقال نائب عمدة أمستردام فيكتور إيفرهارد “إذا كان السائحون يريدون فقط تدخين الحشيش وشرب الكثير من الكحول وزيارة منطقة الأضواء الحمراء، فنرجو ألا يأتوا”.

وحتى قبل الوباء، كانت السلطات تعمل على معالجة سلوك الزوار المعادي للمجتمع وجعل المدينة أكثر راحة للمقيمين الدائمين.

وفي السنوات الأخيرة، حظرت البلدية الفنادق الجديدة ومحلات بيع التذكارات، وحظرت الإيجارات للسياح في مناطق معينة.

كما تقدمت عمدة أمستردام فيمكي هالسيما بمقترحات لمنع السائحين من شراء الحشيش ونقل منطقة الأضواء الحمراء من وسط المدينة إلى “مركز جنسي” جديد في الضواحي.

وأثارت التغييرات انتقادات من بعض الأوساط، مثل العاملين في الجنس في اتحاد ريد لايت يونايتد، الذين حذروا من أن الخطط ستجعلهم أكثر عرضة للاتجار بالبشر.

وقال بربر هيدما، وهو مرشد سياحي يبلغ من العمر 34 عاما، “سيظل السائحون المخمورون هنا دائما. لقد كانوا هنا بالفعل في القرن السابع عشر عندما كان البحارة يسكرون في نفس الحانات، إنه جزء من حياة أمستردام”.

ولقيت هذه الخطط ترحيبا من السكان، قال ويليم بوس، وهو مستشار تكنولوجيا المعلومات، إن منزله في وسط أمستردام يقع على بعد دقيقتين من 10 مقاه الحشيش لكنه ليس قريبا من جزار أو مخبزة.

وتابع “كمقيمين، علينا دائما التكيف لاستيعاب السياح. يجب أن يكون هناك توازن أفضل”.

وتتخذ الشركات إجراءات لتشجيع المزيد من السياحة الإيجابية، وتقدم للزوار فرصا لاستكشاف أمستردام من خلال مواضيع مختلفة.

كما تأخذ المبادرات السياح إلى مواقع خارج المدينة، كمنطقة بيجلميرمير، الفقيرة.

 وقال كوينز أستاذ السياحة “إذا كنت تريد أن يتصرف الناس مثل الضيوف، فأنت بحاجة إلى معاملتهم كضيوف وليس سلعا. ويجب أن ننظر إلى القيمة المجتمعية التي يمكن أن تحققها السياحة. هذا هو التغيير الذي نحتاج إلى اتباعه”.

17