أمازون تتجه لاستخدام العملات الرقمية في تعاملاتها

واشنطن – تدرس شركة التجارة الإلكترونية الأميركية العملاقة أمازون السماح للعملاء باستخدام العملات الرقمية في سداد قيمة مشترياتهم، في تطور يعزز حضور العملات الرقمية في الأسواق ويثبت أنها لم تتراجع رغم كل الشكوك المالية والاقتصادية في جدواها، وعلى العكس من ذلك فقد حافظت العملات الرقمية على حضورها في السوق العالمية بقدرتها على الاستحواذ على اهتمام شركات التكنولوجيا العالمية على الرغم من التحديات.
وبمجرد أن تدخل العملات الرقمية في منصة أمازون، أغنى وأكبر إمبراطورية اقتصادية في العالم، فإنها تكون اقتربت من المرحلة الأخيرة من إثبات وجودها في عالم رقمي بامتياز.
ونشرت صفحة التوظيف على موقع شركة أمازون في الأسبوع الماضي إعلانا يطلب موظفين لإدارة العملات الرقمية ومنتجات تكنولوجيا البيانات التسلسلية.
وكان سعر عملة البيتكوين الرقمية قد ارتفع إلى نحو أربعين ألف دولار للوحدة الواحدة بعد أنباء عن خطوة شركة أمازون التي ارتفع سعر أسهمها في تعاملات الاثنين الماضي ببورصة نيويورك للأوراق المالية بنحو واحد في المئة.
وعزا الخبراء ارتفاع عملة البيتكوين إلى دخول عملاق التجارة الإلكترونية أمازون في قطاع العملات المشفرة.
الخبراء يعزون ارتفاع عملة البيتكوين إلى دخول عملاق التجارة الإلكترونية أمازون في قطاع العملات المشفرة
وأشارت وكالة بلومبرغ للأنباء إلى أن أمازون من الشركات التي تدعم مجموعات كبيرة من المبادرات المتنوعة وهو ما يعني أن المبادرات التي تضمنها الإعلان بشأن العملات الرقمية وتطوير منتجات تكنولوجيا البيانات التسلسلية قد لا تتحول إلى منتجات حقيقية. في الوقت نفسه، فإن الشركة أكدت اهتمامها بالعملات الرقمية المشفرة والرموز الرقمية التي تنتشر بين الشباب المتسوقين المولعين بالتكنولوجيا.
وقالت شركة أمازون في بيان “الابتكار في مجال العملات المشفرة يلهمنا ونحن ندرس كيف سينعكس هذا الابتكار على أمازون. نؤمن بأن المستقبل يدور حول التكنولوجيات الجديدة التي تتيح وسائل دفع أحدث وأسرع وأقل تكلفة ونحن نأمل في أن نوفر لعملاء أمازون هذا المستقبل في أقرب وقت ممكن”.
ويلاحظ الخبراء عودة الشركات إلى قبول العملات الرقمية للدفع، ما زاد شعبية العملة التي ظلت المؤسسات المالية الكبيرة حول العالم ترفض التعامل بها، وبرأي هؤلاء فإن الوقت قد حان لاستعادة العملات الرقمية لحضورها في وقت طالتها انتقادات لدواع بيئية وأخرى بسبب الشكوك في سوق رقمية غير منظمة.
وفي تراجع عن موقفه السابق، قال الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” للسيارات الكهربائية إيلون ماسك في الآونة الأخيرة، إن الشركة ستعيد على الأرجح قبول التعامل ببيتكوين مع تحولها إلى الطاقة المتجددة في التعدين.
وبرأي محللين ستكون عودة أغنى رجل في العالم إلى الاستثمار في البيتكوين عاملا مشجعا للمدراء التنفيذيين ورؤساء الشركات على اقتفاء أثر ماسك، مما يضفي شرعية على العملات الرقمية ويجعلها تنافس العملات التقليدية في المستقبل.
وعلى رغم أن عملة البيتكوين تأثرت بالأزمات الاقتصادية خاصة أعقاب ظهور الوباء إلا أنها نجحت في أن تكون تجارة مزدهرة.
ويرى المحلل الاقتصادي في صحيفة فايننشيال تايمز غاري سيلفرمان أن تجارة البيتكوين وأخواتها قد نمت بشكل كبير لا يمكن تجاهله، ومع ذلك هذا ما حدث، حيث لا توجد بيانات رسمية عامة عن الأسعار أو الحجم أو التقلبات، كما لا توجد سلطة واحدة تنظم عمليات تبادل العملات المشفرة. ولا أحد يستطيع التأكد من أن المستثمرين محميون بالشكل المناسب.
وأشار إلى ما كتبته سابقا إليزابيث وارين السيناتورة الديمقراطية لتسأل عما إذا كانت لجنة الأوراق المالية والبورصات “تتمتع بالسلطة المناسبة لسد الفجوات القائمة في التنظيم التي تجعل المستثمرين والمستهلكين عرضة للمخاطر في هذه السوق شديدة الغموض والتقلب”.
وكانت العملة الافتراضية الأبرز بيتكوين ونظيراتها قد تراجعت في الأشهر الأخيرة مع استمرار الضغوط الدولية تجاه وقف التداول بها، لاسيما من الصين مع إصدار لجنة التنمية والإصلاح بمقاطعة سيتشوان (جنوب غرب) ومكتب الطاقة فيها بيانا مشتركا يطالب بإغلاق ستة وعشرين مشروعا مشتبها لتعدين العملات المشفرة.
وتسير بريطانيا على نفس سياسة الصين في تعاملها مع العملات المشفرة، حيث أصدرت بعض القوانين الجديدة التي تقيد استعمالها.
يضاف إلى ذلك تأثيرات الملياردير إيلون ماسك على العملات الرقمية التي أصبحت تتأثر بنحو لافت بمجرد تغريداته على صفحته الشخصية بموقع تويتر.
وسبق أن أعلن ماسك أن شركته توقفت عن قبول المدفوعات باستخدام عملة البيتكوين المشفرة لأسباب بيئية.
وكتب موضحا “العملة المشفرة فكرة جيدة على العديد من المستويات ونعتقد أن لها مستقبلا واعدا، ولكن هذا لا يمكن أن يأتي بتكلفة كبيرة على البيئة”.
وتتالت الصدمات على العملات الرقمية خصوصا بعد أن أصدر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول تحذيرا حول مخاطر العملات الرقمية، ووضع جدولا زمنيا أوضح لتبني الاحتياطي الفيدرالي لعملته
الرقمية.
وقال باول حسب رسالة فيديو مسجلة إنه يجب الانتباه إلى إطار العمل الإشرافي والتنظيمي للعملات الرقمية.
وتابع “يتضمن هذا التنبيه نظام المدفوعات بالقطاع الخاص، والذي لا يخضع في الوقت الراهن إلى الترتيبات التنظيمية التي تطبق على البنوك وشركات الاستثمار وغيرها من شركات الوساطة المالية”.
وظهرت فكرة العملات الافتراضية ومنها بيتكوين في اليابان نهاية 2008، ولم تحصل على تغطية قيمتها من الذهب أو العملات الأجنبية، وليست لها علاقة بالمصارف المركزية.
وتعتمد هذه العملات على التشفير، حيث تتميز تلك بأنها “عملة لامركزية”، أي لا يتحكم بها غير مستخدميها، ولا تخضع إلى رقيب مثل “حكومة أو مصرف مركزي” مثل بقية العملات الموجودة في العالم.