ألمانيا تبحث عن صفحة جديدة بعد الخروج من المونديال الروسي

المنتخب الألماني يقدم أسوأ أداء له في المونديال منذ نسخة 1938، عندما خرج من الدور الأول ولم يظهر ما يشفع له في البقاء بالبطولة حتى مراحلها الأخيرة.
الجمعة 2018/06/29
أرقام مبعثرة

فولغوغراد (روسيا)- حدث انهيار مؤسف للمنتخب الألماني الأول لكرة القدم في قازان، وذلك بعد أربع سنوات من التتويج بلقب كأس العالم لكرة القدم في ريو دي جانيرو، خاصة وأن حملة الدفاع عن لقبه لم تستمر سوى عشرة أيام حيث استهل مبارياته وأنهاها بالخسارة.

وبين الهزيمتين كان هناك تجدد للأمل وحديث عن عودة الشخصية القتالية الألمانية النموذجية من خلال تسجيل هدف الفوز في الوقت القاتل أمام المنتخب السويدي. احترسوا، ألمانيا، لقد عاد فريق البطولة بامتياز!

ولكن، ليس في هذه المرة. في مكان ما بين حملة التأهل الرائعة بالفوز في المباريات العشر والتتويج بلقب كأس القارات قبل عام، تدهور الوضع.  ربما كان هناك الكثير من السخط البسيط جعل الماكينات الألمانية، واحدا من أفضل الفرق في كرة القدم، لا تعمل.

وسيكون الأمر بعيدا كل البعد عما كان عليه قبل أربع سنوات عندما تمكن اللاعبون من الانضمام لحفل جماهيري كبير أقيم في بوابة براندنبورغ ببرلين، أو بالفعل في آخر نسختين لكأس العالم عندما وصل المنتخب الألماني إلى الدور قبل النهائي، ومرة أخرى لا يشبه ما حدث في 2002 عندما خسر المنتخب الألماني أمام البرازيل في المباراة النهائية.

لم تعتد ألمانيا على هذا، لم تعتد على مشاهدة المنتخبات الأخرى في المباريات الإقصائية بينما يجلس الألمان في منازلهم. لذلك يبدأ الاستجواب بعد الخروج الأول من دور المجموعات بكأس العالم.

محط الأنظار

ملادين كرستاجيتش: بعد سقوط منتخبات كبيرة مثل ألمانيا، أصبحت البرازيل مرشحة للتتويج
ملادين كرستاجيتش: بعد سقوط منتخبات كبيرة مثل ألمانيا، أصبحت البرازيل مرشحة للتتويج

سيكون المدرب يواكيم لوف، الذي مدد تعاقده حتى 2022، محط الأنظار. وبعد أن تولى المسؤولية عقب قصة خيالية صيفية في مونديال 2006 الذي أقيم في ألمانيا، استمتع لوف (58 عاما) بإشادات من النقاد إلى حد كبير.

ولعب فريقه كرة قدم حديثة وهجومية في كأس العالم بجنوب أفريقيا في 2010 مع فريق صغير أغلبه كان من المنتخب الألماني تحت 21 عاما الذي فاز ببطولة أوروبا في 2009. وجاء العديد من اللاعبين إلى الواجهة أمثال توماس مولر وسامي خضيرة ومسعود أوزيل وفيليب لام وتوني كروس والحارس مانويل نوير وآخرون.

كان هذا المنتخب الألماني الجديد، فريق يستحق الإعجاب، واستنسخت الطريقة الألمانية في أماكن أخرى. قبل أربع سنوات في البرازيل، نجح الفريق الذي لديه نضج أكبر في الوفاء بالوعد من خلال التتويج بلقب كأس العالم للمرة الرابعة، حيث سجل ماريو غوتزه، موهبة صغيرة أخرى، هدف الفوز في الوقت الإضافي.

ومنذ ذلك الوقت كانت مهمة لوف هي الإبقاء على لاعبيه في أوج تألقهم، بينما يجلب مواهب جديدة للفريق. مع بداية العام بدا كل شيء يسير في الطريق الصحيح. لم يكن هناك أي سبب حول وجود شكوك بشأن إمكانية الدفاع عن اللقب للمرة الأولى بنجاح.

وكانت التصفيات المؤهلة للمونديال ناجحة للغاية بعد أن حقق الفريق الفوز في عشر مباريات، وأنهى لوف عام 2017 دون هزيمة. ومع ذلك، ربما كانت علامات التراجع موجودة.

بعض اللاعبين لم يقدموا أفضل مواسمهم، كان من بينهم أوزيل ومولر، وافتقدت الكرة الألمانية لوجود مهاجمين وكانت عاجزة عن إيجاد ميروسلاف كلوزه جديد في الأمام. على مستوى الأندية، فشلت الأندية الألمانية في البطولات الأوروبية.

وفشل غوتزه، الذي كان يقاتل المرض والإصابات، من التطور ولم ينضم لقائمة الفريق المشاركة في المونديال. وقضى نوير ما يقرب من الموسم كله مصابا ولم يكن واضحا حتى النهاية ما إذا كان قائد الفريق سيكون جاهزا للمشاركة في المونديال. ولم يتم ضم الشاب ليروي ساني الجناح السريع بفريق مانشستر سيتي بشكل مفاجئ.

وقال لوف “لم نستحق التأهل من المجموعة. أعتقد أن لدينا لاعبين صغار موهوبين وقادرين على التطور. يجب علينا الآن أن نستخلص الاستنتاجات الصحيحة وأن نفعل الأشياء بشكل أفضل في المستقبل”.

ورغم، أو ربما بسبب، نتائج العام الماضي، رجحت المباريات الودية تراجع أداء الفريق. ويبدو أن الشكوك تسللت إلى عقول بعض اللاعبين الذين يكافحون من أجل العودة لمستواهم. وخارج الملعب، كان هناك أيضا تشتيت مثير للجدل بشأن أوزيل وإلكاي غوندوغان، وهما لاعبان من أصول تركية، عقب اجتماعهما الأخير المضلل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ربما كان هناك تواجد طويل لبعض اللاعبين والآن هم في نهاية خاطئة لمسيرتهم الدولية، كان أوزيل وخضيرة وجيروم بواتينغ وماتس هوميلز، جميعهم أعضاء في منتخب ألمانيا تحت 21 عاما في 2009.

وأظهرت مباريات كأس العالم أنه لا يوجد مباريات كثيرة سهلة. وأمام منتخب مكسيكي، سريع الخطى، بدا المنتخب الألماني بطيئا. غيّر لوف اتجاهه فجأة وأجرى تغييرات وحصل على النتيجة المطلوبة أمام المنتخب السويدي. قام بتغيير الأمور مرة أخرى أمام المنتخب الكوري الجنوبي، ولكن عندما اعتمد على اللاعبين القدامى لم يتمكنوا من الارتقاء إلى مستوى الحدث.

مناقشة المستقبل

غراف

ناقش يواكيم لوف المدير الفني للمنتخب مستقبله في تدريب الفريق مع الاتحاد الألماني للعبة خلال الأيام القليلة الماضية، وفقا لما ذكرته وسائل إعلام ألمانية. ونقلت صحيفة “بيلد” الألمانية تصريحات على لسان رينهارد غريندل رئيس الاتحاد يقول خلالها إنه التقى بلوف مساء الأربعاء عقب الخروج من كأس العالم.

وقال غريندل لـ”بيلد” “اتفقنا على أننا سنناقش خلال الأيام القليلة المقبلة كيف ينبغي أن تستمر الأمور”.  وعاد الفريق لمقر إقامته في فاتونتينكي بالقرب من موسكو لقضاء آخر ليلة في روسيا عقب الخسارة 0-2 أمام منتخب كوريا الجنوبية في قازان. وودع المنتخب الألماني، الفائز بالبطولة أربع مرات وبطل العالم في 2014، التظاهرة العالمية من دور المجموعات للمرة الأولى.

وأدت هذه الخسارة إلى تكهنات بمستقبل يواكيم لوف مدرب الفريق، الذي تولى المسؤولية عقب مونديال 2006 ومدد عقده مؤخرا حتى مونديال2022. كما بات مستقبل العديد من اللاعبين الدوليين مثار شك كبير. ولم يستبعد لوف الاستقالة من منصبه، وقال في لقاء تلفزيوني “من المبكر جدا بالنسبة لي الرد على هذا السؤال. نحتاج لساعتين لرؤية كل شيء بوضوح. الحزن بداخلي عميق. لم أكن أتخيل أن نخسر أمام كوريا الجنوبية”.

وقال رينهارد غريندل رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم أن لوف وجهازه الفني سيقومون بتحليل أداء الفريق في روسيا. وقال “سيتعين عليهم شرح ما حدث لنا ومن ثم سنتخذ النتيجة المنطقية”.

ورغم أن المنتخب الألماني لم يسبق له من قبل الخروج من كأس العالم بعد دور المجموعات، إلا أنه عانى من الخروج المبكر ثلاث مرات في البطولة الأوروبية. وفي كل مرة يرحل المدير الفني حيث رحل يوب ديرفال في 1984 وإريش ريبيك في 2000 ورودي فولر في 2004.

فرحة كورية

ابتهج مشجعو كرة القدم الكوريون الجنوبيون، وطالبوا السلطات المحلية بإعفاء عدد من اللاعبين من الخدمة العسكرية الإلزامية، بعد إقصاء منتخبهم لألمانيا حاملة اللقب.

وفي واحدة من كبرى المفاجآت في المونديال الروسي، سجل كل من كيم يونغ غوون وسون هيونغ مين هدفين في الوقت المحتسب بدل ضائع، تسببا بخروج ألمانيا من الدور الأول للمرة الأولى منذ 80 عاما.

واختلف الأمر هذه المرة عما كان عليه بعد مونديال 2014 في البرازيل، عندما استقبل أفراد المنتخب الآسيوي بالاستهجان لعدم تحقيقهم أي فوز.  في حين عوض المنتخب في المسابقة الحالية خسارتيه أمام السويد والمكسيك في الجولتين الأولى والثانية من الدور الأول، بالفوز على ألمانيا، ليتقدم عليها في الترتيب النهائي للمجموعة السادسة بفارق الأهداف.

وعنونت صحيفة “دونغ – آي” اليومية الكورية الجنوبية “لم نتأهل لدور الـ16… لكننا أرسلنا أبطال العالم إلى ديارهم”. وكتبت الصحيفة في صدر صفحتها الأولى “نحن فخورون بكم”، مضيفا “لقد هزت هذه الصدمة كوريا الجنوبية وقلبتها رأسا على عقب”.

وكانت ألمانيا دخلت إلى مباراتها وكوريا الجنوبية، وهي تحتاج إلى الفوز بفارق هدفين لتضمن تأهلها بصرف النظر عن نتيجة المباراة الثانية في المجموعة نفسها بين السويد والمكسيك.

بعض اللاعبين لم يقدموا أفضل مواسمهم، كان من بينهم أوزيل ومولر، وافتقدت الكرة الألمانية لوجود مهاجمين وكانت عاجزة عن إيجاد ميروسلاف كلوزه جديد في الأمام

إلا أن السويد والمكسيك تأهلتا معا لهذا الدور، على رغم فوز الأولى بثلاثية نظيفة. وذكرت وكالة “يونهاب” الكورية الجنوبية، أن “محاربي التايغوك” الذين بلغوا الدور نصف النهائي لنهائيات 2002 التي استضافتها بلادهم واليابان، “أسقطوا معهم” حاملة اللقب.

وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي في كوريا الجنوبية، إغداق عشرات آلالاف من المشجعين رسائل الثناء على أداء المنتخب. وعلق أحدهم قائلا “هذا الفوز تسبب بصدمة أكبر من تأهلنا إلى الدور نصف النهائي لمونديال 2002 (خسرت كوريا الجنوبية أمام ألمانيا بهدف ميكائيل بالاك)”.

وأضاف آخر “من يهتم بعدم تأهلنا لدور الـ16؟ لقد أسقطنا ألمانيا، الرقم واحد في العالم”. وانضم رئيس الوزراء لي ناك يون إلى المشجعين، فغرّد عبر حسابه على “تويتر”، “تغلّب الواقع على خيالنا”، مثمنا أداء اللاعبين.

وطالب المشجعون بإعفاء اللاعبين النجوم من الخدمة العسكرية التي تصل مدتها إلى سنتين، ومنهم جناح توتنهام هوتسبر الإنكليزي سون هيونغ مين والحارس تشو هيون وو. وقال أحد المشجعين “لقد منحونا الكثير من الأمل. يجب ألا تضيع موهبتهم في الخدمة العسكرية”.

الحرس القديم يفتح النار على المنتخب الألماني

برلين- انتقد اللاعبون الألمان السابقون أداء منتخب بلادهم عقب الخروج من مونديال روسيا بالهزيمة المفاجئة أمام كوريا الجنوبية في ختام المجموعة السادسة. وقال لوثر ماتيوس الفائز مع ألمانيا بلقب مونديال 1990 لصحيفة “صن” البريطانية “الآن أعرف بعض الشيء عما كان يشعر به المشجع الإنكليزي لأعوام عديدة”. وأضاف “منذ البداية، في المباراة أمام المكسيك (التي خسرتها ألمانيا 0-1) رأيت جوانب قصور”. وأشار “لم يكن لدينا التشكيل المناسب، لم تكن لدينا روح الفريق، لم يكن لدينا الحماس، ولم يكن لدينا قادة”.

وأكد ماتيوس أكثر اللاعبين مشاركة في تاريخ منتخب ألمانيا، أن المدرب يواكيم لوف يستحق الانتقاد، الفريق افتقد إلى “اللاعبين أصحاب اللعب الرجولي” مثل ساندرو فاغنر مهاجم بايرن ميونخ، أو ليروي ساني الجناح المتألق لمانشستر سيتي. ولم ينضم فاغنر إلى القائمة الأولية لمنتخب ألمانيا التي ضمت 27 لاعبا، ليعلن بعدها اعتزال اللعب الدولي، فيما خرج ساني من القائمة النهائية بعد أن شملته القائمة الأولية للفريق.

وقال فيليكس ماغات اللاعب السابق للمنتخب الألماني والمدرب الفائز بلقب البوندسليغا “المنتخب الوطني بدا كما لو أنه يسير على نفس نهج الاتجاه التنازلي للأندية الألمانية في أوروبا”. وأضاف “لم أتخيل مثل هذا الفشل الذريع” مشيرا إلى أن أداء الفريق “كان بائسا لدرجة أنه ليس من الكافي البحث عن كبش فداء”.

ومن جانبه أوضح المدافع السابق غيدو بوشفالد الفائز بلقب كأس العالم، أنه لا يرى سببا لأجراء تغيير على مستوى المدير الفني. وأشار “لوف قام بمهمة مذهلة على مدار 12 عاما” رغم الإحباط ينبغي تحليل الأمر بهدوء وبعدها ينبغي أن يستمر مع الفريق. وقال المدافع السابق توماس بيرتهولد الفائز بلقب مونديال 1990 مع ألمانيا، أن اتحاد الكرة الألماني ينبغي أن يسأل نفسه ما إذا كان من المنطقي أن يجدد عقد لوف قبل المونديال.

وأشار إلى أن لوف ارتكب أخطاء في اختيار قائمة الفريق المشارك في المونديال. وتابع “أن يستبعد ساني وأن يتجاهل استدعاء مهاجم أخر مثل نيلس بيترسن أو فاغنر هو أمر خطير، وهو خطأ فادح”. وأوضح لاعب الوسط السابق أولاف ثون “هناك الكثير من الأمور ينبغي التعامل معها، في الوقت الراهن أعتقد أن هناك حاجة لإجراء تغيير جذري”.

 

22